تقرّر هذا العام إعلان دخول مبكر إلى الجامعات والمعاهد الوطنية، الذي تزامن والتحاق أساتذة التعليم العالي بمقر عملهم في الـرابع من شهر سبتمبر، على أن يكون التحاق الطلبة بعد ذلك متزامنا ومطلع الأسبوع الجاري، هذا ما قرّرته وزارة التعليم العالي، لكن على أرض الواقع حضر الأساتذة وغاب الطلبة، حضور محتشم بالكاد يكون منعدما في بعض الكليات رغم تشديد الإدارة على تسجيل الغيابات واحتسابها، لكن هذا لم يردع الطلبة في الالتزام بمواعيد الدخول الجامعي.
كانت لنا فرصة الوقوف عن قرب بثلاث جامعات على المستوى الوطني، جامعة باجي مختار، عنابة، جامعة العربي بن مهيدي، أم البواقي، جامعة عمار ثليجي الأغواط.
طلبة الاستدراك يدشنون جامعة باجي مختار
سجلت جامعة باجي مختار بعنابة هذا العام تاريخ الـ ١٥ من سبتمبر إعلان التحاق الطلبة بالمدرجات، وكذا الحصص التطبيقية كغيرها من جامعات الوطن، لكن الأجواء العامة على مستوى أكبر مجمع لكليات البوني لا تنبئ بالتحاق الطلبة بالمدرجات الفارغة، الأساتذة يترقبون، والإدارة في حيرة من أمرها رغم إخطارها عن طريق العديد من الإعلانات المعلقة على مستوى مداخل الكليات والأقسام أن الـ ١٥ من سبتمبر يعد تاريخ بداية الدروس، وأن كل متأخر عن مقاعد الدراسة سوف يتعرض إلى إجراءات تسجيل الغيابات بطريقة رسمية، ويتم الاحتساب الفعلي للغياب، حتى إذا وصل عددها ثلاث غيابات يعتبر الطالب مقصيا من اجتياز الاختبار في ذلك المقياس.
يبدو أن التشديد على مسألة الغيابات لم يأخذها الطلبة على محمل الجد، لأنه في أغلب الأقسام والكليات والمعاهد عادة لا يتم احتساب الغيابات في بدايات الدخول الجامعي، مما أصبح تقريبا تقليدا ساريا في عمل الإدارات الجامعية، أين تجدها تتعامل بمرونة مع غيابات الطلبة في الفصل الدراسي الأول، على اعتبار أن الطالب في بدايات الدخول الجامعي له العديد من الأعذار، كأن يكون هناك منهم من تأخر لعدم إعلان نتائج اختبارات الاستدراك، وبالتالي فهو ملزم باجتياز الدورة الاستدراكية والنجاح حتى يتسنى له الالتحاق بالعام الجديد، كذلك الطلبة الجدد لهم العديد من الأعذار كإجراءات التسجيل في المعاهد ، والتحويل والإقامات الجامعية، وكذا الجو العام للجامعة الذي لم يتعوّد عليه الطالب بعد.
مما دفع أغلب إدارات الأقسام والكليات في عملية تسجيل غيابات الطلبة الى الاعتماد على الأشهر الثلاثة الأخيرة من الفصل الأول واحتسابها فيها بطريقة فعلية كإجراء يأخذ بعين الاعتبار ظروف الطلبة في بدايات الدخول الجامعي.
جامعة أم البواقي جاهزة بضبط التوزيع الزمني
تتميز جامعة أم البواقي إدارايا بشيء من الصرامة الإدارية في إعداد ظروف استقبال الموسم الجامعي ككل عام، من خلال إعداد التوزيع الزمني للمواد والمقاييس الدراسية، وكذا توزيع الطلبة على مستوى الحصص والأقسام وكذا المدرجات.
