المرفق العمومي رؤية متجددة والتزام

التعديل الدستوري لـ 2016 من وجهة نظر علم الإدارة

بقلم: الأستاذ خالد شبلي باحث متخصّص في القانون الدستوري والشؤون البرلمانية عضو بمخبر القانون، العمران والمحيط كلية الحقوق جامعة باجي مختار –عنابة -

الديمقراطية التشاركية تكريس لقيم المواطنة الحقة

تُعرّف الإدارة على أنها علم وفن التسيير  الإداري الناجح والمدروس، متجدّدة وليست قوالب ثابتة، وفي الجزائر تلعب المرافق العامة، دورًا محوريًا في البناء المؤسّساتي للدّولة، حيث بها ومن خلالها يتمّ تنفيذ السّياسات العموميّة والمخططات المبرمجة، ونظرًا للأهمية التي تتموقع عليها، إعتنى المؤسس الدّستوريّ الجزائريّ على غرار جُل الدّساتير المقارنة، وقد كانت الأحكام الناظمة للإدارة العموميّة محل إثراء وتثمين في المراجعة الدّستوريّة الأخيرة لعام 2016، نرصد أهم هذه الأحكام، والموّجه لها، فيما يلي:

أولاً: الأحكام الدّستوريّة المتعلّقة بالإدارة العموميّة في التعديل الدّستوريّ:

