يشتكي سكان حي جعفاروا عبد الله الكائن ببلدية ابن باديس بالخروب ولاية قسنطينة، من وضعية معيشية جد صعبة لا يمكن لأي عقل أن يتحملها أوأن يتعايش معها،حيث أنها أثرت سلبا على سكان هذا الحي الذي لا يزال يعيش حياة صعبة ومعاناة كبيرة بكل ما تحمله الكلمات من معنى.
زائر حي جعفاروا الذي تعيش فيه أكثر من 4000 عائلة مقسمة لجهتين سفلية وعلوية، يلمح من الوهلة الأولى الوضعية الكارثية التي يعيشها هؤلاء خاصة من يعيش منهم بالجهة السفلية التي تضم 120 عائلة جعلتهم يتذوقون مرارة المعاناة والتهميش في ظل تجاهل وتثاقل الجهات الوصية للتدخل أو حتى لسماع مطالبهم والتي لا تخرج حسبهم عن حيز العقلانية هذا بعدما حرموا من أبسط حقوقهم في الحصول على سكنات اجتماعية تليق بهم وتمكنهم من العيش بكرامة.
معاناة حقيقية وأوضاع كارثية ونقائص بالجملة
سكان الحي وعلى رأسهم رئيس الجمعية «خ ساعد» أكدوا أنهم يتكبدون معاناة يومية ملؤها التخلف، الفقر والحرمان، وحسب ما أفاد به ذات المصدر أن منطقتهم السكنية عبارة عن سكنات فوضوية قصديرية هشة تفتقر لأدنى شروط النظافة والحياة الصحية، إذ أنهم يفتقدون لأبسط ضروريات الحياة والعيش الكريم، في غياب تام لشبكة الغاز الطبيعي حيث يعيشون تحت وطأة ورحمة قارورات غاز البوتان التي ترتفع أسعارها بأيام الشتاء في ظل برودة المنطقة التي تتواجد في أعلى مرتفعات البلدية، فضلا عن هذا يشتكي الأهالي المسافة البعيدة التي يضطرون لتجاوزها للحصول على قارورة أو اثنين، ناهيك عن شبكة كهرباء عشوائية التي أوصلوها بمنازلهم من طرف عائلات الجهة العليا التي زودت بالتيار الكهربائي هذا من خلال خيوط كهربائية طويلة بالاعتماد على ألواح خشبية كأعمدة لها، الأمر الذي يهدد بوقوعها والتسبب بحوادث إنسانية خطيرة، أما الأمر الذي يثير التعجب والاستغراب حقا هو أن 45 سكن عائلي بالحي مزود بالكهرباء دون الغاز و76 مسكن مزود بالغاز دون الكهرباء وهذا منذ أكثر من 40 سنة رغم علم السلطات المعنية بالوضعية التي تنبئ بكارثة والتي كثيرا ما وعدت بإيجاد حلول لها لكن على ما يبدو أن أحلام هؤلاء الأهالي لم تجد من يجسدها على أرض الواقع.
الفضلات والقاذورات ديكور دائم للمنطقة في غياب السلطات
من خلال الزيارة الميدانية التي قامت بها «الشعب» لبلدية ابن باديس عموما ولحي جعفاروا عبد الله خصوصا، هذا بدعوة خاصة من رئيس جمعية الوفاء، بغية إيصال معاناتهم للرأي العام والسلطات على حد سواء، وقفنا على صورة تعكس المستوى المتدني الذي يضطر الساكن بالحي للعيش وسط بيوت قصديرية هي أقرب للأكواخ منها للمنازل المعروفة.
فمن الطفولة التائهة بين القاذورات، البرك والمستنقعات المنتشرة بشكل واسع حول منازلهم الشبه منهارة التي تنبعث منها روائح الرطوبة، وصولا إلى الصعوبة الكبيرة لتجاوز سيول مياه الراكدة والجارية هذا بسبب العطب الدائم بقنوات الصرف الصحي، والتي يمتلئ بها الحي في ظل الروائح الكريهة والحشرات والانتشار الواسع للجرذان.
