في كثير من الأحيان تتدحرج الذكرى بين زوايا العتمة وتفوح منها رائحة السفر ... لا الدمع يكفكف آلام الرحيل ولا الوجع الضارب في أعماق النفس يخفف لوعة الفراق، ولا التوقف عند محطات الرفاق يجلب شيئا من السلوى، فتصبح جميع العناوين غائبة عن حلاوة الذكريات، للموت رهبة وكبرياء، ولنا من بعدكم انتظار في محطات قد تطول وقد تقصر، وقد نرهق وقد نصفو، وقد تُضحك وقد نبكي... للموت مرارة وألم وشعور بالغ بالفقدان، نحن وحدنا من تمتد به الحياة نبكيكم، ونذرف الدمع في وداعكم، ونحن لا نكاد نصدق أننا لن نراكم بعد اليوم، إننا في الحقيقة لا نبكيكم لأنكم رحلتم، بل نبكي أنفسنا لأنكم تركونا وحدنا، إننا نبكي من أجلنا نحن، لأنكم رحلتم، فلن تشعروا ببكائنا، ولن تستعيدوا شيئا مما مضى.
بهذه الكلمات نودع إنسانة وكاتبة وصحفية كرست حياتها لفلسطين وأسراها البواسل، وكانت عنوانا أبرز ما فيه صدق المشاعر ونبل الأفكار، فلقد فارقتنا وهي في ريعان شبابها وكان لسان حالها يقول دمي من أجل فلسطين، إنها الشهيدة آمال مرابطي بنت الثالثة والثلاثيون ربيعا، عملت بصمت ودون ضجيج، لم تبحث عن الشهرة والأضواء إنما بحثت عن الحقيقة وعن وجع فلسطين. فهي التي كتبت عن معناة الشعب الفلسطيني وأسراه البواسل وأفردت صفحات وصفحات وهي تصف هذه المعاناة، وعندما تقرأ ما تكتب تشعر للوهلة. الأولى أنها بنت فلسطين وبنت الأقصى فلروحك السلام أيها الملاك الطاهر فاهنئي بما عملتي من واجب وطني، ولا يسعنا نحن أبناء الشعب الفلسطيني إلا تقديم التعزية والمواساة لأهل الفقيدة وللشعب الجزائري الشقيق، وإنا لله وإنا إليه راجعون.