«الشعب» تسلط الضوء على مشاركة الجزائر في الحملة الدولية

30 يوما في مواجهة أخطار البحر لصيد 370 طن من التونة الحمراء

زهراء.ب

 

فتح مزارع التسمين هدف مؤجل ومرسوم تنفيذي لضبط صيد التونة قريبا

يجهل الكثيرون عن عملية صيد التونة الحمراء التي تتم في إطار حملة دولية سنوية تشارك الجزائر فيها بانتظام منذ سنة 2012 تاريخ استعادة حقها في المشاركة بعد منعها لعدة سنوات لأسباب يعرفها الجميع، فالبعض يختصر العملية في حجم الكمية المصطادة والجهة التي توجه إليها، متناسين الظروف المحيطة بالحملة، والإجراءات والتحضيرات التي تسبق العملية والتي غالبا ما ترهق الإدارة والمتعاملين على حد سواء نظرا لبعض الصعوبات التي تعترض طريقهم، سواء عند إعداد الملفات وإيداعها على مستوى الإدارة الوصية، أو عند الشروع في حملة الصيد التي تقيدها شروط صارمة من المنظمة الدولية للحفاظ على سمك التونة بالمحيط الأطلسي، فأي خطأ صغير أو تهاون قد يكلف ليس المشارك في الحملة فقط بل الجزائر غاليا.
حققت الجزائر نجاحا في شهر نوفمبر 2014، عندما تمكن الوفد المفاوض في اجتماع اللجنة الدولية للحفاظ على سمك التونة بالمحيط الأطلسي من مضاعفة حصة الجزائر إلى 370 طن بعد أن كانت في حدود 243 طن السنتين الماضيتين، وكان هذا بفضل توسيع أسطولها البحري الخاص بصيد التونة، إلى جانب التزامها بكل الشروط والقوانين، وكانت تلك الزيادة بمثابة اعتراف من المنظمة بخطئها في حق الجزائر بعد أن حرمتها من حصتها التاريخية التي كانت تقدر بـ 680 طن قبل سنة 2010.
انتزاع حصة جديدة من التونة الحمراء، فرض على الوزارة الوصية «شد الأزر» والشروع في تحضيرات حثيثة منذ شهر ديسمبر وإلى غاية شهر أفريل، حيث عملت حسب رئيس ديوان وزارة الصيد البحري والموارد المائية كمال نغلي، في حديثه لـ «الشعب» طيلة 5 أشهر على وضع  كافة الإجراءات والتسهيلات لصالح المعنيين والراغبين بالمشاركة في حملة الصيد لسنة 2015، فأطلقت في شهر ديسمبر الإعلان لملاك سفن سمك التونة والمهتمين بالعملية، تدعوهم فيه إلى إيداع ملفات المشاركة في حملة الصيد على مستوى الإدارة المحلية ويتعلق الأمر بمديرية الصيد البحري على مستوى الولايات، مع مراعاة الإجراءات والشروط الواجب التقيد بها وفقا للقانون.

تخفيف وثائق الملفات وتسهيلات لصالح ملاك السفن

ولأن مجهزي السفن الذين يتم قبولهم للمشاركة في حملة صيد التونة كانوا يصطدمون في وقت سابق بصعوبات عند إعداد الملفات، عمدت وزارة الصيد ـ يضيف نغلي- إلى تخفيف الوثائق المطلوبة وكذا تمديد مدة إيداع محضر زيارة التفتيش الذي تمنحه لجنة محلية تتكون من ممثلين عن مصلحة حراس السواحل
ووزارة الصيد البحري والموارد الصيدية إلى 3 أشهر، وقد تم إدراج ذلك في تعديل القرار المؤرخ في 19 أفريل 2010 الذي يؤسس حصص صيد التونة الحمراء بالنسبة للسفن التي تحمل الراية الوطنية والتي تمارس في المياه الخاضعة للقضاء الوطني، يحدد كيفيات توزيعها وتفعيلها.
ويلزم القرار المعدل الذي صدر شهر مارس 2015 كل مجهز سفينة الذي تم قبوله للمشاركة في حملة صيد التونة الحمراء، أن يودع محضر زيارة التفتيش الذي يتضمن رأيا بالموافقة غير مشفوع بتحفظات لدى الإدارة المكلفة بالصيد البحري المختصة إقليميا في أجل أقصاه 31 أفريل من كل سنة، كما يجب على كل مجهز سفينة تم قبوله في حملة صيد التونة أن يودع الوصل الذي يبرر دفع الإتاوة، لدى الإدارة المكلفة بالصيد البحري في أجل أقصاه 15 ماي من كل سنة.
ويرى نغلي أن هذا التعديل مهم جدا، إذ أزال الصعوبات التي كانت تعترض المتعاملين حيث منح لهم هامشا إضافيا من الوقت لإكمال إعداد الملف بأريحية، خاصة وأن المشارك في حملة الصيد مطالب بمنح معلومات تخص كيفية العمل، والجهة التي ستوجه إليها كمية التونة المصطادة وغيرها من المعلومات التي تفرض الإدارة تقييدها بشكل قانوني، فضلا على أن إدارة الصيد مطالبة قبل انطلاق الحملة بإيداع مخطط الصيد لدى اللجنة الدولية للحفاظ على سمك التونة في المحيط الأطلسي تعده بناء على المعلومات المتضمنة في ملفات المشاركين في الحملة.

