عرفت مدينة الغزوات الواقعة بأقصى الشمال الغربي لولاية تلمسان وكغيرها من بلديات الولاية الـ٥٣ خلال السنوات الأخيرة، نموا عمرانيا كبيرا نجم عنه ارتفاع عدد سكان البلدية ليتجاوز تعدادها حاليا ٣٠ ألف نسمة موزعين بشكل غير متوازن بين الأحياء لاسيما تلك الحديثة منها على غرار حي أداس الذي ارتقى إلى مكانة الأحياء الهامة بالمدينة رغم مرور وقتا قصيرا على إنجازه، وعوض أن يكون الحي الأرقى على مستوى المدينة لايزال يعاني من نقائص جمة.
وكان من المفروض أن يكون هذا الحي نموذجا للأحياء الراقية والحضرية بالغزوات والتي يتم انجازها خلال السنوات الأخيرة بمقاييس معمارية صارمة ورغم اعتمادات الدولة من اموال ضخمة من اجل ذلك فلم يتحقق الهدف المنشود، حيث تعددت متاعب السكان التي يكابدون في العيش بهذا الحي والذي يحاذي المفرغة العمومية، لكل الفضلات الخاصة بكل البلدية والتي تصل الى بكميات تقاس بأطنان عدة يوميا من هاته السموم والتي يجهل مصدرها أحيانا كما يجهل محتوياتها ايضا وكان لذلك انعكاسا سلبيا على المحيط والصحة في آن واحد وتهديدا مباشرا لساكني الحي، حيث باتت الحشرات كالناموس والذباب والجراثيم تهدّد سلامتهم،حيث تتنقل الآلاف منها يوميا من المزابل الى داخل البيوت وتشارك اهلها وجباتهم الغذائية، خاصة في فترات الصيف أين تعكر صفو حياتهم العادية وفي الشتاء تشكل المزابل بركا مائية تترسب فيها البكتيريا والفيروسات وليس هذا فحسب، بل ان المزبلة غير المنظمة اصبحت مأوى مفضلا للعديد من القوارض والجردان والكلاب الضالة والتي اصبحت تزاحم المواطنين في الشوارع والبيوت كما صارت تهدّدهم بالتهجم عليهم بصفة مفاجئة خاصة الأطفال منهم والتي تضطر بعض العائلات الى عدم السماح لأطفالهم الصغار بالبقاء خارج البيت تجنبا لأي مكروه، أما تلاميذ المدارس فهم على استعداد يومي لأي طارئ وكثيرا ما يرافقهم اولياءهم للذهاب الى المدرسة خوفا من اي مكروه ولا تقف المعاناة عند هذا الحد، بل انه عند عملية حرق النفايات بصفة مستمرة في المفرغة فتنتشر روائح النيران المكونة من غازات سامة يجهل هي الأخرى محتوياتها وبشكل كبير في السماء وتحجب الرؤية احيانا وليس هذا فحسب، بل انها ايضا تتسبب في متاعب صحية لساكنتها لتطال الجميع، خاصة وأن مؤشرات اكدت ان العدد الأكبر من مصابي الربو وضيق التنفس عبر بلدية الغزوات يقطنون بهذا الحي، فالمرضى والشيوخ والعجائز لابد عليهم الهرب والفرار من الحي بمجرد اقتراب موعد عملية حرق النفايات اليومية التي تقوم بها المصالح المختصة ويضطرون الى التنقل خارج المدينة او لأحياء مجاورة الى حين هدوء الوضع.
سرقات اعتداءات وغياب الإنارة
يسجل الحي والذي يحتل موقعا استراتيجيا بالغزوات ويضم تعدادا معتبرا يتضاعف من حين لآخر بسبب توسعه ايضا انعدام الإنارة العمومية عبر عدة مناطق منه، خاصة على مستوى الطريق المؤدي للحي الرئيسي بالمدينة انطلاقا من باقي التجمعات المجاورة ومنه الى مدينة الغزوات، حيث يجد المواطنون صعوبة بالغة جدا في السير والوصول الى منازلهم، خاصة في الأوقات المتأخرة من الليل اثناء عودة الأولياء من عملهم اليومي ويتكرر المشهد في الساعات الأولى من صباح كل يوم بسبب الظلام، مما يضاعف ايضا من امكانية حدوث الاعتداءات من طرف اللصوص والمجرمين في هاته الفترات أو حتى المنحرفين اخلاقيا والذين يستغلون الفرصة للاختباء في زوايا وأركان هذا التجمع السكاني. وبالنسبة لمن يتوجهون لأداء صلاة العشاء والفجر بمسجد قرية العرقوب وهو المسجد الوحيد القريب من الحي يجب الاستعانة بمصابيح البطاريات في هاته الفترات لاسيما أثناء أداء صلاة الفجر والعشاء من كل يوم وكان المنظر شبيه بأشخاص أضاعوا الطريق في أدغال الغابة.
