ما يقارب مليون جزائري يغردون على «تويتر»

مصـدر معلومـة واتصال فـي العالم الافتراضـي

لطالما صنفت التقارير الدولية الجزائر في ذيل قائمة الدول المستخدمة لـ “تويتر” خلافا لدول مجاورة. لكن اللافت، خلال السنوات الأخيرة، أن هذا المعيار لم يعد صحيحا، بعد أن قفز عدد الجزائريين الذين يتواصلون عبره من 400 ألف شخص في 2012 إلى ما يقارب المليون في 2015، ما ينبئ بثورة في عالم التواصل الاجتماعي ومنافسة شرسة بين هذا الأخير وغريمه الفايسبوك؛ الفضاء الافتراضي الأكثر تداولا في الجزائر.

من منّا لا يعرف شبكة التواصل الاجتماعي التي لقيت اهتماما واسعا من قبل رؤساء العالم، أمثال الرئيس الأمريكي باراك أوباما والملك السعودي الجديد سلمان بن عبد العزيز آل سعود، الذي قام بتغريدة أول ما تمّ تنصيبه.
نحن نتحدث عن موقع “تويتر”، الذي يتميز بسرعة فائقة في إيصال المعلومات خصوصا الإخبارية، فما مدى تأثير هذا الموقع وهل فعلا تفوّق على وكالات الأنباء وشبكات التواصل الأخرى في سرعة نقل المعلومات؟ وما هي مكانة الجزائر من حيث استعمال هذا الموقع؟ أسئلة حاولنا الإجابة عليها في الاستطلاع الميداني الذي قمنا به.
قبل الإجابة على هذه الأسئلة، ارتأينا أن نقدم لمحة عن هذه التقنية المثيرة ونشأتها وأهم الخدمات التي تقدمها للمستخدمين.
من الأمور اللافتة للنظر، أن “تويتر” دأب دائماً على إضافة إمكانات جديدة لمستخدميه، وبالرغم من أن الأنترنت والإعلام الحديث والتطورات التكنولوجية تطرح دائما العديد من المواقع المنافسة لـ “تويتر”، إلا أن مستخدمي هذه المدونة ارتبطوا بها ارتباطا وثيقاً بحيث لا يمكنهم الاستغناء عن التغريد في “تويتر”.
كانت بدايات ميلاد “تويتر” الذي أخذ اسمه من مصطلح “،تويت” الذي يعني “التغريد”، في أوائل العام 2006، عندما أقدمت شركة (Obvious) الأمريكية على إجراء بحث تطويري لخدمة التدوين المصغرة، ثم أتاحت الشركة المعنية ذاتها استخدام هذه الخدمة لعامة الناس في أكتوبر من نفس العام، ومن ثم أخذ هذا الموقع بالانتشار، باعتباره خدمة حديثة في مجال التدوينات المصغرة بعد ذلك أقدمت المؤسسة ذاتها على فصل هذه الخدمة المصغرة عن الشركة الأم، مستحدثة لها إسماً خاصاً أطلقت عليه “تويتر” في أفريل العام 2007، وحتى نهاية العام 2010 وصل عدد المغردون الذين يستخدمون “تويتر” إلى أكثر من 200 مليون مغرد، وذلك لسهولة الاشتراك في هذه المدونة المصغرة، أما في 2015 فقد تم تسجيل 400 مليون مغرد عبر العالم.
284 مليون شخص يستخدمون “تويتر” شهريا و500 مليون في اليوم عبر العالم
تشير آخر الإحصائيات، إلى أن استخدام موقع “تويتر “في العالم وصل إلى 284 مليون مغرد شهريا و500 مليون في اليوم. ورغم أن الفايسبوك فاق هذا الموقع من حيث عدد المشتركين، من خلال تسجيله 890 مليون مستخدم شهريا، 1390 مليون يوميا، إلا أنه لا يتفوق عليه من حيث السرعة في نقل الأخبار والمعلومات.
