نظمت المؤسسة الجزائرية صناعة الغد، أمس الأول، في إطار نشاطاتها الشهرية، أول حدث تجريبي تحت مسمى فطور صباح الاستشراف، الذي استضاف الأديب الإعلامي يوسف شنيتي لمناقشة موضوع: الثقافة والصحافة أي مشهد مستقبلي؟، وذلك بقاعة المطالعة العمومية، حي زرهوني مختار، الجزائر العاصمة.
وحضر الندوة الأولى لـ«فطور الصباح” ممثل وزير الثقافة والفنون، إسماعيل انزارن، وعضو مجلس الأمة السابق محمد فلاح، ورئيس رابطة الكفاءات الجزائرية الدكتور بن حروف المحمد، ورئيس الكشافة الإسلامية الأسبق محمد بوعلاق، وسفير مبادرة صناعة الغد باديس فضلاء، وثلة من كتاب ومثقفي الجزائر. أبرز شنيتي في مداخلته أن “العلاقة بين الثقافة والصحافة والإعلام متشابكة ومتداخلة، وبينهما تأثير متبادل من خلال نقل الثقافة بناء الوعي، تعزيز التفاعل وكذا بث المعلومات”، وقال إن “وظائف الإعلام الثمانية مبنية على الحرية لتعزيز سلطته تماما، كما أن الثقافة هي الأخرى تحتاج إلى الحرية لتعزيز الاستقلالية والفعل النقدي.
وأشار شنيتي إلى أن هناك تحديات جمة حالية وفي الأفق القريب والمتوسط تواجه الإعلام والثقافة معا كسلطة ورأي وخبر. ومنها التقنيات الرقمية والإعلام الجديد والتحولات في أنماط الاستهلاك الثقافي، التحديات الأخلاقية والمهنية، والعلاقة بين الدولة والإعلام والثقافة، الذكاء الاصطناعي، الاستقطاب السياسي، الإعلان على حساب الإعلام، التحدي المالي والاقتصادي للشركات الكبرى والممولين. كل هذا وغيره يلقي بظلاله - يقول شنيتي - على جودة الأداء الإعلامي ومكانة الثقافة والمثقف في تحليل القضايا وتشكيل الوعي الجديد بل وفي سلطتهما في المجتمع ومع الجمهور وتجاه مؤسسات الدولة وحتى المؤسسات الدولية والأممية.
وخلص المحاضر إلى استشراف ثلاثة سيناريوهات سياسية أولها سيناريو تفاؤلي: ازدهار الثقافة والصحافة بفضل تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي، ودعم الابتكار، وتعزيز المحتوى الهادف، والثاني تشاؤمي توقع تراجع دور الصحافة والثقافة أمام طغيان الأخبار الزائفة والمحتوى السطحي وضعف التمويل، أما السيناريو الثالث فهو “المتوازن” ويتعلق بـ«تكيف تدريجي عبر نماذج جديدة تضمن الاستدامة والتنوع، مع الحفاظ على دور الصحافة والثقافة في التنوير. إلا أنه يمكن القول بأن المستقبل يعتمد على مدى قدرة الفاعلين في المجالين على استيعاب التغيرات واستثمارها لصالح تطوير بيئة إعلامية وثقافية أكثر وعيا ومسؤولية.
المشهد المستقبلي للثقافة والصحافة - كما تراه مؤسسة صناعة الغد - مرهون بعدة عوامل منها التغيرات التكنولوجية، والتحولات الاجتماعية، والتحديات الاقتصادية، ومدى قدرة الفاعلين في المجالين على التكيف مع التطورات، يمكن استشراف هذا المشهد.
في ختام المحاضرة، فتح المجال لمداخلات المثقفين التي كانت عميقة وقوية جدا تمحورت بالأساس حول اقتراحات فعالة وعملية الحرية الإعلام والصحافة لرجل الميدان كمثقف في إطار الاحترافية والمهنية، وكذا إشكالية التنوع اللغوي وصناعة الثقافة في المجتمع، ودور الجالية بالخارج في نشر الثقافة وحمايتها، وضرورة إعادة النظر في منظور الثقافة وفق خصوصية جزائرية والحفاظ على مكونات الهوية الوطنية الإسلام واللغة والبعد الأمازيغي، ليختتم اللقاء بإهداء كتب المؤسسة الجزائرية صناعة الغد لكل من المحاضر الكاتب يوسف شنيتي ووزارة الثقافة والفنون.للإشارة، فإن المؤسسة الجزائرية صناعة الغد منذ أسسها رئيسها الوزير الأسبق الدكتور بشير مصيطفى، تشتغل على رسم مستقبل مشرق للوطن، وترفع تحديات عملية معرفية غاية في الأهمية، خاصة في حقول الاستشراف.