مشروع علمي رائد يرفع ذكر المؤرخ لمنور مروش

استكتـاب حـول “أعـلام الفكر والسياسة بالجزائر المحروســة”

أسامة إفراح

يشرف الأكاديميان المختصان في التاريخ، الدكتور الصالح بن سالم والدكتور خير الدين سعيدي، على استكتاب جماعي بعنوان “معجم أعلام الفكر والسياسة بالجزائر المحروسة (1519 - 1830)”. ويهدف هذا الكتاب الجماعي، المهدى لروح المؤرخ لمنور مروش رحمه الله، إلى توثيق وترجمة سير أعلام الفكر والسياسة في الجزائر خلال العهد العثماني. ودعا المشرفان على الاستكتاب جميع طلبة وأساتذة التاريخ بالجامعات الجزائرية إلى المشاركة في هذا المشروع العلمي.

وجّه كل من الدكتور الصالح بن سالم (جامعة برج بوعريريج) والدكتور خير الدين سعيدي (جامعة سطيف 2) دعوة لجميع طلبة وأساتذة التاريخ بالجامعات الجزائرية، للمشاركة في الاستكتاب الجماعي الذي يشرفان عليه، ويحمل عنوان “معجم أعلام الفكر والسياسة بالجزائر المحروسة (1519 - 1830).
وأكد المشرفان على المشروع أن هذا الأخير يأتي “تثمينا لثقافة الاعتراف، واحتفاءً بالمنجز العلمي للمؤرخ لمنور مروش رحمه الله (1932-2024)”.
وحُدد آخر أجل لاستقبال المقترحات بتاريخ 22 مارس الجاري، والمشاركات النهائية بتاريخ الفاتح جويلية المقبل، على أن يصدر الكتاب في أكتوبر من السنة الجارية، عن دار كوكب العلوم للنشر والطباعة والتوزيع.
وهذا الكتاب الجماعي “خطوة أولى نحو إعادة إحياء ثقافة الاعتراف التي يجب أن تزرع في وجدان هذا الجيل، لتصبح تقليداً يتناقله أجيال الجزائر. وعبر هذه المبادرة، ندعو الباحثين من أساتذة وطلاب الدراسات العليا، خاصة في تخصص التاريخ، للمشاركة في هذا الجهد الجماعي”، يقول القائمون على المشروع، مضيفين بأن الهدف منه مزدوج: أولاً، تكريم الباحث والمؤرخ المنور مروش، وثانياً، “تعريف القراء والمثقفين ببعض أعلام الجزائر الذين لا يحق لنا أن نتجاهل دورهم.”
وعن فكرة هذا المشروع وموضوعه، يرى منظمو الاستكتاب أن الاهتمام بأعلام الفكر والسياسة في بلد ما يُعَدّ بمثابة بناء حصن يحمي هويته الوطنية، فهؤلاء الأعلام يمثلون الركائز التي أرست القيم والمبادئ الأساسية لهذه الدول، كما أنهم كانوا في وقت ما صوت الشعب، ومرآة طموحاته وآماله.
ومن خلال دراسة آثارهم ومسارات حياتهم وأعمالهم، تسهم دون شك في تأسيس مجتمع واع ومثقف، يعتز بأسلافه، ويتفاعل مع إرثهم المعرفي، ويصبح أكثر قدرة على مواجهة التحدّيات وحماية مكتسباتهم. كما أن الاعتزاز بهؤلاء الأعلام يُعدّ أيضاً حافزاً للأجيال الناشئة للسعي نحو تحقيق الإنجازات، وتعزيز روح الانتماء للوطن.
والتعريف بأعلام الجزائر، سواء للقارئ المثقف أو للباحث الأكاديمي، هو استثمار استراتيجي في مستقبل البلاد. فمن خلال الاطلاع على إسهامات هؤلاء العلماء والمفكرين، نستمد الإلهام، ونوسع آفاق البحث والإبداع، ونكتسب المعارف التي تساعدنا على مواجهة التحديات التي تعترض طريق الجزائر. وتوثيق أعلام الفكر يعزّز ارتباطنا بهويتنا الوطنية، ويقوّي شعور الانتماء إلى الوطن. فالأجيال الحالية والمقبلة بحاجة إلى معرفة جذورها، وإلى استيعاب المسار الذي أوصلها إلى الحاضر، كي تتمكن من بناء مستقبل مشرق قائم على إرث مشرف لأجدادهم وآبائهم.