كما لا يختلف إثنان في كون موقع “تويتر” أصبح يتم استخدامه كواحد من أسرع الطرق في الحصول على آخر الأخبار، وكوسيلة اخترقت الحجب في عديد البلدان لتروي للعالم ما يحدث هناك بعيدا عن مقص الرقيب، والدليل على ذلك اعتراف آدم سنايدر، الخبير الاستراتيجي في شركة القطاع الخاص “بيرسون مارستيلر”، خلال عقد الأمم المتحدة في مقرها بنيويورك حدثا حول يومها الأول الخاص بوسائل الإعلام الاجتماعية أمام الجمهور، أن تويتر جعل الدبلوماسية أكثر سهولة في الوقت الحقيقي، حيث لا يمكن إنكار تأثيره الكبير على السياسات الخارجية للدول.
الدول الخليجية تحتل المراتب الـ5 الأولى عربيا
من ناحية أخرى، تحتل الدول الخليجية المراكز الخمسة الأولى في استخدام تويتر في العالم العربي. ففي مارس 2012، أطلقت 88% من تغريدات المنطقة العربية من الكويت والسعودية والإمارات والبحرين، إلى جانب مصر. وتحوز الكويت أعلى معدل لاستخدام تويتر بشكل ملفت للانتباه، إذ يمتلك 12.8% من إجمالي السكان بالكويت وعددهم 2.8 مليون نسمة، حسابات على تويتر. وتم استخدام هذه الوسيلة بشكل كبير خلال الانتخابات البرلمانية في الكويت لشهر فبراير 2012، لمناقشة السياسات وسجلات التصويت لمختلف المرشحين، ولتوضيح التناقضات بين السياسات التي أقرها المرشحون وبين السجلات الفعلية.
وكانت المفاجأة عندما قام ملك السعودية الجديد سلمان بن عبد العزيز آل سعود، أول ما تم تنصيبه، بتغريدة في التويتر.
أكثر من 74.2 مليون تغريدة يتم إرسالها خلال شهر رمضان
وبما أنه لم تعد تفصلنا إلا أسابيع قليلة عن حلول شهر رمضان، أردنا أن نقدم للقراء معلومات عن أهم الخدمات التي تطرحها الشركة خلال الشهر الكريم، حيث تشير الإحصائيات إلى أن أكثر من 74.2 مليون تغريدة يتم إرسالها بهذه المناسبة، كون الموقع يضيف تحديثات جديدة خاصة برموز لشهر رمضان كالهلال باللغة العربية.
كما عقدت مؤسسة “تويتر” شراكة مع حساب قناة العربية الرسمي لكي يتمكن مستخدموه من معرفة أوقات الإفطار والإمساك بحسب موقعهم الجغرافي، حيث يمكن لأي مستخدم الإشارة بوسم إفطار أو إمساك مع اسم المدينة ليتم إرسال الوقت الخاص بذلك حسب طلب المستخدم، بالإضافة إلى أن 1.5 مليار مسلم من جميع أنحاء العالم يجتمعون على الموقع لتبادل التهاني بهذه المناسبة العظيمة.
الخبير يونس قرار: “الجزائر تعرف تأخرا من حيث استعمال “تويتر”
كشف الخبير في تكنولوجيات الإعلام والاتصال يونس قرار، في تصريح لـ “الشعب”، أن الجزائر تعرف تأخرا كبيرا من حيث استعمال شبكة التواصل الاجتماعي “تويتر” عكس بعض دول العالم، حيث قدر عدد المشتركين في هذا الموقع في الجزائر بأقل من مليون مغرد، في حين لايزال “فايسبوك” – على حد قوله – الوسيلة الأكثر ولوجا من طرف الشعب الجزائري من مختلف فئاته صغارا وكبارا، موضحا أن عدد الحسابات في شبكة التواصل الاجتماعي فايسبوك فاقت 8 ملايين.
وأضاف الخبير قرار، أن موقع “تويتر أصبح منافسا قويا لوكالات الأنباء العالمية ووسائل الإعلام في نقل المعلومات والأخبار، نظرا لخصوصيته المتمثلة في السرعة الفائقة في نقل الأخبار بجمل قصيرة ومبسطة، مؤكدا أن شبكات التواصل الاجتماعي أضحت السباقة في نشر المعلومة في الآونة الأخيرة، حيث تحولت إلى وكالة أنباء تزود متتبعيها بآخر الأحداث الميدانية معتمدة على الوسائل الحديثة.
