34 ألف شخص فقدوا في البحر المتوسط في 17 سنة الأخيرة
كشف موقع وزارة الدفاع الوطني أن القوات البحرية الجزائرية أوقفت 2769 مهاجر غير شرعي أو «حراقا» من الفاتح جانفي إلى 20 نوفمبر 2017، وتكشف الإحصائيات التي أوردتها وزارة الدفاع الوطني بالتفصيل عن كل عملية عبر كل مراحل السنة الارتفاع المذهل لهذه الظاهرة العابرة للقارات والتي عجزت كل الاستراتيجيات الردعية في معالجتها وباتت تستدعي تدخل الجميع من أجل معالجة الظاهرة من الجذور.
ما وراء الإحصائيات
تحمل الإحصائيات التي تحصلت عليها «الشعب» الكثير من الخلفيات والأسرار التي تحكم الظاهرة ففي الفترة بين 01/ 02/ 03 جانفي2017 أوقفت قوات خفر السواحل الجزائرية 102 حراق، حيث حاول هؤلاء استغلال احتفالات نهاية رأس السنة الميلادية لقطع البحر على متن زوارق تقليدية بينما كانت حصيلة نفس الشهر 153 حراق حاولوا الانطلاق من شواطئ عنابة ووهران ومستغانم وعين تموشنت، مع انفراد شواطئ راس فلكون بوهران بالريادة حيث تم إيقاف 73 شخصا.
ويلاحظ أن «الحراقة» لم يعد يخيفهم البحر حيث تمت الكثير من عمليات الحرقة في عز الشتاء والبحر في أسوأ أحواله إذ يعتقد الحراقة أن قوات خفر السواحل ينقص نشاطها في هذه المرحلة.
شواطئ سكيكدة تدخل على الخط
دخلت شواطئ سكيكدة الخط في مجال الحرقة حيث وفي ظل تضييق الخناق على محاولات الهجرة غير الشرعية من شواطئ عنابة والقالة اهتدى الشباب إلى شواطئ سكيكدة من خلال التمويه حيث يحاولون إبعاد شبهة الحرقة عنهم بزيادة مسافة 100 كلم على أن لا يقعوا في قبضة حراس السواحل الجزائرية التي تفطنت للأمر وقامت بالعديد من العمليات على مستوى شواطئ سكيكدة والملفت للانتباه أن بعض الحراقة حاولوا الهجرة نحو أوروبا عبر شواطئ القل في رحلات نادرة ولكن تعكس تطور نشاط شبكات الهجرة غير الشرعية.
وتمكنت قوات خفر السواحل من توقيف 98 شخصا في فبراير 2017 منهم 78 بعنابة و 20 بوهران.
ولم تسجل القوات البحرية أية عمليات توقيف في شهري مارس وأفريل لتقوم بعمليتين ناجحتين في عنابة شهر ماي من خلال القبض على 56 شخصا يومي 14 و 15 أحدهما بعنابة وأخرى بالقالة التي أوقف فيها 48 شخصا.
ونلاحظ من خلال التواريخ وجود تنسيق كبير بين شبكات تهريب البشر عبر المتوسط فالتواريخ مضبوطة ومتقاربة ومحاولة تضليل قوات خفر السواحل وتشتيت مجهوداتها ظاهرة للعيان.
حصيلة جوان تمثل 60 بالمائة من حصيلة السداسي
بعد تراجع عدد الحراقة في أشهر مارس وأفريل وماي عادت الظاهرة بقوة في شهر جوان حيث تم ضبط 319 شخص بشواطئ عنابة والقالة ومستغانم ومرسى بن مهيدي والقل وتنس ويعكس هذا العدد الهائل من الشواطئ انتشار ظاهرة الحرقة عبر مختلف ربوع الوطن وحتى شواطئ تنس بالشلف ومرسى بن مهيدي بتلمسان باتت تستقطب الشباب «الحراق» في مشهد يدعو لضرورة توسيع الحلقات التي تتكفل بالظاهرة.