«وفي هذا الإطار، جاءت فكرة إعداد مشروع بهدف توثيق وترجمة سير أعلام الفكر والسياسة في الجزائر خلال العهد العثماني، وقد خصصنا هذا العمل لإحياء ذكرى أحد أبرز أعلام الجزائر، المؤرخ الراحل المنور مروش، تكريماً لإسهاماته واعترافاً بفضله في خدمة الوطن والدفاع عن قضاياه”، يضيف ذات المصدر.
ويشمل الاستكتاب ثلاثة محاور أساسية: المحور الأول تحت عنوان “المنور مروش مسيرة مجاهد ومسار مؤرخ”، ويتطرق إلى مولد الراحل ونشأته العلمية، دراسته بالزيتونة والقاهرة، انخراطه في الثورة التحريرية، نشاطه ضمن رابطة الطلبة الجزائريين، نشاطه الإعلامي بجريدة المجاهد، مساره الجامعي ضمن تخصص التاريخ، مسيرته المهنية بعد الاستقلال، منجزه العلمي، وقراءة في مؤلفاته.
أما المحور الثاني فيسلط الضوء على أعلام الفكر مثل أحمد بن يوسف الملياني، محمد بن علي السنوسي، أحمد التيجاني، عبد الكريم الفكون، محمد أبو راس الناصري، محمد بن العنابي، حمدان بن عثمان خوجة، أحمد الشريف الزهار، الحسين الورثيلاني، أحمد بن عمار الجزائري، سعيد قدورة، محمد بن علي الخروبي، أحمد بن قاسم البوني، عبد الرحمن المجاجي، أحمد المقري، عيسى الثعالبي، يحيى الشاوي، مصطفى الرماصي، علي ابن حمزة الجزائري، عبد الرحمن الأخضري، وغيرهم.
فيما خُصص المحور الثالث لأعلام السياسة من أمثال عروج، خير الدين بربروس، حسن باشا بن خير الدين، حسن آغا، صالح رايس، العلج علي، حسن فنزيانو، الرايس حميدو، مصطفى باشا، محمد بن عثمان باشا، أحمد بن القاضي، سالم التومي، عبد العزيز العباسي، مصطفى بوشلاغم، الداي حسين، صالح باي، الباي محمد الكبير، الحاج أحمد باي، مصطفى بومزراق، وغيرهم.
للتذكير، لمنور مروش مؤرخ جزائري، تخصص في تاريخ شمال أفريقيا، والجزائر على وجه الخصوص، خلال الفترة العثمانية. وُلد في 1933 بقرية أولاد لعياضي ببلدية برج الغدير في ولاية برج بوعريريج، ونشأ في أسرة محافظة حرصت على تعليمه، فتدرّج بذلك في مدرسة التهذيب التابعة لجمعية العلماء المسلمين الجزائريين، فحاز الشهادة الابتدائية سنة 1947، ثم تحصل على إجازة من قبل الجمعية للدراسة في جامع الزيتونة بتونس، وقد نشرت جريدة البصائر حينها اسمه ضمن الطلبة المتفوّقين. وبتونس درس مدة ثلاث سنوات حاز خلالها على شهادة التحصيل العلمي لينتقل للقاهرة في مصر سنة 1952، وهناك قرّر إكمال مشواره العلمي بجامعة القاهرة وبالتحديد في شعبة التاريخ. وحينما اندلعت ثورة التحرير الجزائرية، كان لمنور مروش طالبًا بجامعة القاهرة، وقرّر الانضمام للثورة مبكّرًا. توفي مروش يوم الأربعاء 14 أوت 2024 عن عمر ناهز 92 سنة، بعد معاناة مع المرض، تاركا وراءه مؤلفات منها “أبحاث في تاريخ الجزائر العثمانية العملات، الأسعار والمداخيل من 1520 إلى 1830”.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19720

العدد 19720

الإثنين 10 مارس 2025
العدد 19719

العدد 19719

الأحد 09 مارس 2025
العدد 19718

العدد 19718

السبت 08 مارس 2025
العدد 19717

العدد 19717

الخميس 06 مارس 2025