رؤساء الدول الغربية يستعينون بهذه الوسيلة لشكر شعوبهم
أشار الخبير في تكنولوجيات الإعلام والاتصال يونس قرار، إلى أن موقع “تويتر” يلجأ إليه رجال السياسة ورؤساء دول العالم من أوروبا وأمريكا، حيث أصبح وسيلة يستعملونها لإرسال أول رسالة للشعب عند انتخابهم في الرئاسيات، كما فعل العديد من الرؤساء الذين شكروا شعوبهم على دعمهم عبر موقع “تويتر” وبعدها يتم نقل المعلومة في وكالات الأنباء ووسائل الإعلام.
آراء الصحافيين: “تويتر” له دور مهم في المشهد السياسي
أجمع أغلبية الصحافيين الذين تقرّبنا منهم من مختلف وسائل الإعلام لمعرفة آرائهم، على أن موقع “تويتر” في الجزائر قليل الاستعمال، عكس الدول العربية الأخرى التي استنجدت بهذه التقنية الجديدة لنقل الأخبار والحصول على آخر المعلومات، ما جعل “تويتر”، بحسب محدثينا، يلعب دوراً فعالاً في الأحداث السياسية في مختلف الدول وخاصة في منطقة الشرق الأوسط ويتفوق في بعض الأحيان على مواقع التواصل الاجتماعي الأخرى في سرعة نقل الأخبار.
الصحافي حمزة محصول، يرى أن موقع “تويتر” أصبح ينافس أو يتفوق على وكالات الأنباء العالمية في نقل المعلومات والأخبار، وله مصداقية أكبر من  شبكات التواصل الاجتماعي الأخرى، والدليل أن الملوك والرؤساء ومشاهير العالم كلهم يملكون حسابا به.
من جهته يرى الصحافي حكيم بن مولود، أن «تويتر له تأثير متوازن على الحوار السياسي والاجتماعي والديني في عديد الدول العربية، إذ حصل الكثير من الشباب من مستخدمي “تويتر” على فرصة الرد والمجادلة مع شخصيات سياسية هامة، بينهم وزراء ورجال دين أيضا وكبار المديرين التنفيذيين ورجال الأعمال بشكل أسهل من المواجهات الشخصية. لكن في الجزائر الأمر يبدو مغايرا لحد بعيد، لأن استعمال هذه الوسيلة محصور في بلادنا فقط بين بعض السياسيين والمثقفين والصحافيين المحترفين، عكس المواقع الاجتماعية الأخرى، التي يهتم فيها الشباب بميولاتهم الشخصية أكثر من السياسة، لهذا فإن الجزائر لم تتأثر كثيرا بسلبيات هذه الوسيلة على مستوى سياستها الخارجية مقارنة بدول أخرى».
وتقربنا أيضا من بعض الصحافيين بالقناة التلفزيونية “النهار”، حيث يعتقد الإعلامي المنشط مصطفى تونسي، أن استعمالات مواقع التواصل، خاصة “تويتر”، في الجزائر لاتزال بعيدة مقارنة بالفايسبوك، خاصة وأن هذا الموقع يجمع العديد من الحسابات لشخصيات وتغلب على هذا الموقع الجدية، لأنه يمنح فرصة لكتابة كلمات قليلة ودقيقة والذي يملك حسابا في تويتر يمكنه الاطلاع المستمر على التحديثات والأخبار العاجلة، خاصة في ظل وجود تطبيقات توفر هذه الخدمة.
من جهته أوضح الصحافي عمار شريتي، بالإذاعة الوطنية، في ذات السياق، قائلا: “أرى أن تويتر قليل الاستعمال في الجزائر. أنا شخصيا أملك حسابا فيه، لكن لقلة الأصدقاء والمتابعة فيه محليا لا أدخله كثيرا، أستعمله أكثر لمتابعة بعض الإعلاميين العرب ولاعبي الفريق الوطني لكرة القدم، الذين ينشطون فيه أكثر من فايسبوك.
على كل يبقى استعماله على المستوى العربي منحصرا أكثر في المشرقيين وهو أقل رواجا في المغرب العرب”.
وأضاف الصحفي عمار شريتي، أن “تويتر” يبقى على المستوى الدولي بعيدا جدا عن فايسبوك ومواقع اجتماعية أخرى، لكن ما يشكل نوعا من الهالة حوله هو عدد المشاهير والسياسيين الكبير الذين يستعملونه لنشر آرائهم، أما على المستوى الشعبي فلا ينال نفس الأهمية، ما يجعل من تأثيره السياسي أقل على المستوى الدولي.