عمليات التنمية التي يتم تجسيدها تعمل على إشباع جزء من الحاجات الأساسية للشباب، والتي تشكل أساساً متيناً للعمل المنتج وزيادة معدلاته. من هذا المنظور تصبح مشاركة الشباب في التنمية ذات أبعاد اقتصادية واجتماعية شاملة، حيث تفيد مشاركة الشباب الفعالة في المنتديات والمؤتمرات الاقتصادية التي تعقد لرفع مهارات الحوار وتحفيزهم لتنمية المهارات التي تحسم التنافسية في السوق. في هذا الصدد استطلعت ‘’الشعب’’ أراء بعض الإطارات في إدرات عمومية وآخرين مستثمرين شباب حول أهمية ودور الشباب في التنمية الاقتصادية و المعوقات التي تواجه رواد الأعمال م وكانت ردودهم كالتالي:
المشكل في الأفكار الابتكاريه لتنافس السوق العالمية بصبغة محلية
سليمة زعروري إطار في المقاولة مرافقة مشاريع ومدربة اقتصادية في إحدى المؤسسات العمومية لها العديد من المشاركات الدولية على مختلف الأصعدة ، الإعلامية الثقافية و الاقتصادية تقول’’ في الآونة الأخيرة أعطي لمجال المقاولاتية اهتمام كبير، وخصصت برامج متعددة من أجل إدماج المواطنين اقتصاديا واجتماعيا عن طريق خلق مناصب عمل ذاتية’’ ، وتقول المشكل المطروح في الجزائر ليس الجانب المادي لأنها وفرت امتيازات مغرية للولوج في هذا المجال ، كأجهزة القروض والدعم بمختلف صيغها والمساعدات الممنوحة مثل الإعفاءات الضريبة والفوائد البنكية المخفضة بنسبة 100%، المشكل في الأفكار الابتكاريه لتنافس السوق العالمية بصبغة محلية ، فأغلب المشاريع التي تموّل حاليا متشابهة والمشاريع الجديدة التي تخلق قيمة مضافة عالية قليلة جدا مقارنة مع تلك التي تمول بالآلاف ، شبابنا اليوم محتاج إلى تعزيز قدراته وخلق الروح المقاولاتية ، كبديل عن الاتكالية. تضيف قائلة : “ يوجد هناك عائق التسويق ، فرغم وجودنا في عالم أضحت فيه التكنولوجيا المحرك الأول لعجلة الاقتصاد العالمي مازال يعتمد على الطرق العادية في ترويج منتجاته ، نادرا ما نجد توظيف التكنولوجيا في مجال التسويق قد يكون إنشاء المواقع الالكترونية صعبا على البعض ويتطلب تمرسا تقنيا في هذا المجال لكن لا يوظفون مواقع التواصل الاجتماعي مثل الفايسبوك واليويتوب في ترويج منتجاتهم، فكرة بسيطة جدا وغير مكلفة تماما،وتساهم وبشكل كبير في ترويج المنتجات المحلية ، هذه المواقع كانت أحد العوامل المساعدة في الثورات العربية. وإلى أي مدى يتبنى رياديو الأعمال من الشباب في الجزائر طرقًا حديثة من التفكير والفعل؟ تجيب: هناك مقولة مفادها” لا تفكر لي ولكن علمني كيف أفكر “ فلا يمكن إنكار العديد من الشباب ممن يعتمدون أفكار مبهرة تجاري التكنولوجيا بأحدث وسائلها ، لكن مع ذلك هناك من هم فعلا بحاجة للدعم ،التوجيه والإرشاد أيضا حول كيفية استخدام هذه الطرق الحديثة و تحفيزهم على تغيير طريقة التفكير بما يتناسب مع متغيرات العصر الحالي وهم نسبة كبيرة جدا، والدولة تبنت العديد من البرامج في هذا القطاع مع مختلف الهيئات الوطنية والدولية أيضا نذكر على سبيل المثال ، الدورات التكوينية التي تؤمنها مختلف أجهزة الدعم والقروض والهئيات المحلية والوطنية وأيضا اعتماد نظام مرافقة المشاريع التي أضحت لازمة حتمية من أجل المساعدة على خلق أفكار ابتكارية ، والانتقال من مشاريع مدرة للمداخيل إلى مؤسسات قائمة بحد ذاتها تفرض نفسها محليا وطنيا و أيضا دوليا .
