يُعد النشر الأدبي بالجرائد اليومية والأسبوعية أمرا عاديا بل هو تقليد راسخ منذ القديم، كانت بدايات كثيرا من الأدباء العرب على فضاء الصحافة المكتوبة سواء الجنس القصصي أو الروائي، هذا الأخير ينشر بشكل متسلسل ..وعلى الرغم من توّفر منابر متخصصة لديهم مازالت الجرائد اليومية تنشر مثل هذه الأعمال الأدبية.. بالنسبة للجزائر غياب المنبر الإعلامي المتخصص في ذلك يفرض في اعتقادي، مساهمة الصحف اليومية والأسبوعية في نشر العمل الأدبي، فمثلما يُوجد رواد للصفحات الإشهارية أو السياسية وغيرها، يوجد أيضا رواد للمنشورات الأدبية، ثم إنهم بذلك يوفرون فضاء حيث يمكن للمبدع الأدبي نشر عمله، ولعل جنس القصة القصيرة من بين الأجناس الأدبية التي فرضا لها أكبر حظ في النشر اعتبارا لقصرها من جهة، وسهولة قراءتها بالنسبة للقارئ العادي من جهة أخرى، وهذا ما تفعله كثير من الجرائد الجزائرية المكتوبة باللغة الفرنسية، فضلا على نشرها للرواية المتسلسلة وقد أصبح ذلك تقليدا بالنسبة لها...
القصة القصيرة هي في اعتقادي ضحية كاتبها أولا ثم الناشر ثانيا، أما كاتبها فهو عادة ما يتخذها وبنية مسبقة، كوسيلة مرحلية تُمهد له عالم الكتابة الروائية، بمجرد ما تصنع له القصة القصيرة ظهورا ولو خافتا، يهجرها إلى الرواية، حتى أضحت القصة القصيرة ممهدا لابد منه للمرور إلى الكتابة الروائية، ولم ينجو أي كاتب جزائري من هذه المعادلة بما فيهم شخصي، قليل منا استمر وفاؤه للقصة القصيرة صاحبة الفضل في بروزه .. أما الناشر فمنظوره يقتصر ربما، على الجانب التجاري وهامش الربح، الطلب على الرواية أكثر منه على المجموعة القصصية والترويج لها في كل حين حتى أضحت منتوجا تجاريا أكثر منه أدبيا، فلم المغامرة إذن، في نشر مجموعة قصصية لا تدر عليها ربحا ماليا يذكر؟...
يبدو أنه عصر الرواية بامتياز لما يوفره من فضاء لا محدود يوفر للكاتب فرصة المغامرة واستعراض مهارته الفنية والفكرية ورؤاه المختلفة فيما يلتصق بكل المفاهيم الحياتية بالنسبة الإنسان، هذا عامل مغر جذب كل مغامر مبدع يسعى إلى خوض غمار الكتابة الروائية، وهنا تكمن الخيانة بامتياز لجنس القصة القصيرة التي فتحت له شهية ذلك، ومهدت له الطريق أيضا.. هذا الجنس الأدبي المختصر المفيد والجميل سُدت قبالته ربما فرصة النشر في كتاب، ولا يجد بديلا سوى الظهور على صفحات الجرائد اليومية والأسبوعية في غياب المنبر المتخصص في ذلك وهو جنس عملي في اعتقادي، بالنسبة للجرائد اعتبارا لقصره وسهولة قراءته، بهذا فقط يمكن التخفيف من حدة انتصار وانتشار الجنس الأدبي الروائي.
إنه عصر الرواية بامتياز لما يوفره من فضاء لا محدود
شوهد:800 مرة