لا تزال بعض الإدارات المدرسية تأخذ الطابع الديكتاتوري، والنمط التسلطي فهي لا تعرف غير القرارات الصارمة دون حوار أو نقاش.
المدرسة الأكثر إنتاجا أو بالأحرى الأكثر تجمعا والأفضل قد تكون تخرج منها العديد لتكون بذلك الكتلة الأقوى، فمن كان لديه قابلية لكي يصبح غنيا بعلمه وسلوكه ومنهجيته في أداء العمل فلو توفرت هذه الصفات لدى الأفراد فإنهم يحققون معظم ما يصبون إليه.
التدريس هواية ومحبة جالبة السرور والرضا والتفاهم، تظهر أمارات الارتياح والتمعن في الأفكار وإدراك المفاهيم.
إن مشكلة معظم الأفراد في التعليم يتهاونون عن أداء واجبهم ولا يتحركون من أجل التعرف على سبيل الارتقاء والبحث في اكتساب العلوم والنظريات الجديدة، إذا نظرنا إلى مئات المعلمين لوجدناهم بائسين متضمرين لا يريدون حتى أن يؤمنوا بما في أيديهم، تجد الأغلبية منهم لا يقرأ حتى الجريدة.
فرائد النهضة الجزائرية عبد الحميد بن باديس رحمه اللّـه قال: «إذا غدوت إلى عملك أيّها المعلّم لا تنس محفظتك والجريدة اليومية».
وكم رأيت من معلم قوي البنية مستقيما في مشيته، فهو يستطيع أن يحقق المستحيل لكنه يمضي جل وقته في التسكع وملاحقة السخافات والنوم الطويل، وكم شعرت بالنزر عندما رأيت بعضهم وهم يجرون وراء البحث عن مواد غذائية مفقودة ورخيصة، فنسوا الذين يكدحون من أجل نيل لقمة العيش للعائلة، وكلما تم دعوة المعلم إلى محاضرة أو ندوة تربوية كأنك دعوته إلى عقاب، فهو يحب الفراغ ولا يشعر بالمنافسة وينهض، إنه يعيب زمانه والعيب فيه.
فالعمل عندنا يأتي في آخر القائمة بينما الدول تقدس العمل، فالعامل عندنا يأتي دائما متأخرا وكثيرا ما يضع أمورا على مدير المدرسة عذرا والهروب من العمل، وأحيانا يبحث عن سبب حتى لا يحضر مجلس الإدارة.
أيّها المعلم فالنقاش يحسن التفكير وينمي التحصيل ويكون عادات واتجاهات صحيحة غنية مثمرة، فالعمل يحتاج إلى تخطيط وتنظيم ليكون الفرد فيه فاعلا، ليعود النظام ليساعد ديمقراطية الإجابة والابتكار والانطلاق في الموضوعية، المعلم الذي أتحدث عنه أريده أن يكون كما أتصوره، يراعي الوقت المناسب لتعديل المنهاج وسرعته في الدرس لجذب انتباه التلاميذ فهو يحافظ على نشاطه، فهو يستثير عواطف تلاميذه وينقل إليهم شعور قويا بالحضور، المعلم هو حجر الزاوية في التربية، فهو يبحث في كل أمر يسهل عليه مهمته التعليمية، حتى يكون عمله منجزا كامل الإنجاز، وبمعرفة عامة واسعة وعميقة ومتطورة، ويسعى للاستزادة من المعرفة، فالمعلم كالطبيب لابد أن يعرف كيف يداوي خجل التلميذ فيستعان على تعليمه وتمييزه.
فالمدير الناجح هو الذي يعرف كيف يستخدم توجيهاته بأساليب الإقناع في إدارته، فهو يحوّل المدرسة إلى حديقة زاهرة بالإيخاء والمودة وتحقيق الأهداف، فالأخطاء التي ترتكب في حق المعلم من قبل الإدارة، فالبعض يتعسّف في التعامل مع المعلمين ويتمسك بالروتين، ويتّصف بالجمود والصرامة.
فهو يحاسب المعلم على أبسط الأشياء، ويؤاخذه على الزلة والهفوة الصغيرة، كما أن بعض المفتشين لا يعرفون المجاملة والمرونة في العمل، فهو يقف خلف الباب بدفتر التوقيع يسمع كلاما يسد أنفه إذا تأخر دقيقة، وربما تكون ساعة هذا المدير، ثم ترتفع الأصوات وأحيانا يغلق دونه باب المدرسة.
لا أحب من دراسة هذا الموضوع أن أجعل التشاؤم في ميدان التربية، كلما ذكرت هذه النقاط حاولت أن أضع الدواء:
إنّ أهم نقطة لعلاج هذا الوضع ودفع مستوى التعليم إلى الأمام، ومهما طوّرنا طرقنا التدريسية ومناهجنا منعكسة على صفحاتها، فإن النجاح والفشل نابع من المعلم ولا شيء يمكن أن يحل محله.
فلماذا هذا الجفاء الذي عمّ مدارسنا في الآونة الأخيرة بل الابتسامة والثناء والعطف والكلمة الطيبة..التي تفتقدها إدارة المدارس؟
فكم من مدير تنقصه هذه الصفات..فالتمييز بين المعلمين ليس على أساس الكفاءات، والعمل إنما هو على أهواء المدراء بحسب العلاقات الشخصية، فالمؤسف أن بعض هؤلاء تدفعه الغيرة والحسد فأصبح يتصيد أخطاء المعلم ويعدها له عدا..كما يفعل المفتش أثناء زيارته للمعلمين فهو يعتمد على كتابة تقارير لا تسمن ولا تغني من جوع.
وهذه هي الأسباب التي أدت إلى ضعف المعلم من نقص الإدارة أحيانا، يجد المعلم نفسه في حرج ومرج كيف يتعامل مع هذا وذاك..