وعن المؤسسات المساندة التي يحتاجها الشباب المبتكرون لتحقيق النجاح أشارت إلى أهمية مؤسسات المرافقة والتدريب قائلة : “ شبابنا اليوم بحاجة إلى مؤسسات داعمة ومساندة في المسار المقاولاتي إلى جانب المؤسسات المالية وأجهزة الدعم والقروض بمختلف صيغها ،مؤسسات المرافقة والتدريب ،الشباب الآن يحتاج إلى تنمية مهارات إلى تعزيز قدرات إلى تثمين جهود إلى توجيه، فقلة من يتقنون عمل دراسة جدوى مشروع أو مخطط عمل ، الفكرة في ذاتها وإن كانت مبتكرة لن تتبلور وتأخذ مكانتها الحقة إن لم يكن صاحب المشروع يمتلك حقا مهارات تدعم فكرته، كمهارة التفاوض ، مهارات دراسة السوق، التسويق ، جذب الزبائن...الخ .
عن إمكانية تعزيز انتشار روح ريادية الأعمال بين الشباب الديمقراطيات الناشئة، أو الصاعدة تقول : “ شبابنا بحاجة فقط إلى تحفيز ، من خلال إجراء جوائز ومسابقات في الأعمال الابتكارية وتمويلها من قبل الدولة ، هناك من بادر بهذه الفكرة وهي توجد في حظيرة التكنولوجيا بسيدي عبد الله ، لكننا نحتاج لنشر هذه الثقافة في جميع الهيئات الداعمة للأعمال المقاولاتية في جميع المجالات، ولما لا يكون في الجزائر مشروع جائزة حاضنات الإبداع كتلك التي يدعمها الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم في الإمارات،والتي تهدف إلى تمكين الأجيال الشابة في الوطن العربي، من امتلاك المعرفة وتوظيفها لمواجهة تحديات التنمية، وابتكار حلول مستدامة نابعة من الواقع المحلي، للتعامل مع المشكلات التي تواجه مجتمعاتهم. شبابنا محتاج فعلا لخلق روح المنافسة فيه وتعزيز أفكاره بتشجيع من الدولة من خلال تبني مشاريعه الابتكارية وتقديم كل التسهيلات له من أجل تجسيدها. فيما أشارت لمكانة المرأة وما حققته في مجال ريادة الأعمال قائلة : “ المرأة الجزائرية فرضت نفسها وبقوة في الساحة المقاولاتية بفضل البرامج المختلفة التي وجهت لها وأيضا دور الجمعيات النسوية التي ساهمت وبشكل كبير في بناء جسر تواصل بينها وبين مختلف المؤسسات التي تحفز المرأة على خلق مناصب ذاتية، سواء مراكز التكوين المهني، الغرف بأنواعها خاصة غرف الصناعات التقليدية، وأيضا أجهزة الدعم والقروض وجهاز القرض المصغر بشكل خاص الذي فعلا أدمج هذه الشريحة بنسبة كبيرة جدا في برامج تمويله، فالمرأة في ظل كل هذه التشجيعات استطاعت أن تتنقل من فكر الإنفاق إلى فكر الدخل والاستثمار بل ونافست حتى الرجل في العديد من المجالات التي كانت في وقت ما حكرا عليه.