رحلة البحث عن قارورات الغاز
ولا يقتصر الأمر عند هذا الحد بل تطرح مشاكل اخرى في الحي تتعلق هي الأخرى بالبنية التحتية ومنها التدهور بنسبة كبيرة للطريق الوحيد الذي هو بمثابة النهج الرئيسي في الحي، والذي بات عبارة عن حفر وأتربة وأحجار مترامية هنا وهناك، ولا يصلح للسير تماما على الرغم من انجازه حديثا، خاصة وأن عملية تهيئته حديثة جدا، مما يطرح اكثر من علامة استفهام حول الأشغال التي تمت بها العملية والكيفية التقنية التي جرت بها العملية من المعاناة التي تؤرق سكان حي اداس هذا وتتنوع معاناة سكانه من فصل لآخر ففي الشتاء يتكرر الموعد مع الأوحال والبرك المائية، وكميات الطمي التي تصل الى عمق البيوت احيانا اما في الصيف، فبمجرد هبوب رياح ساخنة قليلة، إلا وتسحب معها آلاف بل ملايين من درات الأتربة الى البيوت وحتى الأفرشة أيضا وتصل الى حد المحلات التجارية لاسيما بائعي الخضر والمواد الغذائية والذين يضطرون الى تنظيف محلاتهم وبضاعتهم يوميا في سباق مع الزمن ضد هاته الظروف من جهة وتخوفا من زيارة غير سارة لأعوان التجارة قد تتسبب لهم في غلق المحلات بداعي غياب النظافة ومن مظاهرة معاناة سكان لحي ايضا هو الجري الدائم والمتواصل وراء قارورات غاز البوتان والتي تباع في مثل هاته الفترات الماطرة والباردة في الشتاء بأثمان ٢٥٠ دينار للقارورة الواحدة، وتصل احيانا الى دينار وهو ما لا يتماشى والقدرة الشرائية للمواطنين الذين أغلبهم من أصحاب الدخل المتوسط والضعيف من ساكنتها، وكل هذا يحدث في حي يضم أكثر من ٢٠٠ أسرة.
دراسات تقنية فاشلة وغياب المراقبة
كل الأوضاع لم تكن خافية على السلطات المحلية وعلى أعلى المستويات، مما جعل هاته الأخيرة تضع الحي ضمن أولويات اهتماماتها وترصد لهامبالغ ضخمة تتعلق بتجسيد كافة البرامج التنموية في شتى اشكالها، لاسيما البنية التحتية على مستوى مختلف الأحياء الحديثة، منها وحتى القديمة حتى تواكب هذا التطور الذي جعل الغزوات واحدة من كبريات مدن الولاية، لا سيما تلك البرامج المندرجة ضمن الغطاء الاجتماعي والتي تهدف الى تحسين حياة وبيئة المواطن رغم اعتمادات الدولة من أموال ضخمة كدراسات ومشاريع بنية تحتية لم يتحقق ذلك ومازالت مدينة الغزوات والتي تعتبر واحدة من اهم جهات ولاية تلمسان التي استفادت من تغطية في هذا الشأن تعاني وما هو يعكسه الواقع رغم مرور فترة وجيزة من انجازه وأصبح حاليا بمثابة بلدية صغيرة داخل بلدية كبيرة، فإن مختصون في القطاع المعماري يعتبرون حي أداس من الأخطاء الجغرافية الكبيرة من حيث التشييد لأنه يقع ايضا في ما يشبه بالهضبة التي تطل على البحر وهو ما يزيد الأمر سوءا، وقد تمّ في بادئ الأمر برمجة محلات ومستودعات ومدرسة ابتدائية أثناء الدراسات الاولية، ليكون حي متكامل المرافق كالأحياء الحديثة الى حد ما، لكن لم يحدث اي شيء من هذا القبيل وكل مساحاته اصبحت بناءات فردية غطتها كميات معتبرة من الخرسانة والاسمنت المسلح ومن المواطنين من شيّد فيلات تقدر بالملايير وآخرون، الى جانبهم أكواخا اسقفها من القرميد أو حتى صفائح حديدية من الألمنيوم مع تسجيل غياب لمساحات شاغرة وهو ما دفع بالساكنين إلى الاستنجاد بأعلى السلطات.
لتوفير حياة كريمة لهم وتوفير متطلبات الحياة الهنيئة والسعيدة وبلغو من خلال عدة رسائل انشغالاتهم للجهات المعنية للنظر في مشاكلهم هاته التي كثيرا ما يضعونها كإحدى الانشغالات الأساسية المشتركة.