وفي ذات السياق أكد لنا سكان حي جعفاروا المتضرر الذين كانوا يتهافتون علينا وكأنهم أخيرا وجدوا من يستمع إلى انشغالاتهم وأحلامهم البسيطة التي لا تخرج عن حيز العقلانية، على أنها البداية فقط، وهو الأمر الذي لمسناه لدى توغلنا للحي أين وجدنا تنوع هائل من القاذورات والأوساخ الخاصة بالمنازل والخاصة بالحيوانات والتي ترمى عشوائيا في ظل عدم توفير حاويات الأوساخ.
لا توجد دوريات بلدية تتابع تنظيف الحي من فضلاته، حيث أن معظم سكان هذا الحي يربون الأبقار والأغنام والدواجن باعتبار المنطقة منطقة فلاحيه بدرجة أولى لكن الأمر الذي يدعوا للاستغراب هو أن كل منزل يجاوره إسطبل مما نتج عنه انتشار روائح كريهة مختلطة لا يمكن تحملها والتي تطرح مع قدوم فصل الصيف انتشار أوبئة خطيرة كما وقد أضاف ذات المتحدث أن معظم أطفالهم مصابين بأمراض حساسية وجلدية خطيرة، كما ذكر السكان الحالة المزرية التي تشهدها الطرقات حيث أكدوا أنها لم تشهد أي عمليات تصليح أوتهيئة وذلك منذ أن سكنوا المنطقة والطرقات مهترئة دون أدنى تهيئة إذ بقيت على حالها بترابها وأحجارها وصخورها دون أي تعبيد لسنوات طويلة فبمجرد سقوط الأمطار تغلق نهائيا وتتحول إلى أكوام من الطين والسيول وتصبح الأوحال هي سيدة الموقف ويصعب السير فيها حيت يستحيل في كثير من الأحيان تنقل السكان لقضاء حوائجهم وانشغالاتهم.
شباب الحي يشتكون نقص المرافق الترفيهية
هذا وقد طرح شباب الحي المتضرر بدوره مشكل افتقار بلديتهم لأبسط الهياكل التي من شأنها أن تهون عليهم معاناتهم اليومية القاسية في ظل نقص المرافق الترفيهية والرياضية، على غرار دور الشباب والملاعب، وهو الأمر الذي يؤثر سلبا على حياة ويوميات هؤلاء الشباب اليائس هذه الوضعية دفعت بالعديد منهم بالوقوع بأحضان عالم المخدرات السموم والانحراف هذا للهروب من واقع مرير وقاس، كما تساءلوا بدورهم عن سبب عدم ترحيلهم من هذا الحي القصديري إلى سكنات لائقة كغيرهم من الأحياء التي كانت مقارنة بوضع حيهم السكني لا تشكومن النقائص المسجلة لديهم، كما اشتكى الشباب من البطالة الخانقة التي يتخبطون فيها حيث يعملون جاهدين لإيجاد فرص عمل تقييهم الحاجة طالبوا بأهمية إعطاء ابناء البلدية بالعمل بالمنطقة الصناعية المتواجدة على مستواها، فضلا عن توفير وسائل النقل التي تسجل غياب تام ما يزيد مشقة التنقل من وإلى البلدية الأم حيث أثقلت سيارات «الفرود» كاهلهم وزادت لهم تكاليف أخرى هم في غنى عنها مضيفين أن النقل والصحة من أهم لاسيما مع اقتراب فصل الشتاء.
حلان لا ثالث لهما
في نهاية الزيارة التي قمنا بها للحي طالب ممثلو سكان جعفاروا عبد الله الجهات المعنية، على رأسها والي الولاية بالتدخل لوضع حد لمعاناتهم اليومية هذا باقتراحهم لحلين لا بديل لهما، إما بالترحيل الفوري نحو سكنات اجتماعية محترمة، أو الاستفادة من البناءات الريفية حيث أكد لنا السكان أنه تم توزيع 73 سكنا اجتماعيا من إجمال 225 سكن استفاد منه آخرون غير مواطني هدا الحي الذي له حسبهم الأولوية بعملية الترحيل والأحق هذا بحجة الوضعية المزرية التي يعيشونها خاصة أنه لا يزال 120 سكن اجتماعي شاغر ينتظر عن قريب توزيعها لكنهم يستبعدون حصولهم عليها هذا لأسباب مجهولة حيث اقترح رئيس الجمعية أن يتم ترحيل على الأقل سكان الجهة السفلية.
