سهرات فنية وعروض مسرحية تستقطب الجمهور
تشهد ولاية تيزي وزو، منذ بداية شهر رمضان الكريم، حركية كثيفة عبر جل شوارع المدينة والمدينة الجديدة. فالليل أضحى نهارا بالمنطقة. أجواء لم تعهدها منطقة القبائل منذ سنوات ولت... عائلات، أطفال، شباب وشيوخ، يتجولون ليلا بالشوارع للاستمتاع بالسهرات بعد يوم حار. ولعل ما ساعد على ذلك، عودة الأمن بالمنطقة ما خلق ارتياحا كبيرا لدى السكان، بفضل جهود أفراد قوات الأمن والجيش الساهرين على الاستقرار.
يخرج العديد من المواطنين بعد الإفطار ونهاية صلاة التراويح للتجوال بشوارع المدينة، فمنهم من يخرج لتناول المثلجات والاستمتاع بنسمات الليل اللطيفة.
الحركة الكثيفة للمواطنين لو قارناها بالسنة المنصرمة فهي مختلفة تماما، حتى وإن تم تسجيل حركة في الشوارع خلال السنوات المنصرمة، إلا أنها كانت خفيفة جدا مقارنة برمضان السنة الجارية.
جل المواطنين حتى القاطنين منهم بالبلديات المجاورة، على غرار تيزي راشد، بني زمنزر والقرى التابعة لبلدية تيزي وزو، كبوهينون، احسناون، رجاونة، بترونة وغيرها... يتوافدون ويتنقلون لوسط المدينة، سواء لحضور السهرات الرمضانية المبرمجة من طرف دار الثقافة، أو المسرح الجهوي كاتب ياسين، أو التجول بالشوارع تحت أضواء الإنارة العمومية التي زيّنت الشوارع بألوانها التي تثير إعجاب الزائرين.
وما يلفت الانتباه، أن جل المقاهي والمطاعم تمتلئ عن آخرها بالزبائن، ناهيك عن تجول الأطفال رفقة عائلاتهم لاقتناء ألعاب العيد التي تدخل الفرحة إلى قلوبهم.
وسجلت ساحة الزيتونة والحديقة العمومية الجديدة بمدخل مدينة تيزي وزو، التي دشنت في بداية الشهر الكريم، توافدا كبيرا حيث تم نصب فوارة مياه. وفي هذا الشأن، عبّرت السيدة جميلة، التي كانت برفقة أربعة من أطفالها وزوجها، عن ارتياحها الكبير بتواجدها بالحديقة العمومية الجديدة قائلة في هذا الصدد: «تيزي وزو يعاني سكانها من مشكل كبير في ظل غياب مساحات خضراء يلجأون إليها للترويح عن النفس، ما ولد لديهم ضغطا، كيف لا وهم لا يجدون مكانا يقضون فيه وقت فراغهم رفقة أطفالهم»، معبرة عن ارتياحها لتدشين هذه الحديقة التي كانت سابقا محطة للنقل، كما طالبت بفتح مساحات أخرى، فهذه الأخيرة ـ على حد قولها ـ تعج بالسكان ما يترتب عنه اكتظاظ، كونها الفضاء الوحيد المتواجد بالولاية.
زوجها الذي كان برفقتها تدخل وقال: «نشكر بلدية تيزي وزو التي قامت بهذه المبادرة بعد أن حولت المحطة القديمة إلى حديقة عمومية»، مؤكدا أنه ورغم ضيق مساحتها، إلا أن ذلك أحسن من لا شيء، فالعائلات بولاية تيزي وزو تعاني من ضيق شقق البنايات، وحبذا لو وجدوا مثل هذه الفضاءات بالقرب من سكناهم حتى يتمكن الأطفال من اللعب واستنشاق الهواء النقي ليلا، داعيا السلطات المحلية إلى ضرورة الاهتمام بتوسيع الولاية وتجسيد حدائق عمومية ومساحات خضراء من شأنها أن توفر السكان فضاءات يقضون فيها قضاء أوقات هادئة بعيدا عن الازدحام والضغط اليومي بالمدينة.
