افتتحت ببكين الصينية، أيام دراسية حول آفاق تعزيز العلاقات الأفرو - صينية.
وأكد المنظمون الصينيون، بقناعة كبيرة، أن هذه العلاقات التي تربط في عمقها الشرق بالجنوب، ترتكز على تقاسم المصالح المشتركة، وعلاقات التعاون تكون فيها المنفعة لجميع الشركاء، على اعتبار أن الصين صارت تتطلع لمضاعفة حجم تبادلاتها مع الدول الإفريقية لتقفز إلى سقف 400 مليار دولار، كما تم تسطيره في آفاق عام 2020.
ويشارك في هذه الأيام الدراسية، ممثلو أربعة وفود إفريقية، يتعلق الأمر بكل من الجزائر وتونس والمغرب والسينغال، حيث وقفوا على اهتمام صيني كبير بتوسيع علاقات التعاون وترسيخ لقاءات النقاش والتشاور فيما يخص المجالات التي يمكن أن يكون فيها تبادل استرتيجي.
يشرف على تنظيم هذه اللقاءات، جمعية الشعب الصيني من أجل السلم ونزع السلاح، ممثلة في رئيسها “كسي جنبينغ”. وأثار المشاركون خلال اليوم الأول من الأشغال، سلسلة من الاستفهامات بغية إماطة اللثام عن معظم القضايا غير الواضحة.
من جهته لم يخف الشريك الصيني نيته وإرادته القوية في ترسيخ حتمية الشراكة مع الدول الإفريقية، كونها منطقة جد جذابة بثرواتها الباطنية والمالية والبشرية وكذا موقعها الهام جغرافيا.
ووقف الوفد الصيني في بداية اللقاء، على المراحل التي مرت بها الصين، خاصة ما تعلق بتطورها المحسوس. وذكروا بحرص بلادهم على مضاعفة ناتجها الخام في آفاق 2040 وإلى 19 ألف يوان للشخص سنويا في سنة 2020.
وشكلت الشراكة مع الدول الإفريقية جوهر اللقاء ومحور النقاشات المشتركة بين الطرفين، وعكف على تشريح التجربة الصينية وطرح نموذجها في تكريس الديمقراطية التشاورية، التي أشاروا إلى أنها تبنى على العدالة بين السكان وكذا التكفل بالمناطق الريفية وعلى تحقيق الأمن الوطني وحماية الأنترنت بشكل ينتفع به الشعب ولا يتضرر منه. وتدرج الصين مسألة تقوية علاقاتها مع إفريقيا ضمن الأولويات، ولعل ما يشجع على توسع هذه العلاقات استعداد الطرف الصيني لأن تكون منفعة التعاون مشتركة فليست على حساب شريك دون آخر.
وما تجدر الإشارة إليه، فإن الاستثمارات الصينية المباشرة في إفريقيا تتجاوز حدود 100 مليار دولار، وفوق ذلك يعد الصين الشريك الرئيسي لإفريقيا منذ سنة 2009 وأحد أهم المستثمرين الرئيسيين في القارة السمراء. ودون شك، فإن بكين في حاجة ماسة إلى الثروات الطبيعية من بترول وغاز ومناجم وخشب.
وعقب النقاش، تم الوقوف على طرق التنمية والتطور السلمي للصين واستراتيجية الانفتاح على الخارج من خلال تبادل المصالح وفق أطرها الحقيقية. يذكر، أن الجانب الصيني يولي اهتماما كبيرا لترقية علاقات الشراكة والتعاون مع الجزائر، كونها تتمتع بمحيط ومؤهلات جد جذابة، وبالنظر إلى إمكاناتها من ثروات باطنية واحتياطاتها المالية والمشاريع الضخمة التي تطلقها في برامجها الواعدة من هياكل قاعدية وسكنية، وفي كل ذلك مازالت الجزائر مهتمة بتحويل التكنولوجيا، بالنظر إلى ثروتها البشرية، وتنتظر من الشريك الخبرة والتجربة والتكوين.
ولا تمثل إفريقيا بالنسبة للصين سوقا استثمارية فقط، بل سوقا تجارية وشريكا يوفر لها المادة الأولية. وتفطنت الصين لأهمية إفريقيا فأولت لها عناية خاصة حيث عرفت علاقاتها تقدما لافتاً خلال السنوات الأخيرة على وجه الخصوص، ولأن الصين لا تساوم في شراكاتها وتعاونها الطرف الثاني، تبقى المسألة الجوهرية تقاسم المصالح.
ومن المقرر أن تطرح للنقاش، غدا، قضايا تكتسي أهمية، على غرار التحديات التي قد تعيق سريان العلاقات الأفرو - صينية. علما أن الحرص القائم يمنح الأولوية لتنمية العلاقات، كما التزم الطرف الصيني.
الشريك الصيني ينتظر، على ضوء التطورات الدولية الجديدة، أن يتم طرح مقترحات من أجل إرساء تنمية في البلدان الشركاء، حيث أنها تصف الدول الإفريقية بالشركاء الاستراتيجيين في النموذج الجديد.
ويراهن المشاركون على وسائل الإعلام في لعب دور إيجابي وفعال، خاصة في ظل الرؤية والإرادة الحريصة على تعزيز أواصر التبادل الثنائي والشراكة ذات المنفعة المتكافئة ما بين شعوب ودول الأفرو - صينية، كون الشعوب يمكنها أن تلعب دورا مهما في التنمية.
ويتضمن برنامج الرحلة عدة خرجات ميدانية للمواقع السياحية والتاريخية الصينية للوقوف على حضارة العملاق النائم.
ومن المنتظر أن تقف وفود الدول الإفريقية على الفلاحة العصرية بالصين وتزور الأماكن التي أنجزت فيها قرى اجتماعية جديدة والجهود المبذولة لترقية المؤسسات غير الحكومية بـ«جيانغتسي”.