«قرطا» ملتقى الحضارات

قسنطينة عاصمة الثقافة العربية

عمر بن عائشة

الحلقة ١

ترجع فكرة العواصم الثقافية إلى مؤتمر الأمم المتحدة المنعقد في المكسيك عام 1982 م ،الذي تضمن العديد من الاقتراحات المتعلقة بتفعيل السياسيات الثقافية باعتبارها  حلقة وصل بين شعوب العالم ، قدمتها الأمم المتحدة في دورتها المئاوية عام 1986 بالإعلان عن «العقد العالمي للتنمية الثقافية «والمتمثل في رسم خطة عشرية (1988 – 1997) تديرها منظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافية  والعلوم «اليونسكو « وفق برنامج ثقافي خاص بالدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي ، فتحققت المبادرة الأولى باليونان، في جعل أثينا  العاصمة الأوروبية للثقافة 1985 م تقديرا لمكانة ودور الثقافة اليونانية في الوجدان الفكري والابداعى للقارة الأوروبية ، واستجابة لفكرة الممثلة المسرحية والسينما ئية العالمية السياسية، المناضلة والمساندة للقضية الفلسطينية وزيرة الثقافة اليونانية (1981- 1989 ) (هيلينا ميركورى : 1920 -1994) صاحبة مشروع العواصم الثقافية، الذي تقدمت باقتراحه للإتحاد  عام 1983 م حيث توالت التظاهرت الثقافية بين عواصم الاتحاد الأوروبي من أثينا 1985 إلى باريس 1989  مرورا بما دريد 1992، وبروكسل 2000، وماريكو وعمراس 2012 ومارسيليا وكوشتسة 2013 وريغا عاصمة لاتفيا، واميو السويدية 2014 إلى غير ذلك من التظاهرات التي وصلت إلى (46 تظاهرة ) من عام 1985 إلى 2014 .

أيام قلائل و غير بعيدة عن يوم  العلم (16 أفريل 2015) وتشد الوفود العربية الرسمية والثقافية و الإعلامية للدول العربية الشقيقة،  وضيوف الشرف للدول الصديقة الأسيوية ك( الصين – الهند- إيران) والأوروبية(بلجيكا - إسبانيا -  البرتغال- تركيا) وغيرها من الإقطار التي تتقاسم الموروث الحضاري والتاريخي العربي المشترك ، الرحال ليشهدوا فعاليات و مراسم افتتاح تظاهرة  قسنطينة العاصمة العربية للثقافة 2015 . تلك المرجانة المصطلح على وصفها بمدينة الصخر العتيق ،مدينة الجسور المعلقة، مدينة عش النسر، كما أنها المدينة المسماة : قرطا، ساريم باتيم ، قسطنطينية، قسنطينة، قسمطينة، سيرتا، العاصمة النوميدية للملك ماسينيسا، وأبن أخية يوغرطا ،صنفها المؤرخون بأنها أجمل مدينة منظرا في العالم ، يعود تاريخ تأسيسها إلى مايقارب الستة والعشرون (26) ألف عام، بتواجد العديد من التجمعات السكانية الأمازيغية بها ( الجبائل ) الذين أطلق عليهم الاعريق اسم الليبيين النوميدين . وكذا إلى مجموعة التجار الفينيقيين،  المعروفة عندهم بـ «قرطا« والتي تعني المدينة . كما أخذت» إسم  ساريم باتيم» عند القرطاجيون . عرفت المدينة سلطة الرومان في العهد البيزنطي عام 311 م إذ دمرت على أخرها ،إلى أن جاء الإمبراطور قسطنطين عام 313 م فأعاد بناءها وأخذت اسمه « القسطنطينية « أو « القسنطينية «. وفي عام 429 م أستحوذ عليها الو ندال والبيزنطيين ردحا من الزمن ،إلى أن تحررت واستقلت مع الفتح الإسلامي حيث عربها الهلاليون مع نهاية القرن التاسع، ثم تعرفت المدينة على الزيرين والحماديين والأندلوسيين  والجاليات اليهودية الهاربة من ويلات المسيحية المتطرفة للكنيسة الكاثوليكية ،بعد سقوط الأندلس عام 1492 م . وخلال القرن الثالث عشر أنتقلت المدينة إلى حكم الحفصيين، إلى أن حل بها سلطان الأتراك  العثمانيون عام 1568 م فصارت بأيلك الشرق(1771 – 1792) إلى عهد الاحتلال الفرنسي عام (1837 – 1962) . مرجانه الشرق الجزائري التي ستشرق عليها شمس الثقافة العربية 2015. التي بشربها رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة بمجلس الوزراء يوم 26/12/2012 بمناسبة الإمضاء على قانون الماية 2013 . والذي كلف فيه الجهاز التنفيذي بالاعتماد على وزارة الثقافة، للقيام بكل الإجراءات والمساعي المثمرة لاحتضان تظاهر قسنطينة العاصمة العربية للثقافة 2015 . و تلك البشري وذلك المسعى الذي تبنته المنظمة العربية للثقافة والعلوم « الكسو» في دورتها الواحد والعشرون المنعقدة بتونس يوم 29/12/2012. والمؤكد عليها مرة ثانية في مجلس الوزراء المنعقد بيوم 30/12/2014 الذي تصمن بيانه التأكيد على تكليف الحكومة بالسهر على استعمال برنامج التظاهرة من خلال تنظيم «نشاطات مرتبطة بثورة نوفمبر المجيدة» ، وذلك قصد تعريف الزوار الأجانب بالتضحيات التي قدمها  شعبنا وإبراز التضامن العربي مع كفاحنا من أجل التحرير الوطني ، الذي تم دعمه من خلال العديد من الانجازات الثقافية في البلدان العربية.

