الشاعرة ريم معروف تفتح قلبها لـ” الشعب”:

الوطن يحتاج بناة لصرح مجد حضارته التي لا تفنى

^ تقول أن الشعر طريقتها في بناء الوطن، حامل رسالتها وفحوى قضيتها، تمارس من خلاله واجبها وحقها في البناء فهي تعمل على ترميم جدران القلوب المتفسخة، تتدفق كلماتها عذبة سلسبيلا على المتلقي من خلال ترويضها للغة وتمرسها في محاكاة الحرف والمعنى، وأنت تقرأ لها تشعر بأن قافية العرب تجمعت حول قصيدها، وجعلته يمتثل لملكة الشعر داخلها، كاتبة وإعلامية من الشام فتحت قلبها لقراء “الشعب “ ومن خلال هذا الحوار نكتشف معا مواطن الوجع والفرح والحيرة في قصائدها ولست أقول جازما إن أطلقت عليها أم الشهيد لذكرى طفلها الذي افتقدته في زحمة المخاض الذي يعيشها الشام.

الشعب: لو منحنا الشاعرة ريم معروف نافذة لتقديم نفسها ماذا يمكنها أن تقول؟.
 الشاعرة ريم: ريم إنسانة بسيطة مفعمة بالطبيعة تسكنها القرية الهادئة بكل ملامحها ومضامينها العريقة بأبعاد التكوين العذري والنظرة التجريدية وحقيقة لا أعرف نفسي تماما لأملك حق الحديث عنها.
الشعر يتدفق عناقيدا يرسم غربتك ما تفسير ذلك ؟
عناقيد تدلّت من عرائش الوطن التي تظللنا شئنا أم أبينا .. نعتصر منها خمر القصائد  لنسكر هائمين بعشق هذه الأرض وما غربة الفراق أصعب من غربة مغترب في وطنه عندما يصبح الوطن غريبا عنك وأنت جاثٍ في مكانك لم تبرح متشبثا بجذورك كشجرة سنديان تقف في وجه الريح فلا تضيرها عاصفة تقدم روحك وأغلى من لديك وما لديك لتحافظ على سلامة المعنى الحقيقي لكلمة وطن وهنا تكمن مرارة الألم في مجابهة الغربة فما أقسى حكم اليتيم على أبيه وما أحزن خطوات الغريب في وطنه.
عادة تكون الصدمة قوة صامتة أليس كذلك؟
عندما نرتبط مباشرة بالقوة العظمى لا يعود لقوة الصدمة تأثير بليغ أو محطة عظيمة في مسار حياتنا، فأنا لا أنكر وقع الصدمة وما غيّرته في مناحي حياتي عامة ولكنني مترفعة عنها وأظن أني نجحت بتجاوزها فما معنى أن تقضي حياتك بالبحث عن الجمال لتحقيق تواصل تسمو به عن كل ما يخلّ بقوانين الطبيعة، إذا لم تنل منه اختلافا ما في التعاطي مع الأحداث وباختصار قوتي الكامنة بالإيمان أقوى من أي صدمة وهي التي أستمد منها طاقتي الحيوية والمعنوية للإستمرار بأفضل ما يمكن.
هل معناه إلى جانب الشعر هناك هوايات أخرى ؟
 كانت لدي موهبة الرسم ولكني لم أواظب على تنميتها وهي إلى الآن البديل الوحيد في غياب القصيدة.