وسجلت حالات الهجرة غير الشرعية بعنابة ومستغانم، ومرسى بن مهيدي، والقل وتنس حيث تم توقيف 18 شابا.
ولم تسجل القوات البحرية شهر جويلية الماضي أي حالات توقيف، وعادت الظاهرة للبروز في أوت من خلال توقيف 164 شخص.
عنابة تصبح «لا مبيدوزا» الجزائر
كشفت حصيلة شهر سبتمبر الماضي أرقاما مخيفة حول تنامي ظاهرة الهجرة غير الشرعية حيث تم توقيف 601 شاب بشواطئ عنابة وتنس وبني صاف ووهران والقالة، ويأتي هذا العدد في ظل تكثيف شبكات التهريب لنشاطها واستغلالها لتجميع العدد الكافي من الحراقة وكذا جمع الأموال اللازمة بعد الهدنة التي أعلنوها منذ شهر رمضان، وكذا التحري عن الأشخاص الراغبين في الحرقة لإنجاح مخططات المرور نحو إيطاليا أوإسبانيا اللتان تبقيان الوجهتان المفضلتان للحراقة.
وسجل شهر أكتوبر الرقم القياسي حيث تم ضبط 811 شاب وهو يحاولون الإبحار سرا نحو أوروبا ومعظم العمليات كانت في غرب البلاد حيث استغل هؤلاء تحسن الأحوال الجوية وتأخر أمطار الخريف للقيام بالمزيد من عمليا الحرقة.
وقبل نهاية شهر نوفمبر وفي ظرف 20 يوما أوقف خفر السواحل 567 شخص.
قانونيون يؤكدون ضرورة معالجة القضية من الجذور
كشف حمزة شبارة محامي من مجلس قضاء العاصمة أن ظاهرة «الحراقة» يجب أن تعالج من الجذور لأن التركيز على الردع والجانب الأمني لن يمنع الشباب من مواصلة المغامرة.
وقال نفس المصدر في حديث لـ»الشعب» إنه حضر جلسة محاكمة لـ 4 شباب حراقة ينحدرون من ولاية عنابة وتم ضبطهم في العاصمة، وكان من بين الأربعة شاب له 4 أحكام غير نافذة وغرامات مالية وقال للقاضي أنا متزوج في أوروبا وأولادي هناك وعند طردي للجزائر لم استطع التأقلم ولا أنوي السرقة أو إلحاق الضرر بالأفراد أو ممتلكاتهم ولهذا سأواصل محاولات الهجرة غير الشرعية حتى أصل مرادي.
وأشار المحامي إلى أهمية مراجعة الكثير من السياسيات لعدة أسبب وأهمها رفع الحرج عن الجزائر التي ستهتز صورتها إذا ما تم تواصل ضبط جحافل الحراقة التي باتت ظاهرة عالمية وتحتاج للتمعن لأن استمرارها سيخلف الكثير من التبعات السلبية خاصة عند الدول المستقبلة لهؤلاء المهاجرين غير الشرعيين.
7ملايير دولار عائدات تهريب البشر في العالم
تصف التقارير الدولية حول تهريب البشر عن وجود شبكات عالمية منتشرة في مختلف القارات تستفيد من عائدات مهمة من هذا النوع من التجارة «. فحسب الأمم المتحدة، يجني المهربون من إفريقيا إلى أوروبا ومن أميركا الجنوبية والوسطى إلى أميركا الشمالية، نحو 6 مليارات و800 مليون دولار سنويا. في حين يجني بعض المهربين أكثر من 60 ألف دولار أسبوعيا من هذه العمليات.
كما ذكرت دراسة أجرتها المنظمة الدولية للهجرة أن البحر المتوسط هو أكثر الطرق فتكا بالنسبة للمهاجرين غير النظاميين.
وجدت الدراسة أن نحو 34 ألف شخص فقدوا حياتهم أو فقد أثرهم في البحر خلال الأعوام السبعة عشر الماضية، أثناء محاولتهم الوصول إلى شواطئ أوروبا.