امتلاك أدوات رقمية لا يعني امتلاك شرعية إعلامية..محمد حمام لـ”الشعب”:

إخضاع “صناعة المحتوى”لقانـون محكم..ضـرورة حيويـة

موسى دباب

غيـاب الخلفيـة النظريــة والتعامـل العشوائــي مع المعلومـات أنتج فوضـى النشــر الرقمــي

قال أستاذ الإعلام والاتصال بجامعة الجلفة، والباحث المتخصص في أنثروبولوجيا الإعلام والاتصال، البروفيسور محمد حمام، إن صناعة المحتوى الرقمي في الجزائر تحتاج إلى ضبط معرفي ومهني، وشدد على ضرورة أن تكون هذه الصناعة “مواكبة وخاضعة للقوانين ومنظمة”، حتى لا تتحول إلى وسيلة فوضوية لنشر المعلومة.

أشار البروفيسور محمد حمام في تصريح لـ«الشعب” إلى “أن الانطلاقة الرقمية في الجزائر رافقتها مظاهر عشوائية، نتيجة غياب الخلفية النظرية لدى كثير من صانعي المحتوى”، موضحا أن “غالبية منشئي المحتوى لا يتمتعون بمعرفة سابقة أو خلفية سابقة لنظرية الخلفية في الإعلام”، وهو ما يجعل بعضهم “يتصرف وكأن مجرد امتلاك أدوات رقمية يتيح له الحق في بث أي معلومة، دون اعتبار للقطاعات الحساسة التي تحكمها قوانين صارمة”.
وشدد أستاذ الصحافة على “أن التهافت على إنشاء محتوى رقمي دون التمتع بالحد الأدنى من التكوين والتأهيل، من شأنه أن يفرغ المحتوى من قيمته الاتصالية، ويكرس فوضى إعلامية يصعب السيطرة عليها”.
وأضاف حمام أن “بعض صانعي المحتوى لا يملكون اطلاعا كافيا على تقنيات الإلقاء البصري والصوتي، ويتناولون مواضيع قد تمس بالمرفق العام دون وعي بكيفية تقديمها أو تبعاتها”، مضيفا أن “الانفتاح غير المتوازن على القنوات الخارجية يدفع البعض إلى استنساخ مضامين عالمية دون تأقلمها مع السياق المحلي، بل يقدم بعضها بعيدا عن أي قالب إعلامي معروف”.
وفي السياق ذاته، لفت البروفيسور حمام إلى “أن غياب الاحترافية الإعلامية يؤدي إلى إسناد المحتوى إلى أشخاص غير مختصين، مما يفقده المصداقية”، مؤكدا أن “الذي يمتهن المهنة يجب أن يكون له تفكير إعلامي ومفهومية إعلامية على حد قول هابرمارس، في إشارة إلى أهمية الخلفية المفهومية في معالجة الرسائل الإعلامية”.
وأشار محدثنا إلى “أن قانون 23 - 13 المعدل، تطرق إلى سبل تحسين المحتوى، حيث ذكر كل الإجابات التي تحسن المحتوى في الجزائر، وأعطى تفاصيل كثيرة جدا لكيفية التأقلم مع الخبر ومع الحصول على المعلومة، التي هي حق أساسي كما نص عليها الدستور الجزائري”.
وعن أبرز التحديات التي تواجه صانعي المحتوى، يرى الباحث والمتخصص في أنثروبولوجيا الإعلام والاتصال أن “من أخطرها دخول الذكاء الاصطناعي بقوة إلى مجال الإعلام” ، مشير إلى “أننا في انتظار ما يسمى باستنساخ الصحفي الإلكتروني، وهو ما يفرض تحديا معرفيا وتقنيا حقيقيا على الصانعين التقليديين. وتابع قائلا “أصبح للمحتوى بعد إلكتروني، يستطيع الإنسان الافتراضي أن ينقل موضوعا مباشرة من الذكاء الاصطناعي ويقدمه على أساس أنه صناعة محتوى”.
كما يرى أيضا أن هناك تحديا آخر لا يقل أهمية، يتمثل في “الجهل ببعض القوانين، وعدم التقرب عن طريق الرسكلة في المعاهد المتخصصة لأخذ المعلومات التي تنير الطريق الصحيح إلى المعلومة”، مؤكدا أنه لا يمكن لصناعة المحتوى أن تتطور دون تأطير قانوني ومؤسساتي واضح”.
وفيما يخص شروط نجاح المحتوى الرقمي، يعتبر البروفيسور حمام أن ذلك لا يتحقق إلا إذا “لاءم المحتوى الثوابت الوطنية، واحترم مبدأ الإنسانية، والدين، واللغة، والأساليب الخاصة بالعمل الصحفي”، كما شدد على “ضرورة أن يعتمد صانعو المحتوى على مصادر موثوقة ومختصة، وعدم اللجوء إلى أشخاص خارج الاختصاص لإبداء الرأي في قضايا دقيقة” وقال “لا يمكن أن يقوم بإدخال شخصيات خارجة عن الموضوع ويطلب منها تأكيد مثلا الحدث”.
وأكد  البروفيسور حمام أن التنسيق بين صانعي المحتوى ومعاهد الإعلام في الجامعات أمر ضروري، داعيا إلى “أن يحسن صانعو المحتوى من إمكاناتهم المعرفية والعلمية الإعلامية عن طريق التقرب إلى جامعات الوطن، خاصة معاهد الإعلام والاتصال”.
واقترح تنظيم لقاءات رسمية لمرافقة هذا القطاع، قائلا “أقترح تنظيم جلسات قانونية مشتركة بين وزارة الاتصال ووزارة الداخلية وكذا الولاية، فيما يسمى بالمحتوى المحلي، من أجل الإلمام وتوضيح الأطر القانونية المناسبة التي تنظم عملية صناعة المحتوى في الجزائر أو حتى في العالم العربي والدولي”.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19841

العدد 19841

الثلاثاء 05 أوث 2025
العدد 19840

العدد 19840

الإثنين 04 أوث 2025
العدد 19839

العدد 19839

الأحد 03 أوث 2025
العدد 19838

العدد 19838

الجمعة 01 أوث 2025