أُعلن، أمس، في ندوة صحفية بقصر الثقافة مفدي زكريا نشطها مدير الحماية القانونية للممتلكات الثقافية وتثمين التراث مراد بتروني، عن افتتاح شهر التراث لسنة 2015 والذي بدأ من 18 أفريل الجاري وإلى غاية 18 ماي، وتحمل هذه الطبعة المتزامنة مع احتفاليين هامين هما ستينية الثورة وتظاهرة قسنطينة عاصمة الثقافة العربية شعار “التراث والإقليم”.
شرح مراد بتروني الرؤيا الجديدة التي تتميز بها هده الطبعة عن سابقاتها، حيث ستقدم مناسبة شهر التراث ٢٠١٥ في قالب مختلف يتجاوز نطاق المعالم الكبرى والأثرية التي لا تزال تطبع حسبه مخيلتنا فيما يخص التراث إلى معنى وبعد آخر هو البعد المساحي وهذا في إطار صياغة إقليمية يشملها المخطط الوطني لتهيئة الإقليم أنجز في 2010 ويمتد إلى آفاق 2030.
واعتبر بتروني أن هذا المخطط، الذي جاء فيه لأول مرة ذكر عنصري الهوية والإقليم، اعتراف صريح يسمح بتبني رؤية مسبقة تخص التخطيط السياسي والاستراتيجي للتراث، الذي لا يرتكز فقط على القيم الثقافية، التاريخية، الفنية والجمالية وإنما ينطبق على مستوى الإقليم والهوية، هذان الأخيران حسب بتروني يساهمان في إعادة بناء الهوية الجزائرية التي تترجم من خلال الحجة الإقليمية وذلك بوضع شبكة دائمة للأماكن الرمزية والتراثية وفق تصور جزائري، حيث يرى أن ما تم البحث فيه واكتشافه سابقا من معالم تراثية كان وفق مخطط استعماري لا يمت للهوية الوطنية بصلة.
وأكد بتروني على أن الدفاع والأمن الثقافيين للإقليم لا يتمان إلا بالمرور عبر تحديد العناصر ذات الصلة التي تمهد لإعداد مختلف سيناريوهات مخططات التطوير والتي ينبغي حسبه أن تتضمن المحددات والمراجع الثقافية التي تسمح بالمحافظة على الهوية الوطنية، موضحا أن المخططات الاستشرافية لتهيئة الإقليم آفاق 2030، لا تتعلق بإعطاء صورة “للإقليم الجزائري” وإنما بإعادة الصورة “للإقليم الجزائري” عن طريق إعادة بناء واسترداد التاريخ والذاكرة وإبراز الخصوصيات المادية واللامادية الكامنة وراء القيم الروحية ،الوجدانية، الرمزية والتاريخية التي تحقق التوازن بين ماضينا، حاضرنا ومستقبلنا.
وترتكز حسب بتروني هذه الطبعة في تصورها الجديد الذي تكرسه المنظومة التراثية للمخطط الوطني لتهيئة الإقليم على فكرتين أساسيتين هما أن يبرز التنظيم والتوازن المساحي للمنظومة التراثية الاختلاف ما بين تهيئة الفضاء الجغرافي الذي ينطبق في الواقع على التقسيم الإداري والإنتاج المستمر للإقليم الذي يتم من طرف الأشخاص الحاملين للهوية والتماسك الاجتماعي، ومن هنا دعا بتروني إلى إشراك جميع فعاليات المجتمع للحفاظ على التراث سواء المادي أو اللامادي. أما الفكرة الأخرى فهي إعادة التوازن الإقليمي أو الإنصاف الإقليمي عبر إحياء تراث منسي خاصة في الولايات التي تفتقد لمثل هده المعالم التاريخية من خلال النشاطات التي تنظمها الولايات في إطار التقسيمات الكبرى لفضاءات البرمجة التسع المنصوص عليها في المخطط الوطني لتهيئة الإقليم، فهل يعقل يتساءل بتروني أن تكون هنالك ولايات لا تملك أي تراث أو لم تعطى له الأهمية الكافية ما أدى بهده الولاية إلى فقد جميع الإمتيازات خاصة من الجانب الاقتصادي.
وأعطت السيدة حنكور خلال الندوة عرضا مفصلا للنشاطات التي ستمس جميع الولايات وفق التصور الجديد وتعيد الأهمية للكثير من المعالم التاريخية من الحقبة الاستعمارية، كالسجون، خطي شال وموريس، بالإضافة للتراث الذي لم يسبق الاهتمام به كالبدو مثلا وكذا إشراك المجتمع المدني في نشاطات هذا الشهر. وحسب حنكور لا يمكننا الحديث عن إحداث التوازن المطلوب إلا بعد خمس سنوات على الأقل.
وعن سؤال “الشعب” حول إشراك الجامعات والبحث العلمي في مجال التراث، للقضاء على اللاتوازن الدي خلفه الاستعمار، أجاب بتروني أن الباحثين مازالوا يعتمدون على الملموس في بحوثهم وهنا يجب تغيير النظرة في منظومة التعليم العالي والبحث العلمي بما يبرز الهوية الجزائرية ويعطي توازنا للإقليم الوطني.