يرى عدد من المسؤولين المحليين والمنتخبين بغرداية أن العشرات من المشاريع التنموية بدأت تنتعش من جديد بغرداية بعدما توقفت هذه الأخيرة أشهر كاملة نتيجة أعمال العنف التي شهدتها الولاية طيلة أزيد من 10 أشهر، حيث تشهد حالة التنمية بالولاية تحركا مكثفا بعدما توقف عدد كبير من المشاريع الحيوية التي يطمح سكان الولاية إتمامها مع انطلاق أخرى جديدة مبرمجة لتخفيف العبء عنهم.
وعلى الرغم من رصد ميزانيات بملايير الدينارات لمشاريع تنموية في إطار المخططات الخماسية، شهدت ولاية غرداية حالة من التراجع في وتيرة التنمية، بعد الأحداث التي انجر عنها شهور دامية لأعمال عنف هزت الفرقاء دون أن يعلموا أن مصيرهم واحد وقاسمهم مشترك في التعايش والسلم كمن كانوا سابقا. توقفت أغلب هذه المشاريع في تلك الفترة التي كان يطالب بها هؤلاء منذ عقود، نتيجة نقص مواد البناء وهروب اليد العاملة، ومخاوف عدد كبير من المقاولين لتعرض تجهيزاته وآلاته للتخريب مثل ما وقع في العديد من المرات.
ويفيد عدد من المتتبعين للشأن المحلي بغرداية، لـ « الشعب » أن هذا التوقف سيؤدي إلى تراجع وتيرة التنمية لفترة 20 سنة إذا لم يستدرك المواطنون الوضع المتفاقم، أمام تخصيص الدولة لأغلفة مالية معتبرة في إطار مواكبة برنامج رئيس الجمهورية، وإذا كانت هذه الأزمة التي حلت بمدينة غرداية بعد تخصيص غلاف مالي معتبر ذهب في فيضانات 2008 وأزمة بريان، هاهي المشاريع التي وضعت أمام أعين سكان غرداية سيطيل انتظارها مرة أخرى، إذا لم تتكاثف جهود السكان وتشمير سواعدهم لبناء ولايتهم كبقية ولايات الوطن، الغلاف المالي المقدم من طرف الوزير الأول عبد المالك سلال الذي استفادت منه ولايات الوطن في عدة مشاريع تنموية بدأت تتجسد وإن كان عدد قليل ينكرها.
ويبدو أن استفاقة سكان غرداية بدأت تأتي بأكلها بعد انطلاق بعض المشاريع المتوقفة نتيجة الأحداث وتوزيع العشرات من السكنات وتدشين أخرى مع انطلاق مشاريع جديدة، خاصة مع إصرار بعض الغيورين على هذه الولاية لتكملة مسيرة التنمية.
«الشعب” رصدت آراء عينة من سكان غرداية لهذا الواقع التنموي المهم في الجزائر والذي بدأت تشهده جميع ولايات الوطن.
عودة إلى جادة الصواب
عبّر والي ولاية غرداية عبد الحكيم شاطر لـ« الشعب” أنه على المواطنين الرجوع لجادة الصواب ولترجع لسابق عهدها لأنه لا مفر من التعايش بين كل أبناء الجزائر الواحدة، خاصة ما تمتاز به منطقة غرداية من عادات وتقاليد متعددة، أكد عبد الحكيم شاطر أن الجزائر دفعت الثمن غاليا خلال العشرية السوداء، مقرا أنه حان وقت النهوض بالاقتصاد والتنمية على جميع الأصعدة، ويراهن والي ولاية غرداية على انتهاء مختلف المشاريع التنموية في آجالها القانونية رغم التأخر الكبير الذي شهدته عدة مدن بالولاية.
ويقول الأستاذ عيسى بن محمد الشيخ بلحاج أستاذ بمعهد الحياة بالقرارة لـ «الشعب »، أن ولاية غرداية تعتبر قلب الجزائر، وأن العجلة التنموية والعجلة الأمنية لن تتقدم إلا بتقدم المشاريع وإنجازها في وقتها، وقد أكد أعيان القرارة أنهم متفائلون لما يقوم به والي الولاية عبد الحكيم شاطر، كما أكد الأستاذ عيسى بن محمد الشيخ بلحاج، أن وعيد المسؤول الأول إنما يدل على النية الصادقة للمسؤولين، آملا أن يسود الولاية حالة الأمن وأن الأحداث التي شهدتها إنما هي سحابة عابرة سحابة صيف تتقشع، علما أن الجميع يجمعه الإسلام والدين والوطن، بتضافر الجهود وتكاثفها يقول عيسى بن محمد الشيخ بلحاج أننا سنحل مشاكلنا بأيدينا وسنصل إلى ما نصبو إليه.
