شهدت مدينة ورقلة فعاليات الصالون الوطني لفن الترميل، الذي نظمته جمعية “الماسة للفنون التشكيلية”، بمشاركة فنانين من مختلف ولايات الوطن، من بينها الشلف، الأغواط، عين صالح، تقرت، والفنانين التشكيليين المحليين لولاية ورقلة، حيث تميز الصالون بحضور جماهيري كبير، واهتمام واسع بهذا الفن الفريد الذي يعد أحد أعرق الفنون التقليدية الجزائرية.
يعتبر فن الترميل من الفنون التشكيلية الأصيلة في الجزائر، حيث يعتمد على استخدام الرمل الطبيعي بألوانه المختلفة لتشكيل لوحات فنية ذات طابع تقليدي أو حديث.
وعرف هذا الفن مهده مع الأستاذ طاهر جديد من ولاية الأغواط عام 1976، ومنذ ذلك الحين تطور ليصبح فنا مميزا بلمساته الإبداعية المتنوعة، كما أكد الفنان التشكيلي محمد زيتوني من ولاية الأغواط المختص في رسم اللوحات بالرمل.
وفي البداية، اقتصر فن الترميل على رسم الجمال والصحراء، لكنه مع مرور السنوات، شهد تحولات إبداعية أدت إلى ظهور مدارس فنية متعددة، منها التعبيرية، التجريدية والواقعية، وأصبح الفنانون يستخدمون الرمل لتشكيل لوحات تعبر عن المناظر الطبيعية، الأزقة القديمة، وحتى الديكورات الحديثة، حسب ما أكده الفنان زيتوني، والذي شارك بعدة لوحات وتحف فنية، حيث زينت لوحاته التي كانت أغلبها تعبر عن مناطق وأزقة قديمة من ولايات كثيرة عبر الوطن بهو المكتبة الرئيسية للمطالعة العمومية محمد التيجاني بورقلة، ولاقت إعجاب الكثير من الوافدين.
ورشات حـيّة وإقبال جماهيري واسع
سجّلت هذه الفعاليات إقبالا من الجمهور المحلي والمهتمين بهذا النوع من الفنون، وتخلل برنامج هذا الصالون، كما ذكر رئيس جمعية الماسة للفن التشكيلي جمال كويسي، ورشات متنوعة ومفيدة للمهتمين، مشيرا إلى أهمية هذا النوع من الفعاليات لما تضفيه من تحفيز وتشجيع لدعم المبدعين واكتشاف المواهب والاستفادة ونقل الخبرات بين الفنانين، باختلاف أعمارهم ومدارسهم، كما تعزز فرص التباحث في التقنيات الجديدة والوسائل المتوفرة، والتي يمكن الاعتماد عليها في مواكبة التطور الحاصل في مجال الفن التشكيلي وصناعة التحف التشكيلية.
تميّز الصالون بتنظيم ورشات حية قدمها فنانون متمرسون في الرسم بالرمل، منهم الفنان رواي سالم من ولاية ورقلة، الذي استعرض تقنيات استخدام الرمل الطبيعي في إعداد الخلفيات وإنجاز التحف الفنية، وركزت الورشات على الألوان الطبيعية للرمل دون إضافة صبغات، مما منح اللوحات لمسة جمالية أصيلة.
وأشار في حديثه لـ “الشعب”، إلى أن هذه الورشة تضمنت مجموعة من الأعمال، منها تهيئة لوحة رملية، تهيئة خلفية وإنجاز بعض التحف ومزج الرمل مع الغراء، وكذلك استعمال الكتابة ومزج الألوان، بالإضافة إلى إنجاز لوحات بالخط العربي والكوفي، وبعض الرسوم المنقولة من بقايا تراث معمار مدينة سدراتة الأثرية المطمورة تحت الرمال بولاية ورقلة.
كما شهدت الفعالية مشاركة الفنان خالد شامخة من غرداية، الذي تخصص في النحت على خشب النخيل، وعبّر عن رغبته في دمج هذا الفن مع الترميل لإبداع تحف تجمع بين الأصالة والابتكار.
جزء من التّراث الجزائري الأصيـل
وأتاح الصالون للفنانين التشكيليين فرصة عرض أعمالهم القادمة من مختلف ولايات الوطن، ممّا سمح للزوار بمشاهدة التنوع الثقافي والفني الذي تزخر به الجزائر، كما أبرزت اللوحات المعروضة اختلاف اللمسات الفنية.
وأجمع الفنّانون المشاركون على أن فنّ الترميل يظل جزءاً من التراث الجزائري الأصيل، إلا أنه يواصل التطور والإبداع عبر الأجيال الجديدة من الفنانين الذين يسعون لإبراز هذا الفن في الساحة العالمية بمثل هذه الفعاليات، ويأملون أن تسهم أعمالهم من خلال بوابة فن الترميل في إثراء الثقافة الجزائريةو وتعزيز مكانتها على الخارطة الفنية الدولية.
اختتم الصالون بمراسم التكريم، حيث تمّ الاحتفاء بمجهودات الفنانين المشاركين، تلتها رحلة سياحية حول بعض المعالم الصحراوية في ورقلة، لتكون بذلك آخر محطة في هذه التظاهرة الفنية المتميزة.