صعوبات تعترض عملية الصيد ولكن ...

واجهت حملة صيد التونة لسنة 2015، بعض الصعوبات مقارنة بالحملة السابقة، فبعض ملاك سفن الصيد الذين تم اختيارهم للمشاركة اعترضتهم مشاكل عشية انطلاق الحملة، ما دفع الوزارة الوصية إلى تشديد اللهجة مع هؤلاء في مراسلات ذكرتهم بأهمية حملة صيد التونة و وأن الأمر يتعلق بالحفاظ على صورة الجزائر فحملة الصيد التونة دولية وليس حملة صيد سردين، تتطلب الحرص وتحمل المسؤولية والعمل بمهنية عالية لتفادي الوقوع في أي خطأ قد يكلف الجزائر غاليا.
فمن مجموع 12 مالك سفينة صيد تونة تم اختياره للمشاركة في حملة الصيد هذه السنة، تخلف اثنان أحدهما بسبب عطب ميكانيكي، والثاني بسبب مشاكل واجهته مع أحد شركائه استطاع في آخر لحظة تسوية الخلاف والالتحاق بملاك السفن الآخرين لاصطياد حصته من التونة، ناهيك عن تأخر بعض المتعاملين الآخرين في إتمام ملفاتهم وهو ما وضع الوزارة الوصية في موقف صعب فكيف تبرر للجنة الدولية للحفاظ على سمك التونة بالمحيط الأطلسي هذا الغياب؟، وهي التي تفرض شروط صارمة وترفض التساهل مع أي بند أو شرط.
والمشكل المطروح لدى اللجنة الدولية للحفاظ على سمك التونة بالمحيط الأطلسي، أنه في حال تغيير أحد المشاركين في الحملة، تطالب الإدارة الوصية بتغيير مخطط الصيد الذي يجب أن يرسل لها 15 يوما قبل انطلاق الحملة وإعلام اللجنة 48 ساعة قبل التغيير، لذا كان يستحيل تعويض المتعاملين اللذين واجها مشاكل بسبب ضيق الوقت، وعدم تفويت فرصة المشاركة في حملة الصيد التي لم يكن يفصل عنها سوى أيام قليلة، لذا اتخذت وزارة الصيد ـ حسب نغلي- إجراءات شددت من خلالها على المشاركين في الحملة التقيد بها لأنها ليست حملة سردين وصورة الجزائر مهددة في حال أي خطأ أو تقاعس من طرف هؤلاء.

11 متعاملا يشتركون في صيد الحصة

شارك في حملة صيد التونة الحمراء لسنة 2015، 11 متعاملا وارتفع عددهم كما ارتفعت حصة الجزائر إلى 370 طن، مقارنة مع العام الماضي حيث شارك 8 متعاملين لصيد 342 طن، ولأن صيد التونة ليس كما السمك العادي، اشترك المتعاملون في عملية الصيد حيث تم تقسيمهم إلى ثلاث مجموعات تضم الأولى متعاملين اثنين، والمجموعة الثانية 6 متعاملين، والمجموعة الثالثة 4 متعاملين.
وقد تم توزيع حصص الصيد بالنسبة لكل سفينة ـ حسب نغلي- في إطار احترام الحصة المخصصة للجزائر من طرف اللجنة الدولية للمحافظة على أسماك التونة بالمحيط الأطلسي وعلى أساس توصياتها العلمية.
واحتسبت وفق القاعدة الطول الإجمالي للسفينة في الحصة الوطنية تقسيم مجموع الأطوال للسفن التي تم قبولها، أو تحسب حسب القاعدة التالية: حمولة السفينة في الحصة الوطنية تقسيم مجموع الحمولات الإجمالية للسفن التي تم قبولها.