الاستقرار ثمرة تضافر كل الجهود
من جهته، يرى الأمين الولائي للمنظمة الوطنية لأبناء المجاهدين حماني محمد التجاني، أن الاستقرار الذي بدأ يسود البلد خاصة مدينة القرارة إنما هو ثمرة تكاثف الجهود وليس بالصمت، كما أعرب ممثل منظمة أبناء المجاهدين أن الجزائريين لهم عدوا واحدا في السابق هو الاستعمار الفرنسي كما أن العدو الصعب للجزائريين بعد الاستقلال وهو التخلف والجهل والفقر، معربا أن تنمية الولاية لا تتأتى إلا بتضافر الجهود وحيا التيجاني الجهود التي يبذلها عدد من المواطنين في الخفاء والعلن الذين يدفعون بكل من يريد المساس باستقرار البلد لأن أمن القرارة أو بريان أو غرداية، إنما هو أمن الجزائر وما جاورها، مجددا ثقته في من يقومون بإطلاق مبادرات التسامح والتعاون مناشدا المسؤولين المحليين دعمها مهما تنوعت وتعددت.
وغير بعيد عن ذلك، يرى رئيس دائرة الأمن والاستقرار ببلدية القرارة، أن الشيء المقصود في الدولة من أجل الاستقرار قد وصل بفضل حنكة رجال الخفاء، وأن استقرار المدينة قد نجح بعد تدخل رئيس بلدية القرارة ورئيس الدائرة، مؤكدا أن وحدة الجزائر وطموح الشباب في النهوض بمسيرة التنمية نقطة مهمة لمواصلة بناء المدن التي شهدت عمليات حرق وتخريب.
وثبة جديدة لتحريك التنمية
من جهة أخرى، أشار عبد الله خياط رئيس بلدية القرارة إلى أن مدينة القرارة إحدى البلديات التي شهدت أحداث عنف منذ أشهر تشهد قفزة نوعية بجهود الخيّرين من أبناء البلدية، لأنهم فهموا أنه بدون أمن لا تتقدم عمليات التنمية، حيث أكد رئيس البلدية أنه في فترة ستة أشهر وبين لقاءات كبيرة بين العروش والعشائر، كما أشار عبد الله خياط إلى أن هؤلاء فهموا عبارة كل بلاد عيبها على رجالها، محصيا وجود عدة مشاريع توقفت أثناء الأزمة، لكن سيتم منحها للشباب لإنجازها، كما خصصت البلدية عدة مشاريع في إطار المخطط البلدي للتنمية ستكون بمثابة وثبة جديدة لتحريك عجلة التنمية، معبرا أن القرارة ستبقى نموذجا لجميع سكان الولاية، كما أكد عبد الله خياط أنه على الجزائريين أن لا يعطوا فرصة للمتربصين بهذا الوطن بحيث أن من واجبات المواطنين حماية البلد والدفاع على أرضنا والدفاع على شهدائنا الذين تركوا لنا أمانة يجب الحفاظ عليها وصيانتها.
ويرى الأستاذ بن عطية محمد، إطار بمديرية الشؤون الدينية والأوقاف بغرداية، أن مراعاة التماسك من طرف المالكيين والإباضيين هو عبارة عن تماسك للوطن وهي أوامر شرعية لا حجة عنها، داعيا المواطنين للتوحد والوقوف صفا صفا، معتبرا أن المساس باستقرار الوطن هو المساس باستقرار الأمة الإسلامية، إذ من غير الممكن يرى الإمام أن تعم الفوضى والمواطنون لا يدركون ما يفعلون.
في مقابل ذلك يرى مدير إحدى المؤسسات الخاصة التي يعمل بها حوالي 500 عامل، أن أزمة غرداية أثرت كثيرا على الصناعة حيث بدون أمن لا يمكن أن تتنامى وثيرة التنمية، ويقول هذا المسير أنه منذ الأحداث لم يعرف النشاط الصناعي بالولاية استقرارا بعد هروب الزيان من مختلف ولايات الوطن نتيجة الخوف الذي سادهم، لكن غير بعيد عن تصريحاته يؤكد مرة أخرى أن المياه بدأت تعود لمجاريها وأنهم مستعدين دائما لبناء مسيرة التنمية وتشغيل اليد العاملة وخلق جو منسجم بين مختلف الشرائح.
وإذا كانت مختلف الرؤى والتصريحات تتفق على أنه بدون أمن لن تتطور وتدفع عجلة التنمية، فالأكيد أن هؤلاء يدركون تماما أن الأمن عامل مهم في التنمية وهذا ما بدأت تفهمه الكثير من طبقات وشرائح المجتمع، فهل يفهم هؤلاء قولا وفعلا هذه الخطوات؟.