أطلق الفنان القبائلي «كمال سي عمور» ألبومه الجديد الذي يحمل عنوان «دونيث»أو «الحياة»، بألوان موسيقية مميزة ومتنوعة تزيّنه رائعة الراحل سليمان عازم «أبابا غايو» ، بعدما قام بإعادتها بآلات موسيقية عصرية دون أن يمس بجوهرها تكريما لروحه ومن المرتقب أن يلتقي كمال بجمهوره بالعديد من المدن الفرنسية وجمهوره بولاية تيزي وزو، بمناسبة إطلاق هذا الألبوم .
بعد نجاح ألبومه، الذي حمل عنوان «ماشاهو»الذي تحصل به على اللقب الأول في الموسيقى العالمية بفرنسا، قال الفنان كمال سي عمور خلال لقاء خص به «الشعب» أن هذا الألبوم الجديد يضم 11 أغنية، مزج فيها بين مختلف الطبوع والألوان الموسيقية العالمية، لأنه لا ينحصر في طابع واحد فهو يحب السفر عبر بلدان العالم من خلال أنواع الموسيقى مثل القناوي، الجاز، الشعبي الفانك التي تُميز كل بلد خاصة عندما غادر الجزائر باتجاه المهجر تحديدا إلى باريس .
وعن مواضيع الألبوم قال ذات الفنان لـ «الشعب» أنها عكس ألبومه السابق، حيث جاء مختلفا وأراد هذه المرة إيصال رسالة بين الثورة والامل، حيث يحكي من خلاله التناقضات الحاصلة في المجتمع، بين المبادئ والاخلاق والقيم الاجتماعية، كما جاءت أغانيه لتحكي قصة الصراعات الحاصلة بين الأباء والأبناء وتلاشي الأخلاق، ناهيك عن احتلال المادة مكانة الحب، ولكن هذا الألبوم لا يحكي فقط عن الأشياء السلبية، على حد تعبيره، بل يحمل كذلك الأمل فالحياة تستمر وسيقضي الخير على الشر . نهاية التسعينيات بعد أن غادر أراضي الوطن قال سي عمور، أنه انبهر بالطبوع الموسيقية التي اكتشفها والتي يؤديها الفنّانون المنحدرون من مختلف دول العالم سيما افريقيا بفرنسا، موضحا بأنه كان يظن أنّ تيزي وزو هي عاصمة فرنسا في الموسيقى من خلال لون الشعبي الذي ذاع صيته عبر العالم ولقد استطاع أن يثبت نفسه على الساحة الغنائية من خلال ما قدمه في البومه الاوّل خاصّة أغنية «الشيخ موحند والحسين « التي زادته رواجا.هذه الأغنية التي تعود ألحانها حسبه إلى الجنوب الجزائري تحديدا ولاية بشار حيث كانت تؤديها إحدى الفرق باسم الشيخ سيدي بوزيان. كمال سي عمور الذي عشق الغناء حدّ النخاع ولد في 12 جانفي 1970، وقد فتح عينيه على أغاني والدته في المهد، ليخرج إلى القرية ويلتقي بموسيقى الزوايا الروحية، إضافة إلى فرق «ايظبالن»، كلها كانت مشارب موسيقية نهل منها ليبدع في مجال روائع الموسيقى، حيث صرح أن قريته وعلى غرار قرى منطقة القبائل التي لا تتوفر فيها مرافق شبانية كالمكتبات أو دور الشباب للترفيه لم يكن لكمال فيها سوى الاختيار بين ممارسة كرة القدم مع أقرانه أو سلك درب الموسيقى الشعبية .إعتلى كمال سي عمور عرش مشاهير هذا الفن الراقي الذين أنجبتهم منطقة بني دوالة أمثال زداك مولود، حميدي سعيد، شريف حماني، الراحل معطوب لوناس، وغيرهم، وعندما انتقل إلى مرحلة الثانوي في عاصمة الولاية تيزي وزو كانت له الفرصة أن قام بالتسجيل في دروس الموسيقى الشعبية بدار الثقافة مولود معمري، وخلال أدائه للخدمة العسكرية في الجنوب الجزائري بتقرت وبسكرة تأثر كثيرا بالموسيقى القناوية، وشد انتباهه أكثر الألات الموسيقية المستعملة في هذا الفن.الألبوم الأول الذي حمل عنوان «ماشاهو» حسب كمال، كان يريد أن يعبر من خلاله عن مشاعره، وما مرّت به الجزائر خلال العشرية السوداء، وكانت قريته في بني دوالة لم تستثن من الإرهاب الهمجي، وهو ما دفع به لمغادرة الوطن نحو العاصمة الفرنسية باريس، بحثا عن حياة أفضل كغيره من شباب جيله وكان هناك يحي حفلات مع أصدقائه انطلاقا من المقاهي، ثم القاعات الكبرى قبل أن يشارك في عدة مهرجانات، والتي نظمت من طرف هيئات وجمعيات مختلفة والمهتمة بهذا الحقل الفني المتميز ومن هناك كانت الانطلاقة الحقيقية خاصة بعد افتكاكه سنة 2007 للقب الأول لحصوله على جائزة الموسيقى العالمية لصالح فرنسا في مسابقة شارك فيها بمدينة ليل إلى جانب العديد من الفرق الاجنبية الاخرى .كانت مشاركته في هذا الحفل بأغنية قبائلية قديمة ، من البومه الأول الذي اعتبره تجربة شخصية حيث لم يكن احد يعلم بأنه دخل الاستوديو وسجل ألبوما وقال في قرارة نفسه «إن نجحت فسأواصل المشوار وأفصح عن هويتي، وإن كان العكس فسأتوقّف عن التسجيل»، إلا أن الأمر لم يكن كما كان يتصوّره بحيث كان هذا المولود الاول منعرجا آخر للنجاح بأغنية «الشيخ موحند والحسين» التي احتل بها المرتبة الاولى في سباق الأغاني بالإذاعة المحلية لعدة أسابيع.هذا الأمر دفع به إلى دخول الاستوديو مرة آخرى لتسجيل البومه الثاني «أدونيث» الذي عالج فيه مواضيع الواقع الاجتماعي المعاش، وقضايا وطنية بالأساس فيما له إهتمامات بمواضيع أخرى كالغربة والهجرة والعاطفة والأمل.
ويسعى الفنان كمال سي عمور إلى فرض نفسه أكثر لإعطاء الأغنية القبائلية مكانتها عبر العالم، مثل الأغنية الرايوية التي يعود الفضل في رواجها إلى خالد ومامي، كما يستعد لجولات فنية خارج الوطن خاصة بليل الفرنسية التي يقيم فيها كما عبر عن نيته ورغبته الشديدة في مشاركته، وإتحافه مع الجمهور الجزائري ببلده الأصلي الجزائر في المستقبل القريب.