تزيّنت أعالي جبال الشريعة بأجمل حلة ولبست فستانا أبيضَ حوّلها إلى عروس يتهافت عليها الزوار الباحثون عن المتعة والاستجمام بما تجود به الطبيعة من جمال، هروبا من ضغط المدينة واكتظاظ حركة المرور. تساقط الثلوج في الأيام القليلة الماضية حوّل المنطقة السياحية إلى وجهة مفضلة للعائلات، خاصة الأطفال الذين يجدون فيها الفرصة الذهبية للعب وأخذ الصور وسط الثلوج، إلى جانب تجربة رياضة التزحلق على الثلج... التفاصيل رصدتها «الشعب» بالأطلس البليدي.
التوافد الكبير للمواطنين على المنطقة السياحية بغية التمتع بمناظر الطبيعة الخلابة للحظيرة وأشجار الأرز العملاقة المكسوة بالثلوج، خلق ازدحاما مروريا حادا، ما جعلهم يعانون مشقة كبيرة في الوصول إلى نادي التزحلق بقلب الشريعة، نتيجة الفوضى التي أربكت حركة السير وصعّبت من مهمّة رجال الدرك في السيطرة على الوضع.
ما زاد في الفوضى المرورية عدم فتح الطريق الثانوي بين دائرة بوينان والشريعة، حيث كان بالإمكان تفادي الازدحام، خاصة بالنسبة للسياح القادمين من الجزائر العاصمة والمناطق الشرقية للبليدة، فضلا عن استمرار تعطل المصعد الهوائي «التيليفيريك» منذ أكثر من سنة.
وإذا حالف بعض السياح الحظ في الوصول إلى الشريعة، فإنهم يدفعون لأصحاب سيارات «كلوندستان» 200 دينار جزائري للشخص الواحد لبلوغ وجهتهم، وهو السعر نفسه عند الرغبة في العودة.
ولا تتوقف المعاناة هنا، بل طالت حتى الخدمات السياحية المقدمة في هذا المعلم السياحي الهام، الذي يستقطب عديد العائلات طيلة موسم الشتاء، إذ يسجل به نقص فادح في الحمامات العمومية، وتحوّل بعض الأماكن فيه إلى ما يشبه المفرغات، نتيجة الرمي العشوائي للأوساخ، وهو ما أثار استغراب بعض زوارها لـ «الشعب» في تصريحهم، بسبب الإهمال الذي فاق كل تصور، متسائلين عن دور البلدية ومديرية السياحة بالولاية وحتى المواطن الذي أصبح يساهم في الثلوث البيئي، عكس الدور الإيجابي الذي كان يقوم به سابقا، بمشاركته في العمل التطوعي بهدف تنظيف المحيط وإعادة صورته الجميلة، خاصة وأن الشريعة تصنّف ضمن المحميات السياحية العالمية، كما تعد قبلة للسياح ومحبي الطبيعة وعشاق الثلوج في أيام تساقطها.
جمعيات تدعو إلى استغلال المكاسب المادية في تفعيل السياحية بالشريعة
في هذا الصدد، صرح رئيس جمعية أصدقاء الشريعة، ياسين خشنة، لـ «الشعب»، أن هناك عديد العائلات لم تستمتع لغاية الساعة بجمال الثلوج بسبب الازدحام المروري الذي وصل إلى حدود غير معقولة، كاشفا أنه كان بالإمكان تفادي المشكلة باستغلال الإمكانات المتاحة في المكان كالمصعد الهوائي المتوقف عن الخدمة بسبب عطل أصابه، مضيفا بأن تشغيله في هذه الأجواء الباردة مهم جدا وحيوي لجني مداخيل أكبر، بالإضافة إلى مساهمته في التخفيف من حدة الازدحام وإنقاذ العائلات والأفراد المحاصرين بنقل أعداد مهمّة منهم إلى وسط البليدة، خاصة عند العودة مساءً.
وثمّن رئيس جمعية أصدقاء الشريعة ياسين خشنة، بالمناسبة، إرادة المسؤولين في إعادة تفعيل الطريق الاجتنابي بين بوينان والشريعة. وقال في هذا الصدد، أن المشروع المستقبلي سيخفف من حركة الازدحام وسيربط الجزائر العاصمة وضواحيها بالشريعة، لأن الطريق يمتد إلى حدود بلدية بابا علي على مسافة 30 كيلومترا.
وختم حديثه، بالقول إن الشريعة تظل محطة وقبلة للعائلات التي تعشق الطبيعة وجمالها، وهي بحق جوهرة سياحية تستحق تكثيف الاهتمام بها.
من جانبه كشف رئيس جمعية أحباب الشريعة رضا بوزار، لـ «الشعب»، بأن فوضى كبيرة عرفها طريق الشريعة، وأن السبب في ذلك يعود في بعض الأحيان، إلى أصحاب المركبات الذين لا يحترمون قواعد المرور والسلامة المرورية، مؤكدا أن بعض السائقين تجاوزوا كل الحدود وتسبّبوا في فوضى على مستوى الطرق بمناوراتهم ومحاولاتهم الوصول، متسبّبين في أذى لغيرهم، خاصة أصحاب المركبات التي تسير في الاتجاهين، مؤكدا أن التوافد على الشريعة بعد أن كستها الثلوج حلّة بيضاء كان كبيرا، ما نجم عنه استغلال بعض عديمي الضمائر لهذا الوضع وألهبوا أسعار النقل.
وللتخفيف من هذه الوطأة، اقترح رئيس جمعية أحباب الشريعة فتح طرق فرعية وثانوية أخرى وإعادة تأهيلها مثل الطريق الشرقي، والتي ستساهم حتما في فك الخناق عن المنطقة، خاصة وأنها أصبحت القبلة المفضلة لدى عديد الزوار من مختلف ولايات الوطن للتمتع بالمناظر الطبيعية وهي مكسوة بحلة بيضاء.