التواصل والقطيعة

أين يكمن الخلل في عدم التواصل بين الأدباء العرب في ما بينهم ؟
غياب التواصل باعتقادي يعود إلى أسباب كثيرة وأهمها قلة الاهتمام من قبل الوزارات والمؤسسات المعنية من جهة وانخفاض منسوب السموّ في بحر الأدب من جهة ثانية فما  يغريك للتواصل على مستوى شخصي مثلا هو حضور النص المتكامل بجمالية الشكل والمعنى والتوازن الدقيق بين الموسيقى الخارجية والداخلية ليبدو عملا فنيا مقروءا بالعين والقلب معا.
هل هناك مشروع لجمع هذه الذاكرة المتفرقة ؟
نعم لدي بفضل الله كتاب “ذاكرة الأوجاع” الذي ضم كتاباتي النثرية وهي أولى تجاربي في مجال النثر وكتاب “بين الدخان و الرماد” وكتاب “ هنا دمشق “ على طريق النشر وهو مجموعة قصائد عمودية.
تتمسكين بعمود الشعر في جل قصائدك هل الأمر متعلق بالرسالة ؟
 حقيقة هو أسلوب يتبع الحالة المراد وصفها وربما يحتاج بناة لصرح مجد حضارته التي لن تفنى بفنائكم كما أنه يمثل مسرحا لعرض براعة الشاعر وقدرته على الإبداع في إيصال المعنى برسالة أنيقة تصل القارئ على شكل هدية بشريطة حمراء معطّرة فيفتحها بهدوء الواثق من المرسِل ليكتشف عمق المفاجأة ويغوص بتأمل عميق يرسم ابتسامة رضا على لوحة وجهه ويترك في نفسه أثرا لا يمّحي وهذا مرتبط بشفافية الشاعر.
لمن تقرأ الشاعرة ريم من الأدب الجزائري؟
طبعا كمعظم السوريين قرأت كل ما كتبت الأديبة العظيمة بنت الجزائر أحلام مستغانمي وكانت بوابتي الثانية للولوج إلى عالم الحضارات وأرض الثورة بلد المليون شهيد بعد كتب التاريخ المدرسية التي عرّفتنا كأطفال قيمة هذا البلد العربي العريق وتاريخه المشرق.. كما قرأت الكثيرين أيضا من الشعراء والكتاب في مختلف المجالات الأدبية ولا شك أن الأدب الجزائري له بصمة واضحة بجناحين محلقين في سماء الأدب والفكر العربي العريق قديما وحديثا وهو منهل معين في شتى المجالات.
 ماذا يمثل لك هذا الثالوث: الوطن، الحب والأرض ؟
 حقيقة هذا هو الثلاثي المقدس المرتبط بحبل السرة الموزع في أنحاء الجسد وحنايا الروح المختصر بالمحبة فلا وطن ولا أرض ولا شعر من غير حب ولا حب من غير أرض ووطن فنحن الحب والأرض والوطن .. ونحن روح القصيدة الخالدة.
 
رسالة إلى الوطن المفدى

هل من رسالة إلى الوطن سوريا اليوم ؟
أقول لهم لقد أضعتم صدر الحبيبة وبداية الرحيل إلى النهارات المضيئة التي تلد شمسا جديدة في كل صباح يشرق في أعين عشاق الوطن قمحا وسنابلا .. لقد اخترتم العتمة الأبدية فشكرا لهذا المتّسع الذي أخليتموه لنا لأن الوطن لا يحتاج قتلة لجغرافيته وتاريخه بل يحتاج بناة لصرح مجد حضارته التي لن تفنى بفنائكم وأنتم تمارسون طقوس الانتحار بظلام أرواحكم .. أما نحن فنمارس طقس الصمود والوقوف متعامدين مع شمس الوطن التي لا تغيب، أنتم أعداء أنفسكم بتطرفكم هذا فلسنا نقبلكم حتى أعداء لنا ونرفض أن يكون عدو اليوم هو ذاته صديق الأمس فقط نعتبر أنه قد أصابكم مس شيطاني فندعو لكم بالشفاء أو نطالبكم بالرحيل فهذه أرض القداسة والطهارة لا تحتمل رجس الشياطين.

ماذا تعني لك هذه التسميات ؟
حمص : ذكرياتي
سوريا : حبيبتي
الجزائر : حبيبة حبيبتي
الشعر : وطن
اللون الأحمر : بداية اللون الأخضر
من عادة الحوار الذي نجريه أن نترك للضيف سؤالا يوجهه ويجيب عنه ؟
سؤالي هو .. لماذا اخترت الشعر وطنا بحضور الوطن سوريا وحمص وأيضا الجزائر الأزمة الراهنة وأحاول جاهدة بث المحبة والأمل رغم الحزن لنرتقي معا إلى وطن بأسس داخلية تعتمد ثقافة الروح لبرمجتها على منهج الحق وبالتالي لتحقيق توازن بين المعنى والمبنى .
فالوطن محبة وإخاء وتسامح وتكافل وتكامل والوطن اختصار لملايين النفوس العابرة على أرضه فإما تتحد لتبنيه وإما تتفرق لتهدمه وفي كل ثمرة أصل بذرتها خالص شكري وتقديري لك ولكل القائمين على جريدة الشعب أم الجرائد الجزائرية وخالص محبتي لشعب الجزائر أخوة النضال والتضحيات العظيمة مع فارق الزمن من سوريا الصمود والتصدي من جبالها وبحرها وباديتها  من رائحة دماء الشهداء في هوائها وسنابل القمح النابت بدمائهم في ترابها ومن شموخ الجنود البواسل على جبهاته تحية ملء الروح يا جزائر.

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19522

العدد 19522

السبت 20 جويلية 2024
العدد 19521

العدد 19521

الخميس 18 جويلية 2024
العدد 19520

العدد 19520

الأربعاء 17 جويلية 2024
العدد 19519

العدد 19519

الثلاثاء 16 جويلية 2024