تحتضن جامعة باتنة-1، منتصف الشهر المقبل، الملتقى الدولي الثاني «المعرفة والخطاب في تاريخ الثقافة الجزائرية»، الذي اختارت له هذه السنة موضوع «المنجز الثقافي الجزائري وتفاعله مع الثقافات المغاربية».
وينتظر أن يبحث الملتقى التفاعل بالحواضر الثقافية، الأعلام والمؤسسات، في الدائرتين الجزائرية والمغاربية، وما يجمع بينهما من عوامل جغرافية وتاريخية وبشرية وسياسية وثقافية.
تعتزم كلية اللغة والأدب العربي والفنون بجامعة باتنة-1، يومي 13 و14 أكتوبر المقبل، تنظيم الطبعة الثانية من الملتقى الدولي «المعرفة والخطاب في تاريخ الثقافة الجزائرية»، الذي سيتطرق إلى «المنجز الثقافي الجزائري وتفاعله مع الثقافات المغاربية».
وبحسب ديباجة المتلقى، التي نشرتها الجامعة بموقعها، يطرح عنوان الملتقى مجموعة قضايا جوهرية تخص مفاهيم معرفية عامة «تتجاوز صيرورة الأزمة، وحدود الأمكنة، ومفاهيم خاصة بالزمان والمكان». وحاول القائمون على الملتقى تحديد مفهوم الثقافة، التي إذا كانت في بعدها التاريخي المطلق قد وُجِدَت منذ أن وُجِدَ الإنسان، فإنها في بعدها المعرفي العام قد تكون «خاصة بالمنجزات المعنوية والروحية والجمالية»، كما قد تكون «مرادفة للحضارة حين يتفاعل المنجز التراثي المعنوي مع المادي، وحين تشَكُّلِهِ وتمَيُّزِهِ بخصائص معينة، ووصوله إلى درجة من الرقي ويمكن قياسه بمقاييس علمية ممنهَجَة».
وقد تعني الثقافة «كل منجز ثقافي لأمة من الأمم أو جماعة من الجماعات ضمن عصر أو عصور محددة، وفي حدود جغرافية مرسومة بأيقونات سيميائية لسانية ذات حمولة تيمية مرَمَّزَة في عالم الأفكار والجمال من الأفراد والجماعات والأجيال كل ما سبق يُشَكِّل ضمير الأمة الحي الدائم، النّابع من ذخيرتها، وبذلك «يمكن اختصار مفهوم الإرث الثقافي لأي أمَّة من الأمم في الجانب المعنوي فقط».
ومن حيث الفضاء المكاني، تحدّد إشكالية الملتقى ضمن دائرتين، بحيث تمثل الدائرة الأولى الجزائر بحسب حدودها الوطنية الحديثة وهي البداية، أما الدائرة الثانية فتمثل الامتداد وتخص الدول «المغاربية تونس، المغرب، ليبيا، موريتانيا» بحسب حدودها الوطنية الحديثة، والجامع بين الدائرتين الجزائرية والمغاربية جغرافي وتاريخي وبشري وسياسي وثقافي. جغرافيًا، تمثّل المنطقة المغاربية فضاءً واحدا من جميع الجوانب. وتاريخيا، تمثل صيرورة واحدة ومصيرا واحدا في جميع الحقب والعصور. وبشريا، تمثل أنموذجا لشخصية واحدة بهوية واحدة.
أما ثقافيا، فهي تمثل إرثا واحدا في مرحلة ما قبل الإسلام: ثقافة طاسيلي، والثقافة الأفريقية، وثقافة البحر الأبيض المتوسطية المشترَكَة. وفي مرحلة ما بعد الإسلام، الثقافة العربية الإسلامية، وهذا الثراء في المرجعيات والألسن هو ما يميز الثقافة الجزائرية، وبالتبعية الثقافة المغاربية عن غيرها من الثقافات، وإن كان الملتقى سيكتفي بالمرحلة العربية الإسلامية، وذلك في محاور أربعة، هي: التفاعل على مستوى الحواضر الثقافية (حاضرة تيهرت، حاضرة بجاية، حاضرة تلمسان، حاضرة فاس، حاضرة سجلماسة، حاضرة القيروان، حاضرة تونس، حاضرة الجزائر، حاضرة طبنة، حاضرة قسنطينة، حاضرة وهران، حاضرة بسكرة). أما المحور الثاني «التفاعل على مستوى الأعلام»، فيختصّ بالشخصيات الفكرية، والعلمية، والدينية، والأدبية، والتاريخية. وهو نفس التقسيم الذي يعتمده المحوران الآخران المتعلقان بالتفاعل على مستوى الأعمال، وعلى مستوى المؤسسات.
يُذكر، أن الطبعة الأولى من الملتقى الدولي «المعرفة والخطاب في تاريخ الثقافة الجزائرية»، التي انعقدت فعالياتها قبل ثلاث سنوات (منتصف نوفمبر 2017) وتطرقت إليها «الشعب» في سبتمبر من نفس السنة، كانت قد تمحورت حول «تكوين العقل الثقافي الجزائري في اللغة والأدب والفنون». وبحث الملتقى حينها الموجِّهات المعرفية الأساسية للثقافة الجزائرية، والنواظم الفكرية المولّدة للخطابات، وعلاقاتها بسواها من ثقافة الشرق والغرب.
وتسعى كلية الآداب واللغة العربية والفنون بجامعة باتنة-1، من خلال تنظيمها هذه التظاهرة العلمية، إلى إقامة ملتقى دولي ينعقد سنويا تحت شعار شامل هو: «المعرفة والخطاب في تاريخ الثقافة الجزائرية»، ويناقش في كل دورة موضوعا من موضوعات الثقافة الجزائرية عبر تاريخها.