جاءت الإحتفالية بعيد العمال هذه السنة في ظرف استثنائي جراء تفشي فيروس كورونا، كاشفة عن الدور المحوري للطبقة الشغيلة، الوفية لرسالة الأسلاف ونضالاتهم، باحتلال اول الصفوف دفاعا عن الجزائر دولة، مؤسسات وجمهورية، متخذة من المراحل الصعبة محطة انطلاق في مسار التقويم والتجدد دون الإبقاء أسر تعقيدات الظرف الراهن وضغط تحدياته.
منذ أولى التحذيرات لمواجهة كورونا، تجاوب العمال من مختلف المواقع والمسؤوليات بحرارة معتادة مع نداء الوطن، متخذين من تجارب سابقة، سلاحا في حرب مفتوحة على الفيروس باعتماد تدابير الوقاية ومستلزمات احترازية لحماية المواطنين وتعزيز السلامة الصحية، باعتبارها أحد روافد الأمن الوطني والاستقرار في أوسع مداه.
سار العمال على هذا الدرب، متخذين من دروس الماضي والحاضر، بوصلة في لعب دور الشريك الكامل في تسيير أزمات عرفتها الجزائر في مختلف مسارها البنائي والإنمائي، واضعين الوطن فوق كل اعتبار.
هذه التجربة التي رفع العمال من خلالها التحدي في الحفاظ على المؤسسات المنتجة للثروة والشغل والقيمة المضافة وأبقت الجمهورية واقفة مصانة، تتكرر الآن في مشهد آخر بقدر ما يحمل خصوصية وتمايزا، يتفق حول الغاية والمقصد: تأمين البلاد من كارثة وبائية غير مسبوقة.
انضمت الطبقة العمالية مبكرا وبتلقائية إلى الجهود الوطنية لمكافحة الوباء وظلت ترافق مستخدمي الصحة في مواجهة الظرف الصحي، بالحفاظ على وتيرة نشاط المؤسسات ولم تتخل عن مسؤوليتها في تقديم تضحية ثانية، كاشفة عن استعداد كلي في التعامل مع الأزمة بأقصى درجة النضال، موظفة أدوات الصراع الممكنة للخروج ألى بر الآمان بأسرع فرصة وأقل ضرر.
رأينا هذا في جهود مستخدمي الصحة، الذين هم في الجبهة الأمامية يقاومون الوباء عبر حملات تعبئة تحسس بجدوى الالتزام بتدابير وقائية تقلص من عمر فيروس «كوفيد-19».
رأينا المشهد في دور مستخدمي قطاعات أخرى، يوفرون وسائل العلاج والتحاليل، وصنع أجهزة طبية تحمل العلامة الجزائرية.
رأينا الصورة مكتملة هذا في وسائل الإعلام الوطنية التي رافقت وترافق الفعل الصحي والعمل السياسي باحترافية ومهنية، مساهمة في إعلاء الكلمة الصادقة ونشر الخبر اليقين، وتطهير المحيط من أفكار مسبقة وكليشيهات حاول تجار الأزمة، يائسين، ترويجها عبر منصات التواصل الاجتماعي بلا وجه حق.
إنه مشهد صنعه العمال الذين أظهروا من خلال تكاتفهم وتآزرهم، أن الأزمة الصحية ورغم أضرارها، حركت الأذهان وفجرت الطاقات، ممهدة الأرضية لإقامة جزائر جديدة، حيث العمل وحده يصنع المعجزات.