الأمن والخروج من هلع العشرية السوداء سبب تحسن الأجواء
تيزي وزو التي كان سكانها يخافون التجول ليلا بشوارعها، استرجعت في السنوات الأخيرة نشوة التجول مثلها مثل باقي ولايات الوطن، نظرا للحراسة الأمنية المشددة عبر الشوارع والحضور المكثف لعناصر الأمن ما خلق ارتياحا كبيرا وسط السكان.
«الشعب» اقتربت من بعض العائلات لمعرفة أسباب هذا التغيير الذي طرأ على شوارع مدينة تيزي وزو في هذا الشهر المعظم، حيث قالت لنا السيدة يمينة: «أنا جد مرتاحة لتحسن الوضع الأمني بالولاية، بعدما عشنا سنوات الرعب والخوف حرمنا فيها من الخروج ليلا، لكن بعد إقرار ميثاق السلم والمصالحة الوطنية وبفضل سهر الكثير من أبناء هذا الوطن على غرار الجيش الوطني الشعبي، عاد الاستقرار لمنطقة القبائل»، معبرة عن ارتياحها الكبير، خاصة أن معظم المحلات التجارية تفتح أبوابها ليلا لاستقبال المواطنين.
في نفس السياق، تدخلت العمة مليكة، التي كانت برفقتها، قائلة: «أنا جد مرتاحة في هذا الجو، فتيزي وزو هذه السنة جد جميلة ليلا، عائلات تخرج في أمان وتواجد كثيف للمواطنين ما يشجع الجميع للعمل بالمثل»، لتضيف أنه وبعد فتح الشارع الجديد الذي حمل اسم ساحة الزيتون السنة المنصرمة، أصبح فضاء واسعا يلجأ إليه السكان ويجلسون على المقاعد المنصبة، خاصة أن الولاية تفتقر لفضاءات واسعة لاستقبال العائلات، وبالتالي فإنه مكسب آخر للسكان.
كما تنقلت «الشعب» للمدينة الجديدة وبالضبط إلى حي «فلوريست»، لمعرفة أجواء السهرات الرمضانية في هناك التي لها جو خاص، فبعد أن استفاد شباب المنطقة من ملعب جواري لكرة القدم حولوه إلى فضاء خاص بإحياء سهرات في الهواء الطلق تحت إيقاع الآلات الموسيقية أو «الديجي» وهو مجاني، ما جعل الحي يستقطب العديد من السكان حتى القاطنين بالأحياء البعيدة.
وعلى غرار السنة المنصرمة، فإن هذه المبادرة قامت بها بلدية تيزي وزو ليتسنّى لجميع السكان حتى القاطنين بالقرى الاستمتاع بالسهرات الليلية المقدمة من طرف بعض الفنانين الشباب.
كل الأحياء بتيزي وزو، بدون استثناء، تشهد حركية كثيفة كشارع بوعزيز، شارع أحمد لعمالي، شارع ٥ جويلية، الشارع الكبير... فالمئات من الشباب والعائلات إن لم نقل الآلاف، يتجولون بالشوارع، حيث قال لنا السيد محمد في هذا الشأن: «أنا مطمئن جدا على عائلتي فهم يتجولون لوحدهم لشراء مستلزمات العيد، بينما أنا جالس أرتشف فنجان قهوة، بعدما كنت أرافقهم في السابق تخوفا من حدوث ما لم يكن في الحسبان لكن الحمد لله الأماكن تعج بالمواطنين، معبرا عن سعادته العارمة بهذا الجو المريح.
من جهة أخرى، فإن تيزي وزو سجلت برنامجا مكثفا بالسهرات الرمضانية، حتى بملعب أول نوفمبر، وذلك تطبيقا لبرنامج مديرية الرياضة. كما تشهد ساحة المتحف بوسط المدينة، سهرات مسابقة لأحسن «ديجي» بالولاية، حيث ينظم الشباب الهواة كل ليلة أحد سهرة «ديجي»، على أن يتم في نهاية الشهر اختيار أحسن ديجي. كما بادرت بلدية تيزي وزو بتنظيم سهرات رمضانية في الهواء الطلق، بإشراك العديد من الفنانين الشباب الذين يتنقلون بين العديد من أحياء الولاية ليتسنى لهم السهر تحت الإيقاعات الموسيقية.