من العقد العالمي الأوروبي والعربي للتنمية الثقافية –
إلى العواصم الأوروبية للثقافة – 1985- 2013 –
ترجع فكرة العواصم الثقافية إلى مؤتمر الأمم المتحدة المنعقد في المكسيك عام 1982 م ،الذي تضمن العديد من الاقتراحات المتعلقة بتفعيل السياسيات الثقافية باعتبارها  حلقة وصل بين شعوب العالم ، قدمتها الأمم المتحدة في دورتها المئاوية عام 1986 بالإعلان عن « العقد العالمي للتنمية الثقافية « والمتمثل في رسم خطة عشرية (1988 – 1997) تديرها منظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافية  والعلوم «اليونسكو « وفق برنامج ثقافي خاص بالدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي ، فتحققت المبادرة الأولى باليونان، في جعل أثينا  العاصمة الأوروبية للثقافة 1985 م تقديرا لمكانة ودور الثقافة اليونانية في الوجدان الفكري والابداعى للقارة الأوروبية ، واستجابة لفكرة الممثلة المسرحية والسينما ئية العالمية السياسية، المناضلة والمساندة للقضية الفلسطينية وزيرة الثقافة اليونانية (1981- 1989 ) (هيلينا ميركورى : 1920 -1994 ) صاحبة مشروع العواصم الثقافية، الذي تقدمت باقتراحه للإتحاد  عام 1983 م حيث توالت التظاهرت الثقافية بين عواصم الاتحاد الأوروبي من أثينا 1985 إلى باريس 1989  مرورا بما دريد 1992، وبروكسل 2000، وماريكو وعمراس 2012 ومارسيليا وكوشتسة 2013 وريغا عاصمة لاتفيا، واميو السويدية 2014 إلى غير ذلك من التظاهرات التي وصلت إلى (46 تظاهرة ) من عام 1985 إلى 2014 .