وشهدت هذا العام كغيرها من جامعات الوطن تأخرا ملحوظا في التحاق الطلبة بالمدرجات بسبب الامتحانات الاستدراكية التي تم مباشرتها وبداية شهر سبتمبر، مما خلّف تأخرا ملحوظا في إعلان نتائج الطلبة في هذه الدورة، وكذلك تنظيم العديد من مسابقات ما بعد التدرج وبداية العام على مستوى بعض الأقسام على اعتبار أن بجامعة العربي بن مهيدي مازالت دفعات النظام الكلاسيكي لم تتخرج بعد على مستوى بعض الأقسام، مما زاد من أعباء الإدارة الجامعية وبالتالي هذا ما يتطلب من الجهة المعنية التفرغ لتأطير هذه المسابقات على حساب الإعداد للدخول الجامعي الجديد.
رغم ذلك التحق الأساتذة بالمدرجات في موعد محدد، لكن الغائب الكبير هو الطالب، الأمر الذي عرقل السير الحسن للدروس، فعلى مستوى الحصص يسجل معدل حضور ضئيل جدا للطلبة، الأمر الذي يبقي الأستاذ في حيرة، هل يباشر بداية تقديم المقرر الدراسي أم يتريث لحصص أخرى لكي يلتحق الجميع، ضف إلى ذلك الوقت الضيق الذي يتعذر معه إنهاء المقرر الدراسي السنوي. أمام هذه المسؤولية يتطلب الأمر تدخل الإدارة بشيء من الصرامة على مستوى الأقسام والكليات من أجل توحيد تاريخ التحاق الطلبة بمقاعد الدراسة بصورة فعلية، وتفعيل إجراءات الردع المتخذة من خلال احتساب الغيابات الفصلية للطالب وإعلان أول تاريخ التحاق بمقاعد الدراسة، دون ذلك يضيع الكثير من الوقت أمام الطالب والأستاذ في الإحاطة بالبرنامج السنوي، وهذا لا يخدم الطرفين في الجامعة.
دخول جامعي حار بجامعة عمار ثليجي الأغواط
عند تواجد «الشعب» هذا العام على مستوى جامعة عمار ثليجي بالأغواط الذي تزامن مع الدخول الجامعي، أهم ما سجلناه على مستواها إقبال محتشم للطلبة على مقاعد الدراسة، والتي لا تزال موصدة أمام طلبة أغلب الأقسام وكذا الكليات، على عكس جامعات الجهة الشرقية التي بدأت تباشر عملية تقديم الدروس للطلبة، ويرجع انطلاق الدراسة بجامعة الأغواط إلى الارتفاع الكبير في درجات الحرارة، حسب ما أفادنا به العديد من الطلبة الذين استطلعنا آراءهم، والتي كانت عائقا كبيرا وبالخصوص في المناطق السهبية.
كما أن بعض الأقسام سجلت تأخرا على مستوى إداراتها في إعداد جداول الزمن للمقاييس وتوزيع قاعات ومدرجات الدراسة على الطلبة، الأمر الذي شكّل ضغطا على الهيئة التعليمية التي تعتبر هي الاطار الإداري الذي يسير أغلب المرافق الجامعية. كما سجل فتح العديد من تخصصات الماستر على مستوى بعض الأقسام أيضا فارقا في إعداد برامج هذه التكوينات الجديدة وتوزيع تأطيرها وإعداد قوائم الطلبة الناجحين على مستوى هذه التخصصات الجديدة.
هذا ما ضاعف من المسؤولية الملقاة على عاتق الأساتذة خاصة من إلتقينا بهم على مستوى قسم العلوم الإنسانية، بالإضافة إلى إشراف الإدارة على تنظيم المسابقات الخارجية بالتحاق الأساتذة، مما يؤدي إلى زيادة المسؤولية الملقاة على الجامعة، وهذا كله يصب في إطار تأخر الطلبة بمقاعد الدراسة.
وتبقى أغلب أسباب تأخر الطلبة في الالتحاق بمقاعد الدراسة، مرتبطة بصفة كبيرة بالطلبة أنفسهم بسبب المرونة التي تتعامل بها الإدارة على مستوى الأقسام والكليات في احتساب غيابات الطالب وبداية كل دخول اجتماعي، الأمر الذي يجب أن تقف معه إدارة الجامعة بشيء من الصرامة وتوحيد التحاق جميع الطلبة في يوم واحد.