يتساءل علماء النفس وعلماء الاجتماع عن نسبة الانتماء الديني الحر، أي أن الفرد يختار الدين الذي ينتمي له بملء إرادته الحرة، بخاصة في مرحلة نضجه العقلي، كأن يقوم بالاطلاع على كافة الأديان والمذاهب في حدود الطاقة الانسانية، ثم يقرر أن يتبع أحدها أو يتحول عن دين أهله أو يكفر بكل الأديان أو أن يتبنى الغنوصية أو اللاأدرية، وهو هنا يمارس دوره – كإنسان- في الاختيار الفردي الحر، وهي في تقديري أعلى مراتب الحرية.
لكن الدراسات الميدانية في الدول المختلفة من حيث التقدم أو التخلف أو التنوع الديني أو العدد السكاني او الدول الجديدة او القديمة (التاريخية)... إلخ، تشير إلى أن حوالي 93% من سكان العالم «ورثوا الانتماء الديني» من والديهم ومجتمعهم، وأن نسبة المطلعين على الأديان الأخرى وبالقدر الذي يؤهلهم للاختيار بين الأديان لم يتجاوز 7% من سكان العالم.
وتشير الدراسات المختلفة (لا يتسع المقام لذكر عشرات الدراسات في هذا المجال)، إلى أن بدايات القلق الديني تظهر في مرحلة المراهقة المبكرة، وتأكدت هذه النتيجة (طبقا لهذه الدراسات التي تم نشرها خلال الأربعين سنة الماضية)، كما تبين أن هذا القلق يظهر مع الإناث قبل الذكور، وأن عملية التحول عن الدين (أي دين) تبدأ عند المرأة قبل الرجل بمعدل عامين تقريبا.
وتحدد الدراسات أسباب التحول الفردي من دين الى دين آخر أو من دين الى اللادينية أو الألحاد أو التنقل بين المذاهب داخل نفس الدين، إلى عدد من الأسباب:
أ- التحول الثانوي: وهو التحول من دين لآخر لدوافع فردية مثل تأثير شخص (صديق، زوج أو زوجة...إلخ).
ب- تحول رهبة الموت: أي أن البعض عندما يتقدم به العمر ويرقد على فراش الموت تراوده هواجس التغيير او العودة لدينه الأول إذا كان قد تحول سابقا.
ت- تحول الصدمات الحياتية: أي أن يتعرض الشخص إلى واقعة معينة او ظروف معيشية تكون نقطة تحول في رؤيته للذات والكون والآخر. فالصدمات النفسية مثلا، تجعل الأنا العليا أكثر نشاطا، مما يدفع الفرد إلى تأنيب ضمير يوقظ فيه وجدانا دينيا أو العكس.
ث- التحول البراغماتي: (أي لقضاء مصلحة، مثل الزواج من طرف آخر ينتمي لدين آخر، أو للحصول على منفعة ما).
ج- التحول بالقوة، نتيجة الحروب أو فرض سلطة معينة دينا معينا.
ح- التحول العلمي: أي نتيجة البحث والمقارنة بين الأديان والتي تقود الى التحول نحو دين معين أو الكفر بها كلها أو غير ذلك مما أشرنا له أعلاه.
يتبع