العواصم العربية للثقافة – 1996 – 2015 -
محاكاة لذلك العمل الثقافي الأوروبي المثمر، بادرت المنظمة العربية للثقافة والعلوم بالتعاون والتنسيق مع مجموعة من الخبراء بالدول العربية ،في إعداد دراسة شاملة ،تحدد على إثرها خطة عربية ثقافية كاملة، تعرض على المؤتمر العربي لوزارء الثقافة في دورته الخامسة العام 1985.  واسهاما من المجموعة والمنظمة العربية في العقد العالمي للتنمية الثقافية وتلك الفكرة التي انتقلت من المساهمة في العقد العالمي إلى طرحها في الاجتماع العام لمنظمة « اليونسكو « عام 1995 ، والتي لاقت ترحيبا وتأييدا عربيا ،أقرته جامعة  الدول العربية مقدمة إياه إلى اجتماع اللجنة الدولية الحكومية في عشريتها العالمية للتمينة الثقافية كمشروع للعقد العربي للتتمية الثقافية ،والمقدم في نفس الوقت للمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم، في دورتها الحادية عشر لوزراء الثقافة العرب . التي جرت أشغالها في الشارقة بالإمارات العربية المتحدة عام 1998 م حيث تبنته  المجموعة العربية بالاعتكاف على اختيار العواصم العربية  للثقافة، والعمل على ترسيمها  بمنظمة  اليونسكو لتغطية العشرية الأولى من الألفية الثالثة. حدد على إثرها جدولا للعواصم العربية للثقافة . فكانت الانطلاقة الأولى من القاهرة عام 1996 ثم تونس 1997 فالشارقة 1998 ثم بيروت 1999 فالرياض 2000 إلى إن جاءت تظاهر الجرائر 2007. ونظرا للنجاح الكبير الذي حققته الجزائر العاصمة العربية للثقافة داخل الوطن وخارجة، بما اكتنزته العديد من مدنها التاريخية العريقة وماتركتة الحضارات المتتالية ، فقد خظيت باستضافة تظاهرة ثانية وفي ضرف قياسي عربي ثقافي ، ستنطلق فعالياته بعد أيام قلائل من عام 2015 بمرجانة الشرق الجزائري، وبأجمل مدينة  منظرا في العلم قسنطينة ، تلك التظاهرة  التي تهدف إلى تنشيط مختلف المبادرات الثقافية والحضارية والفكرية،
 و تعمل على دعم الإبداع وتوسيع مجالات الحوار العربي المشترك والانفتاح على حضارة وثقافة الأمم و الشعوب الأخرى، من أجل تعميق ثقافة التعاون والتسامح،  واحترام الخصوصيات الفكرية والمعرفية والإبداعية والتعريف بها، وجعل ذلك الحدث أو تلك التظاهرة الثقافية جسرا للتواصل بين العواصم، من أجل  التنمية الثقافية وموسما سنويا تجتمع فيه الثقافات الإنسانية والتي على أثرها تضبط البرامج الفكرية والمعرفية، من اجل تفعيلها بين الأمم والشعوب وفق العناصر والأسس التي تتميز بها كل مدينة من مخزون أو رصيد أو موروث اثأري وتراثي كما يضاف إلى ذلك الرغبات الملحة من زعماء وقادة الدول العربية التي تزخر مدن بلدانهم بالتراث الحضاري  العربي، لاحتضان التظاهرة المصطلح على تسميتها «العاصمة العربية للثقافة».
من العواصم العربية إلى العواصم الإسلامية للثقافة 2005- 2013 -  
على غرار ما قامت به المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم وما عرفته  تظاهرات العواصم العربية للثقافة من نجاحات وأصداء عربية و عالمية سارعت المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة « الايسيسكو « بمبادرة ثقافية تهدف إلى إحداث عواصم للثقافة، في الدول العربية والإسلامية حددت بثلاث مناطق هي العالم العربي ، وإفريقيا ، وأسيا. بالإضافة إلى استضافة المؤتمر الإسلامي ودورة اجتماع وزراء الثقافة للدول الإسلامية، وفق ماتم الاتفاق عليه في عام 2001 بين الدول الأعضاء في منظمة المؤتمر الإسلامي وفي الدورة الثالثة لوزراء الثقافة، التي انعقدت في قطر والتي اعتمدت  فيها مختلف التوصيات والنتائج الصادرة عن الدورة الرابعة لوزراء الثقافة بالجزائر 2004 من أجل تعزيز العلاقات الثقافية والتعريف بالموروث الفكري والعمل على نشر ثقافة السلم والمصالحة والتسامح وحماية الإنسانية من المخاطر التي تهدد حضارتها وهويتها ،حيث حدد المؤتمر الإسلامي رزنامة شاملة لفعليات «   عواصم الثقافة الإسلامية ، انطلاقا من مكة المكرمة عام 2005 طيلة عام كامل ، محققة بذلك نجاحا كبيرا ضبط على إثره برنامج خاص بالمناطق الثلاثة ،فكانت (حلب – أصفهان – تمبكتو 2006 ) وهكذا توالت التظاهرات بعواصم الثقافة الإسلامية التي بلغت ما يقارب (20 تظاهرة) بمختلف المدن العربية والإسلامية و بالوطن العربي وإفريقيا وأسيا. كان للجزائر فيها الدور البارز في احتضان التظاهرة العالمية التي جرت فعاليتها وطلية عام كامل في « تلمسان عاصمة الثقافة الإسلامية 2011.
«يتبـــــــع»

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19630

العدد 19630

السبت 23 نوفمبر 2024
العدد 19629

العدد 19629

الجمعة 22 نوفمبر 2024
العدد 19628

العدد 19628

الأربعاء 20 نوفمبر 2024
العدد 19627

العدد 19627

الثلاثاء 19 نوفمبر 2024