إن أهم الأحكام المتعلقة بالإدارة العمومية، والتي كانت محل مراجعة في التعديل الدّستوري الجديد، يمكن تلخيصها مما جاء في المواد:
 1ـ التنظيم الديمقراطي والديمقراطية التشاركية، حيث جاء في المادة 15 : «تقوم الدّولة على مبادئ التّنظيم الدّيمقراطيّ والفصل بين السلطات والعدالة الاجتماعيّة.»
المجلس المنتخَب هو الإطار الّذي يعبّر فيه الشّعب عن إرادته، ويراقب عمل السّلطات العموميّة.
تشجع الدولة الديمقراطية التشاركية على مستوى الجماعات المحلية.»
٢ـ محاربة الفساد الإداري، حيث جاء في الفقرة 7 من المادة 9 : «- حماية الاقتصاد الوطنيّ من أيّ شكل من أشكال التّلاعب، أوالاختلاس، أو الرشوة، أو التجارة غير المشروعة، أو التعسف، أو الاستحواذ، أو المصادرة غير المشروعة.»
٣ـ التصريح بالممتلكات ومكافحة الفساد، حيث تنص المادة 23»: لا يمكن أن تكون الوظائف والعُهدات في مؤسّسات الدّولة مصدرا للثّراء، ولا وسيلة لخدمة المصالح الخاصّة.
يجب على كل شخص يُعين في وظيفة سامية في الدولة، أو يُنتخب في مجلس محلي، أو ينتخب أو يُعين في مجلس وطني أو في هيئة وطنية، أن يصرح بممتلكاته في بداية وظيفته أو عهدته وفي نهايتهما.
يحدد القانون كيفيات تطبيق هذه الأحكام.»
٤ـ دور الدولة في حماية حقوق المواطنين ومصالحهم في الخارج، حيث تنص المادة 27 : « تعمل الدولة على حماية حقوق المواطنين في الخارج ومصالحهم، في ظل احترام القانون الدولي والاتفاقيات المبرمة مع البلدان المضيفة والتشريع الوطني وتشريع بلدان الإقامة.
تسهر الدولة على الحفاظ على هوية المواطنين المقيمين في الخارج وتعزيز روابطهم مع الأمة، وتعبئة مساهمتهم في تنمية بلدهم الأصلي.».
٥ـ حماية الحريات الأكاديمية وحرية البحث، وفق ما جاء في المادة 44 : «حرّيّة الابتكار الفكريّ والفنّي والعلمي مضمونة للمواطن.
حقوق المؤلّف يحميها القانون.
لا يجوز حجز أيّ مطبوع أو تسجيل أو أيّة وسيلة أخرى من وسائل التّبليغ والإعلام إلاّ بمقتضى أمر قضائيّ.
الحريات الأكاديمية وحرية البحث العلمي مضمونة وتمارس في إطار القانون.
تعمل الدولة على ترقية البحث العلمي وتثمينه خدمة للتنمية المستدامة للأمة.».
٦ـ عدم جواز انتهاك حرمة الحياة الخاصة، حيث أكدت المادة 46 : «لا يجوز انتهاك حُرمة حياة المواطن الخاصّة، وحُرمة شرفه، يحميهما القانون.
سرّيّة المراسلات والاتّصالات الخاصّة بكلّ أشكالها مضمونة.
لا يجوز بأي شكل المساس بهذه الحقوق دون أمر معلل من السلطة القضائية. ويعاقب القانون على انتهاك هذا الحكم.
حماية الأشخاص الطبيعيين في مجال معالجة المعطيات ذات الطابع الشخصي حق أساسي يضمنه القانون ويعاقب على انتهاكه.».
٧ـ حق الحصول والوصول للمعلومات للمواطنين، أكدتها المادة 51 الجديدة حيث تنص على : الحصول على المعلومات والوثائق والإحصائيات ونقلها مضمونان للمواطن.
لا يمكن أن تمس ممارسة هذا الحق بحياة الغير الخاصة وبحقوقهم وبالمصالح المشروعة للمؤسسات وبمقتضيات الأمن الوطني.
يحدد القانون كيفيات ممارسة هذا الحق.»
٨ـ مسؤولية المؤسسات والمرافق العامة على حماية البيئة، حيث أكدت المادة 68 الجديدة : « للمواطن الحق في بيئة سليمة.
تعمل الدولة على الحفاظ على البيئة.
يحدد القانون واجبات الأشخاص الطبيعيين والمعنويين لحماية البيئة.»
٩ـ الضمان الاجتماعي، عدم تشغيل القصر، وتشجيع التشغيل، حيث أكدتهم الفقرات 4،5،6 المادة 69 .
١٠ـ حياد الإدارة، حيث جاء في الفصل الثاني (مراقبة الانتخابات) من الباب الثالث، المادة 193 الجديدة»:
« تُلزم السلطات العمومية المكلفة بتنظيم الانتخابات بإحاطاتها بالشفافية والحياد.
وبهذه الصفة، توضع القائمة الانتخابية عند كل انتخاب تحت تصرف المترشحين.
يحدد القانون العضوي المتعلق بنظام الانتخابات كيفيات تطبيق هذا الحكم.».
ثانيًا: علاقة رئيس الجمهورية بالسلطة الإدارية في ضوء التعديل الدستوري:
^ من خلال الدستور وخاصة المادة 84  منه ، والتي تنص على: « يُجسّد رئيس الجمهوريّة، رئيس الدّولة، وحدة الأمّة.
وهو حامي الدّستور.
ويُجسّد الدّولةَ داخل البلاد وخارجها.
له أن يخاطب الأمّة مباشرة.»،
 يتضح بأن رئيس الجمهورية هو السلطة السياسية العليا في الدولة بالاضافة إلى السلطات الأخرى، والمتمثلة في السلطة التشريعية والسلطة القضائية، وكما يجدر الذكر بأن للوزير الأول سلطات تنظيمية في المجالات التي تتعلق بتنفيذ القوانين، وتطبيق مخطط عمل الحكومة المتعلق ببرنامج رئيس الجمهورية.
أما الاختصاصات التي لها علاقة مباشرة بالمرافق العمومية، فهي متعددة لاسيما ما نصّت عليها المادة 86 : «يمارس رئيس الجمهوريّة، السّلطة السّامية في الحدود المثبتة في الدّستور.»، ومنها: سلطة التعيين في الوظائف والمناصب السامية، وكذا في تحديد التوّجهات العامة للسياسات العمومية.
في الأخير، ومن خلال هذا الرصد الموجز لأهم الأحكام الناظمة للإدارة العمومية في دستور جزائري في ثوبه الجديد، تتضح الأهمية الحيوية للمرفق العمومي، من وجهة نظر دستورية، أما عن دورها في الواقع العملي فإن وجهة نظر المواطن هي الحكم على مدى إلتزامها بهذه الأحكام القانونية، ومدى جودة الخدمة العمومية، لاسيما أن الديمقراطية التشاركية، تشترط إشراك جميع فعاليات المجتمع المدني، وتكريس حقوق وقيم المواطنة الحقّة.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19630

العدد 19630

السبت 23 نوفمبر 2024
العدد 19629

العدد 19629

الجمعة 22 نوفمبر 2024
العدد 19628

العدد 19628

الأربعاء 20 نوفمبر 2024
العدد 19627

العدد 19627

الثلاثاء 19 نوفمبر 2024