إشعاع المصالحة

بقلم: السيدة أمينة دباش
06 أوث 2016

هناك من الرجال من يتخِّذ قرارات يستحسنها البعض وينتقدها الآخر، والزمن وحده قادر على كشف قيمتها الحقيقية وعمق أبعادها.
ينطبق هذا على المصالحة الوطنية التي لا تعتبر خطة سياسية آنية فحسب، بل أكثر من ذلك فهي استراتيجية ونظرة استشرافية.
المتتّبع لما يحدث الآن حول العالم، يتأكد من ذلك دون أدنى شك.
جهويا أو جواريا، انتهجت دولة مالي مسلك المصالحة الوطنية لتسوية أزمتها، كما تعمل سوريا على اتباع هذا المنهج للخروج من مأزقها الدموي، وفي نفس السياق لم يكن أمام ليبيا سوى اتباع أسلوب الحوار الذي يعد أساس أية مصالحة، لأن الجميع أدرك أنه لا مناص من ذلك.
أما في فرنسا فالجهود التي تقوم بها حاليا تجاه أبنائها من ذوي الأصول العربية والإسلامية توحي بأن لا سياسة الإقصاء الممارسة من طرف اليمين أو اليسار سويًا، تجاه هذه «الأقليات» والتي ذهب البعض إلى وصفها بسياسة «الأبارتايد»، ولا محاولات «الإدماج» السطحية، ولا الضّغوطات المفروضة على نمط معيشتهم وألبستهم، استطاعت أن تجنِّب هذا البلد ما يعيشه من انزلاقات خطيرة، تذوقنا مرارتها في الماضي القريب جدًا.
كل برامجها تحوًّلت إلى مناقشات وحوارات و»كلامولوجيا» حول العنف والتطرّف اللّذين تريد إلصاقهما بالإسلام والمسلمين غصبًا.
لكن سرعان ما تحوّلت هذه الأيام «سياستهم» وغيّروا معاملتهم مع ذوي الأصول العربية لامتصاص غضبهم، فيكثر الآن الحديث عن وجوب تعايش الأديان والعمل على «إقحام» الجالية العربية المسلمة في الحياة الوطنية، بحثا عن نوع معين من المصالحة بين مختلف شرائح مجتمعهم.
هكذا تفرض المصالحة نفسها، كمنهج يبني الأوطان ولا يدًّمرها، والتاريخ يخلِّد رجالات فضًّلوا هذا النموذج، الذي بدأ في الجزائر عقب العشرية الحمراء بإقرار الرئيس عبد العزيز بوتفليقة لميثاق المصالحة الوطنية، الذي استعادت بفضله الجزائر استقرارها وأصبحت مثالا يقتدى به، إقليميًا وعالميًا.
في هذا الإطار، كم سعدت عندما سمعت مسافرين فرنسيين عند امتطائنا الطائرة، يؤكدان لبعضهما أنًّ أَأْمن وأضْمَن مطار في العالم هو مطار «هواري بومدين» بالعاصمة الجزائرية.
يكفي اعتراف هؤلاء الأجانب..
طبعا لا أعلِّق على هذا التصريح كي لا تتحوًّل هذه الافتتاحية إلى وقفة تذكُّر وتذكير ليوميات عشناها، خلال فترة عويصة ومواقف الدّول الغربية والعربية تجاهنا.
وتبقى المصالحة قيمة مضافة للرصيد التاريخي الجزائري، في الوقت الذي تستمر يقظتنا في محاربة الإرهاب دون هوادة وقوانين جمهوريتنا في هذا المجال ذات معالم واضحة .

 

 

 

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19521

العدد 19521

الخميس 18 جويلية 2024
العدد 19520

العدد 19520

الأربعاء 17 جويلية 2024
العدد 19519

العدد 19519

الثلاثاء 16 جويلية 2024
العدد 19518

العدد 19518

الإثنين 15 جويلية 2024