رفع الغبن عن قرية بالطرش السعيد
يتكبد سكان قرية بالطرش السعيد التي تبعد عن مطار محمد بوضياف بعين الباي بقسنطينة، معاناة ومشقة يومية جراء الظروف الاجتماعية القاسية التي يحيونها، مع افتقار قريتهم لأبسط ضروريات العيش الكريم حيت تتجرع قرابة 100 عائلة قساوة هذه الظروف منذ نشأة هذه القرية في السبعينات من القرن الماضي.
وحسب سكان القرية فإن هذه الأخيرة ذات طابع فلاحي حيث التحق بها السكان في إطار الثورة الزراعية آنذاك لتجابه منذ ذلك الحين شبح العزلة والتهميش دون أي تغير يذكر على مستوى جميع الأصعدة ليدفع بذلك المواطنون البسطاء ثمن تشبثهم بممتلكاتهم وأراضيهم الفلاحية غاليا..
فقد حرم سكان المنطقة من الاستفادة من أبسط ضروريات العيش الكريم فالمتجول عبر قرية بالطرش يلاحظ من الوهلة الأولى حجم المعانات اليومية التي يتخبط فيها الأهالي الذين أعربوا لنا عن استياءهم الشديد مما لحقهم من تهميش ولا مبالاة من قبل الجهات المسؤولة على مر السنوات الماضية على الرغم من الشكاوى العديدة التي رفعوها إلى مختلف الجهات الرسمية بضرورة توفير متطلبات العيش الكريم والمتمثلة في ضرورة استفادتهم من مشاريع التهيئة الحضرية وقنوات مياه الشرب وشبكة الغاز الطبيعي باعتبارها احتياجات لاغني عنها في حياتهم.
لا يزال السكان يعتمدون على الآبار التقليدية غير المراقبة صحيا لجلب الماء الشروب وهو ما يشكل خطرا حقيقيا يتربص بصحة هؤلاء المواطنين الذين بح صوتهم من مناشدة الجهات الرسمية لرفع الغبن عنهم أمام تأخر تزويدهم بهذه المادة الحيوية على الرغم من انتهاء كافة الإجراءات الخاصة بربط مساكنهم بشبكة المياه الصالحة للشرب، وفي سياق متصل طرح السكان مشكل تأخر استفادتهم من شبكة الغاز الطبيعي على الرغم من مقربة المحطة الرئيسية للغاز من مقر سكناهم إذ لا تبعد عن القرية إلا بـ500 متر لتتواصل معاناة السكان مع قارورات غاز البوتان التي يتم جلبها من المناطق المجاورة متحملين أعباء إضافية أثقلت كاهل الأسر ذات الدخل البسيط.
وأفاد السكان أن المنطقة تغمرها المياه القذرة جراء التسربات الكثيرة للمياه القذرة من قنوات الصرف الصحي، وهو الأمر الذي يشكل خطرا حقيقيا على الصحة العامة لهؤلاء في ضل انتشار الروائح الكريهة والحشرات الضارة التي تسبب العديد من الأمراض، هذا ولم يخف السكان احتياجهم للمشاريع التنموية وحملات النظافة للتخلص من المزابل العشوائية إلى جانب توفير النقل المدرسي للمتمدرسين الذين يقطعون الكيلومترات مشيا على الأقدام للالتحاق بمدارسهم هذا ويأمل السكان أن تلتفت إليهم الجهات المسؤولة وتتدخل لترفع الغبن عنهم وتضمن لهم العيش وسط ظروف كريمة.