انسحاب القصة بالإكراه

أعتقد أن انسحاب القصة القصيرة من الصحافة يرجع إلى النشر الافتراضي.. من خلال المنتديات الأدبية والمجلات الإلكترونية والشاشة الزرقاء.. التي ليس لها غربال ولا معايير، وفي زمن مضى كانت القصة القصيرة من لها الفضل والأولوية بين الصحف والمجلات الورقية. ولأنها فن مرغوب، كانت تخدم الجريدة التي تخصص لها صفحة ..أتذكر جريدة الخبر على سبيل المثال لا الحصر ..كانت تزيد من مبيعاتها وكذلك الأمر بالنسبة للعالم السياسي والشروق الثقافي.. التي كانت تضع الغربال ولا تنشر إلا الجميل والمبدع، وكانت تباع مثل الفول السوداني . أما الآن فأعتقد بأن الصحافة هي من تخلت فانسحبت القصة بالإكراه ..وللصحافة مبررات منها الغرض التجاري والرياضي وجلب القراء لها ..تريد الكم لا الكيف ..تشغلها الكلمات السهمية والمشاكل الاجتماعية .. وتوفير ما يتطلبه الجمهور العايز كدّه ..تجري وراء السراب فأصيبت بالتلف إن صحّ التعبير، محدثكم كان يكتب وينشر باستمرار، يوم كان للنشر الورقي قيمته ومصداقيته وبدخول النت الذي تزامن مع تراجع الصحف تراجعت: الخير بالخير والبادي به أكرم والشر بالشر والبادي به أظلم “تراجعت وبقيت وفيا للقصة رغم تحول البعض إلى الرواية إيمانا مني بأنها اللون الأدبي الذي رضعته مع الحليب بعد الملحون وهي الطلقة الوحيدة التي تمكنني من قنص الحباري. ومن جهة أطلب الكلمة لأوجه بعض اللوم لبعض الصحف لأنها مقصرة في حق الأدب برمته وليست القصة وحدها، ولا نشر أحيانا إلا من خلال الصداقة والاخوانيات ..والأمزجة ..هذا كاتب قصة بدوي لا يشرفني النشر له، هي ظاهرة لا يختلف فيها اثنان ..ولا أعمم ..فيه قصاصين فازوا بجوائز عربية ودولية ولم تذكر أسماءهم في الجرائد . لذلك لا يمكنني أن أراشق القصة حينما تنسحب ومازلت معتقدا بأن الصحافة من بادرت بالتقصير، أذكر على سبيل المثال لا الحصر الروائي سمير قاسمي الذي تناولته الأقلام الناقدة وتكلم عنه المتكلمون ..أطرح سؤال ..ما الذي قامت به الصحافة في حقّ القاص والروائي سمير قاسمي؟ ..فسمير وغيره لا بد وأن يعطي الإشارة لقصصه بأن تنسحب لاجئة إلى المجلات الرقمية والفيسبوكية ...بصريح العبارة انسحاب القصة جاء نتيجة تقصير الصحافة المعلن، ولم تلعب دورها وتشجع وتروج لما فيه الكفاية. ولم تعد تحتضنها كالسابق رغم أنها مازلت تناسيها من حيث الحجم بغض النظر عن اللوحة الفنية. أما مسألة إحجام الناشرين على نشر المجموعات القصصية فيرجع ذلك إلى الغرض التجاري المحض لأن الرواية أصبحت مطلوبة بكثرة من قبل الطلاب والطالبات وتباع أكثر من المجموعات القصصية ويعتبر ذلك انتصار للرواية على حساب القصة وحتى الشعر الذي تحول أصحابه للسبب ذاته. فالأمر عادي والإبداع هو الأهم وفي الأخير أعتقد بأن الصحافة لها الحق للترويج لإبداع يطلبه المتلقي فالإجحاف أن تصمت عن هذا على حساب ذاك ...فالرواية أصبحت محل بحث الطلاب والجامعيين، كما ذكرت آنفا والأديب من حقه أن يبحث عن مهتمين وقرّاء ليبرز من خلال أدبه.

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19629

العدد 19629

الجمعة 22 نوفمبر 2024
العدد 19628

العدد 19628

الأربعاء 20 نوفمبر 2024
العدد 19627

العدد 19627

الثلاثاء 19 نوفمبر 2024
العدد 19626

العدد 19626

الثلاثاء 19 نوفمبر 2024