في مواجهة أخطار البحر بمضيق صقلية

اتجه المشاركون في حملة الصيد التونة الحمراء إلى مضيق صقلية الواقع بين ايطاليا وتونس، حيث يكثر تواجد سمك التونة بمختلف الأحجام وهو ما يسهل عليهم عملية الصيد، غير أن تعطل المتعاملين الجزائريين نتيجة توجههم إلى الموانئ اللوجيستيكية حيث تتواجد مزارع تسمين التونة للحصول على المؤونة، وتقوية طواقم السفن ببحارة مؤهلين، جعلهم يضيعون أسبوعا من عمر الحملة، فقد كان يفترض منهم الشروع في الصيد يوم 26 ماي 2015، غير أن أول عملية كانت بتاريخ 8 جوان 2015 تمكنت فيه المجموعة الأولى من صيد حصتها المقدرة بـ 70 طنا، في حين نجحت إحدى المجموعتين في صيد حصتها منتصف شهر جوان، غير أن الحصة الكبرى والمقدرة بـ 210 ضلت عالقة بسبب ظروف الملاحة الصعبة التي استمرت من 8 جوان إلى غاية 22 من نفس الشهر أي ثلاث أيام قبل انقضاء الوقت الرسمي للحملة والمحدد بمنتصف الليل من يوم 24 جوان، وهو ما جعل وزارة الصيد تراسل المنظمة الدولية للحفاظ على سمك التونة بالمحيط الأطلسي، لتمديد الآجال للمتعاملين الجزائريين غير أن الطلب قوبل بالرفض.
رغم ذلك لم تمنع التيارات البحرية العميقة ولا أمواج البحر المتلاطمة المجموعة من صيد حصتها في آخر لحظة من عمر الحملة، بعد أن ضاعفت جهودها خاصة وأن عملية الصيد كانت تتم عبر ثلاث مراحل أو أكثر، لكن الإشكال الذي بقي مطروحا أن المجموعة ضيعت 27 طنا من حصتها، بسبب الظروف الطبيعية الصعبة، فعملية تحويل سمك التونة من الشباك إلى الأقفاص الخاصة كادت أن تجهضها التيارات البحرية القوية، فالتماس السمك بشبكة الصيد مع وجود تلك التيارات يتسبب في موتها، ما دفع بالمجموعة إلى تقطيع الشبكة حتى لا تهلك جميع الأسماك، الأمر الذي جعلها تفقد 27 طنا من الحصة وبقي 200 طن.
ويعترف نغلي، أن نقص الخبرة لدى المشاركين في حملة الصيد وتهاون البعض منهم حال دون تخليص الحصة، غير أنه بدا متفائلا بالضبط الدقيق للحصة المصطادة، في مزارع التسمين حيث يتم استعمال كاميرات عالية الدقة تحت الماء، وصور ثلاثية الأبعاد.

3.7 مليون أورو عائدات بيع التونة في الأسواق الخارجية

ما تزال حصة الجزائر من التونة الحمراء توجه للأسواق الخارجية حيث يكثر عليها الطلب في البلدان الأسيوية، وهو ما يمثل موردا هاما من العملة الصعبة، إذ يباع الكيلوغرام الواحد بـ 10 أورو مما سمح للجزائر بتحصيل هذه السنة عائدات وصلت إلى 3 مليون و700 ألف أورو بعد أن كانت في حدود 2 مليون
و700 ألف أورو العام الماضي، في حين تم تحصيل نحو 10 ملايين دينار جزائري إتاوات دفعها المشاركون في حملة الصيد.
ويبقى إنشاء مزارع تسمين التونة بالجزائر هدف تسعى الوزارة الوصية إلى تحقيقه يوما ما، لأن الأمر صعب نوعا ما يقول ـ نغلي- نظرا لعدم تحكم المتعاملين وأصحاب سفن التونة بعد في تقنيات الصيد ونقص الإمكانيات، رغم الدورات التكوينية التي تخصص لهم سنويا، فضلا عن الشروط الصارمة للجنة الدولية للحفاظ على سمك التونة بالمحيط الأطلسي والعقوبات التي قد تسلط عليهم في حال عدم احترام القانون، وقد عمدت هذه الأخيرة إلى توقيف فتح مزارع تسمين التونة لتفادي انتشار الصيد العشوائي وغير الشرعي.
وتحاول الوزارة الوصية ضبط عملية الصيد النهائي للتونة، من خلال إعداد مرسوم تنفيذي يضبط نشاط صيد التونة، يتضمن جملة من الإجراءات الردعية ضد المتهاونين والمتخلفين عن حملات الصيد قد تصل إلى منعهم من المشاركة في حملة الصيد لمدة 3 سنوات، كما سيتم إعادة النظر في طريقة إيداع ملفات الراغبين بشكل يلزم الإدارة المحلية بإرسال نسخة من الملف إلى الإدارة المركزية وإمدادها بكل المعلومات ليتم على ضوئها إعداد مخطط الصيد في آجاله ومعالجة أي مشكل قبل انطلاق حملة الصيد رسميا.

 

 

 

 

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19629

العدد 19629

الجمعة 22 نوفمبر 2024
العدد 19628

العدد 19628

الأربعاء 20 نوفمبر 2024
العدد 19627

العدد 19627

الثلاثاء 19 نوفمبر 2024
العدد 19626

العدد 19626

الثلاثاء 19 نوفمبر 2024