ركود في مجال النهوض بالمتخرجين من الجامعات و معاهد التكوين
بدوره تحدث عبد النور فلاح رئيس جمعية شباب الاستثمار بالطارف عن المعوقات التي تواجه رواد الأعمال من الشباب فيقول، في الحقيقة توجد فجوة عميقة بين التكوين البيداغوجي و الميدان ، الأمر الذي ألحق أضرارا كبيرة مست عقول الشباب خريجي الجامعات و أخرى لحقت بالمنظومة التكوينية أين نلاحظ ركودا رهيبا في مجال النهوض بالمتخرجين من الجامعات و معاهد التكوين. وعن طرق التفكير والفعل التي يعتمدها الشباب في ترقية عملهم يقول بأن التحدث عن طرق التفكير و الفعل ، يتطلب مناخا ملائما يبعث على تجسيد الأفكار وفقا لما يتلاءم مع طبيعة ما هو متوفر ، و بالرغم من حداثة النشأة لمثل هذه الأفكار إلا أن هناك بوادر تبدو في الأفق نحو بزوغ جيل جديد من باعثي الأفكار من فئة الشباب. عن كيفية تعزيز انتشار روح ريادية الأعمال بين شباب الديمقراطيات الناشئة، أو الصاعدة يقول من خلال استراتيجيات متعددة ، كل حسب ما يتوفر عليه و حسب المناخ و المحيط المعاش ومخطط الحوكمة، فلا نستطيع أن نجسد ريادية الأعمال بين الشباب في مخطط حكومي لم يتطرق في صياغته العامة إلى هذا العامل بالذات ، كما من الممكن كذلك إستغلال فئة الشباب حاملي الأعمال في منظومة مؤسسة على ديمقراطية حقيقية، كفرض تكوين ميداني حقيقي مآله تجسيد الأعمال و الأفكار المعبّر عنها. من جانب آخر وعن كيفية مساهمة ريادي الأعمال الشباب يقول بأنه يعتبره أهم عامل وجب التفكير فيه ، لأن قوة الدول اليوم من قوة إقتصادها و هذا الأخير يتطلب و بشدة احتضان الأفكار الجديدة و المتجددة لتنويع مصادر الثروة ، و كمثال على ذلك الاقتصاد الصيني و الألماني و الماليزي.
تجربة العمل مع متعاملين أجانب تضيف الكثير
فيما أكد عبد القادر منور 30 سنة من تلمسان متخصص في التصميم والطباعة والتسويق أن الخبرة ضرورية لنجاح أي عمل ، كما أشار لأهمية الاتصال في التواصل والاستمرارية وقال بأن تجربته مع متعاملين أجانب أضافت له الكثير حيث يقول: حقيقة من الصعب إدارة مؤسسة إذا لم تكن الخبرة كافية بالإضافة إلى المحيط المناسب ، كما أن التواصل والتعامل الجيد مع الآخرين يعتبر عاملا أساسيا للنجاح ، كذلك الدافعية والاستمرارية تساهم بقدر كبير في التنمية وترقية العمل. وعن الصعوبات التي تواجههم يقول هناك عقبات يعاني منها الشباب أبرزها البيروقراطية ، كما في ظل غياب المعلومات التي تخص المنشآت الحكومية، غياب الروح التحفيزية داخل الإدارات المختلفة.
التسيير يرتبط بمردودية العمل ويعتبر أهم عنصر في نجاح التنمية
تحدثت السيدة نعيمة بن ابركان إطار في مزرعة ببلخير ولاية قالمة عن المشاكل التي كانت تعاني منها المزرعة سابقا والناتجة عن سوء التسيير حيث تقول : كان سابقا التسيير المشكل الأساسي في تدني مردودية العمل، والتسيير يعتبر أهم نقطة في التنمية ، من تسيير الموارد المالية ، المعدات وكيفية تشغيل الوسائل. حاليا هذا المشكل تم التفطن له وأصبح العمل أكثر تنظيما إلا أن المزرعة ما زالت تعاني من بعض الخلل كون تسوية مشكل توزيع المياه والانقطاعات المستمرة تؤثر على المنتوج ، فعندما نزرع قنطارا من القمح لابد من إعطاءه حقه من المياه ليعطي المردود المنتظر ، فالأعطاب المتواجدة والمياه تبذر من خلال الانكسارات المستمرة. وعن دور العنصر النسوي بالمزرعة أكدت أنه إيجابي وتحدثت عن تجربتها الخاصة في الإدارة وتنظيم الملفات والتعامل مع الحواسيب وتوجيه المعطيات والمعلومات، كما اعتبرت عامل الخبرة ضروري للنجاح، وأن دور المرأة فعال. وتحدثت عن اهتمام الشباب بقالمة بالاستثمارات الفلاحية وخاصة إقبال الشباب للحصول والاطلاع على معلومات رغبة منهم في تطوير العمل على إنتاج حيواني وإنتاج الحليب والجبن.