على وقع أنغام المالوف العريقة، لبست قسنطينة حلتها الفنية، حيث تحوّل المسرح الجهوي محمد الطاهر فرقاني إلى جسر بين الماضي والحاضر، واحتضن جمهوراً غفيراً جاء ليشهد فعاليات الطبعة الثالثة عشرة من المهرجان الدولي للمالوف، الذي يرفع هذا العام شعار “من المدرسة إلى العالمية”.
أشرف على حفل الافتتاح والي ولاية قسنطينة عبد الخالق صيودة، بحضور القائم بأعمال سفارة تونس بالجزائر، ضيف شرف الدورة، إلى جانب السلطات المحلية، محافظ المهرجان إلياس بن باكير، وجمع من الفنانين والمهتمين بالتراث الموسيقي.
وأكد الوالي في كلمته أن “المالوف ذاكرة قسنطينة الموشحة بالنوتات، وصرخة جمال بأن الفن الذي صنع وجداننا باقٍ، حفاظاً على التاريخ والتراث الفني في حاضر الجزائر ومستقبلها”، مشدداً على اهتمام الدولة بقيادة رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون بدعم الفنانين وتكريس حقوقهم الاجتماعية والمهنية.
من جانبه، كشف محافظ المهرجان أن هذه الطبعة تسعى لتثمين المالوف والارتقاء به إلى العالمية، من خلال حفلات داخل وخارج الولاية، وصولاً إلى تنظيم حفل ضخم بالعاصمة يجمع مدارس هذا الفن، مع إصدار موسوعة موسيقية تحت عنوان “سفينة قسنطينة” بعد سنة كاملة من البحث والتوثيق.
الطبعة 13 تعرف مشاركة تسع دول من بينها تونس كضيف شرف، وأكثر من 140 فناناً وموسيقياً، إلى جانب تنظيم ورشات تكوينية ومحاضرات، بما يعكس الطابع الدولي والتكويني للمهرجان.
وقد استمتع الجمهور بعرض “حضرة وديوان” الذي قاده المايسترو رضا بودباغ رفقة أصوات شابة من الجزائر، حملت الحاضرين في رحلة صوفية بين الطرب والوجد. كما تم تكريم عدد من الأسماء البارزة في مسيرة المالوف، على غرار الفنان التونسي الراحل طاهر غرسة، والشيخ محمد الطاهر فرقاني، إضافة إلى تكريم الفنانين رضا بودباغ، عادل مغواش، ومالك شلوق.
وبدا المشهد في قسنطينة أشبه بعرس ثقافي يعيد الاعتبار لذاكرة المدينة الموسيقية، حيث اختلطت المشاعر بين الحنين إلى الرواد والاعتزاز بجيل جديد يحمل المشعل، لتؤكد المدينة مرة أخرى أن المالوف ليس مجرد تراث محلي، بل هو رسالة فنية عابرة للحدود، من المدرسة إلى العالمية.
