صرخات استغاثة للتكفل بالانشغالات تنقلها «الشعب»
لا تزال مظاهر الفقر والتهميش تطغى على عديد المناطق الريفية المعزولة بقسنطينة رغم البرامج التنموية المخصصة لها. الكثير من مناطق الريف القسنطيني تعيش التهميش لا تصلها كل البرامج الانمائية. حسب ما رصدته «الشعب» في هذا الاستطلاع الميداني بعاصمة الشرق الجزائري.
«الشعب» في خرجات ميدانية لعدد من المناطق المعزولة عبر بلديات قسنطينة، في مقدمتها منطقة بدوار «أولاد جبنون» والمعروف بالقوامية، توقفنا عند أحد أكبر وأقدم مداشر بلدية عين عبيد يزيد عدد سكانه عن 400 عائلة. وجدنا المنطقة التي تبعد عن الولاية بـ 50 كلم وعن مقر البلدية بـ 10 كلم، تعاني جملة من النقائص والمشاكل، على رأسها غياب الغاز الطبيعي.
هذا المشكل الذي أثر سلبا على يوميات السكان الذين تشكل عملية التزود بقاروات غاز البوتان «بسيكوز» يؤرقهم، معبرين عن أملهم في ان تتكفل بهم السلطات المحلية وتنزيل عنها هذا الكابوس.
نفس المشكل يعيشه سكان القرية التابعة لمنطقة برج مهيريس ما زاد من مشقتهم خاصة عند حلول فصل الأمطار. قال لنا بعض القاطنين ان معاناتهم لا تطاق خلال موسم الشتاء المعروف بقساوته هنا بالمنطقة في ظل الانخفاض الكبير في درجات الحرارة التي تصل الى ما دون الصفر درجة.
ما زاد السكان حسرة وتألما، على حد تعبيرهم، أن المنطقة لا تبعد سوى أمتار فقط عن برج مهيريس، والتي استفادت في السنتين الماضيتين من الغاز، وهو ما أثار استياءهم وامتعاضهم بشكل كبير.
غير بعيد وجدنا سكان دوار زهانة، «بير لكراطس» و»دوار بولقنافد» المناطق الريفية الساحرة، تعاني العزلة والتهميش. يومياتهم تتلخص في البحث عن قارورات الغاز التي يحملونها على أكتافهم رغم قساوة الظروف الطبيعية التي لطالما ألقت ولازالت تلقي بظلالها عليهم.
اشتكى السكان من هذه الوضعية قائلين إن معاناتهم مستمرة رغم وعود المنتخبين والسلطات المحلية التكفل بهم. هذا ما جعلهم يجددون مطلبهم الملح الى الجماعات المحلية للالتفاتة إليهم والنظر في همومهم البسيطة ممثلة في التزود بالغاز وفك خناق العزلة عنهم، معتبرين أنهم أحق بالحياة الكريمة والتطلع للعيش الافضل أسوة بما يتمتع به سكان الولاية الاخرين دون تمييز وانتقائية بين منطقة وأخرى.
أهالي منطقة «القراح» ببلدية أولاد رحمون يستغيثون
واصلنا سيرنا اتجاه مناطق قسنطينة الريفية حتى بلغنا منطقة القراح التي قيل لنا بعض قاطنيها انهم بعيدين عن اهتمام الجماعات المحلية التي تركتهم ومشاكلهم المتراكمة دون ان تحرك ساكنا.
قال هؤلاء لـ «الشعب»: «ان القراح منطقة معزولة، تقع ببلدية أولاد رحمون، أقل ما يقال عنها أنها خارج مجال التغطية تعيش تحت وطأة التهميش واللامبالاة، هي منطقة يتكبد خلالها السكان معاناة حقيقية فرضتها ظروف قاسية.»
تدخل آخرون بغضب: « نحن من الأهالي نتخبط وسط مشاكل كثيرة في ظل انعدام ضروريات العيش الكريم ليزيد عامل التهميش واللامبالاة من طرف المسؤولين من تأزم أوضاعنا».
عبّر لنا السكان بشدة عن غضبهم واستيائهم إزاء الوضعية المزرية التي تشهدها منطقتهم منذ عقود كثيرة فهم يعيشون حالة العزلة وحتى مشروع التهيئة الحضرية الذي حظيت به منطقتهم لازال يسير بوتيرة السلحفاة رغم انه اقتصر على تعبيد الطرقات والأرصفة لا غير ليبقى وضعه سيء للغاية، إذ تتسم ملامحه بالبدائية والتراجع الذي يلحظه الزائر منذ الوهلة الأولى.
إنها مشاكل أرهقت السكان وأدخلتهم في دوامة البحث عن حلول وبدائل تمكنهم من العيش في ظروف أحسن. أكد سكان منطقة القراح حاجتهم الماسة لسماع انشغالاتهم والالتفات لطلباتهم بصفة جدية تزيل عنهم مظاهر التخلف و التراجع، معتبرين جريدة «الشعب» أملهم في إيصال شكواهم الى المعنيين أصحاب القرار المحلي ولا تذهب صرختهم سدى.
من جملة القضايا المثيرة النظر في الوضع المخزي لشبكة الطرق المؤدية إلى معظم المناطق المجاورة والتي توجد في حالة مزرية وبدائية فضلا عن غياب المشاريع ذات صلة بإنعاش وإحياء المنطقة، إضافة إلى انعدام الإنارة العمومية.
شدّد السكان على الإنارة العمومية، معتبرين أنها تتصدر مطالبهم خاصة وأن المكان يتسم بانعدام الأمن بسبب موقع المنطقة التي تتوسطها سلاسل جبلية مخيفة ما يجعل القرية تغوص في ظلام دامس، مع أول ساعات المساء.
لم يتردد السكان في إثارة مشاكل أخرى تخص نقص الخدمات الصحية مؤكدين غياب المراكز الطبية، قائلين ان مستوى الخدمات بالمستوصف الوحيد بالقراح متدني بسبب الاكتظاظ اليومي.
في سياق أخر، ذكروا مشكل قنوات الصرف الصحي التي أضحت تثير استياء السكان حيث تشهد عطبا دائما تسبب في انتشار واسع للجرذان والحشرات، ناهيك عن الروائح الكريهة، متسائلين عن سبب هذا التهميش الذي يطالهم في وقت تشهد فيه الولاية قفزة نوعية في مجال التنمية، بينما تعرف مشاريع ضخمة وفي قطاعات متنوعة، فأين نصيب المنطقة من الاهتمام، يتساؤلون في حيرة وغضب.