«الشعب» ترصد أجواء السياحة بـ«الرميلة» في باب الوادي

سماسرة الشواطئ ينغصّون فرحة المصطافين

إستطلاع: أمينة جابالله

عرف شاطئ «الرميلة» ببلدية باب الوادي، بالعاصمة، خلال الأسبوعين المنصرمين، توافد عدد كبير من الأسر قدمت من كل مكان، لقضاء أوقات ممتعة وسط مياهه الزرقاء ورماله الرمادية المميزة، بعيدا عن ضوضاء العمل وهاجس كورونا، التي أصبحت حديث العام والخاص، إلا أن تسعيرة كراء الكراسي والطاولات الشمسية التي تتراوح بين 400 و500 دينار، نغصت على الوافدين استجمامهم؛ ظاهرة أثارت حفيظة المصطافين، لاسيما وأن السلطات أكدت مجانية هذه الفضاءات.
استطلعت «الشعب» آراء العديد من المواطنين، الذين عبروا عن استيائهم من التسعيرة المفروضة الخاصة بمستلزمات الاستجمام، حيث تقول في هذا الصدد المواطنة راضية.ب: «لقد تعودت المجيئ إلى هذا الشاطئ، فهو بالنسبة لي ولأسرتي ولأغلب سكان الحي الوجهة الرئيسية، لأنه أولا قريب من مقر سكننا ولا يتطلب منا لستعمال وسيلة نقل إليه وثانيا توفر به شروط النظافة والوقاية مقارنة مع شواطئ ليست بالبعيدة عنه».
وأضافت في السياق، «الشيء الوحيد الذي نراه في بعض الأحيان، ولا يحفزنا على التردد عليه، تسعيرة حجز الكراسي والطاولات والشمسيات التي هي بالنسبة لي باهظة الثمن، فكراء الكرسي الواحد يكلف 150 دينار، وهناك من يرفع السعر إلى 200 دينار، والطاولة بالشمسية بـ300 دينار، ما يعادل 1500 دينار لأسرتي المتكونة مني والزوج وثلاثة أطفال، ولكم أن تتخيلوا الحسبة كاملة طيلة أسبوع».
بدوره المواطن فضيل مع أبنائه الأربعة، أكد الذين كانوا في انتظار وصول الكراسي وبقية المستلزمات قائلا: «أنا آتي إلى شاطئ كيتاني مرة في الأسبوع، فهو ليس بعيد عن مسكني، وكما ترين نحن خمسة أفراد، ولكن أقوم بكراء كرسيين فقط وطاولة بشمسية»، و»في بعض الأحيان أتفاوض مع القائم على كراء هذه الأخيرة ليتسنى لي ضمان نقود العودة إلى المنزل عندما نضطر للمكوث إلى وقت المغرب».
 من جهة أخرى، ثمن الشاب محمد. ل، القادم من ولاية وهران، الذي ألف الإستجمام في «الرميلة»، منذ أن كان يدرس في الجامعة المركزية وكان حينها غير مهيكل، بما هو عليه الآن من حركة نشطة طبعت الشاطئ من نشاطات تجارية هامة، سواء ما تعلق منها بعملية إيجار الكراسي بطاولاتها وشمسياتها التي تبقى تسعيرتها محل نقاش، أو بتواجد بعض باعة الشاي والمكسرات والمرطبات».
وأوضح في تصريح لـ»الشعب» أن هذا «الحيز السياحي الهام الذي يعرف توافدا هاما من المصطافين من مختلف ربوع الوطن، بات يتطلب من السلطات مرافقته ودعمه بمختلف أعوان المراقبة من أجل تقنين الأسعار حتى تكون في متناول الجميع».
وأفاد الشاب محمد قائلا: «لا أتكلم عن الباعة المتجولين بين المصطافين، بل أقصد تلك المساحة المقابلة، التي على الحافة السفلية من جدار ساحة كيتاني، فهؤلاء يعرضون بضاعتهم بسعر في متناول الجميع، سعر كوب الشاي الواحد بـ20 دينارا، وقرطاس من الفول السوداني بـ30 دينارا، وفي بعض الأحيان يباع كوب الشاي بـ15 دينارا، والفول السوداني بـ20 دينارا عندما تقتني منه بعض الأسر الكثيرة الأفراد وعليه، فهو يكسب الزبائن من جهة ومراعاة لظروفهم المعيشية من جهة أخرى».
في ذات الصدد، قالت السيدة ف.ن «كل يوم آتي إلى الشاطئ، وبما أنني لا أستطيع أن أقوم بكراء كرسي أجلب معي مفروشا، وأرتدي طاقية شمسية، وأحضر معي مأكولات جاهزة من المنزل وقنينة ماء، وغالبا ما أكون بعيدة عن الكراسي المنصوبة على ضفة الشاطئ، حتى أتفادى النقاش مع بعض القائمين على كراء مستلزمات التخييم».
و»سبق لي في كثير من الأحيان ولغيري الذين لا يلجأوون لكراء الطاولات وغيرها الدخول في مشادة كلامية مع بعض القائمين سالفي الذكر، فالملاحظ أن ظاهرة النقاش العقيم تكاد تنعدم وهذا بفضل تواجد رجل الشرطة بين المصطافين الذين تقول «لولاهم لما ترددت لا على هذا الشاطئ ولا على غيره».
ولدى تقربنا من أحد الشباب على مستوى هذا الشاطئ، يقوم بكراء مستلزمات الاستجمام بشاطئ «الرميلة»، أخبرنا رياض. ش «أنه كغيره من الشباب الذين يمتهنون هذا العمل الصيفي، ليوفر مصاريف عائلته المتكونة من سبعة أفراد، فبعد وفاة والده إضطر إلى ترك مقاعد الدراسة وولوج عالم الشغل، وبما أنني لا أملك شهادة دراسية تؤهلني للتربص في أي تكوين مهني ـ استطردـ اضطررت لتقبل أي عمل يوفر نقودا أضمن بها لقمة عيشي وعملي في هذا الشاطئ».
 وضعية إجتماعية يقول عنها الشاب رياض اضطرته لعدم تخفيض تسعيرة كراء مستلزمات الراحة، مع ذلك يضيف قائلا: «أتساهل أحيانا في حسبة الدفع من باب الإنسانية، أتمنى من المواطن تفهم الوضع الاستثنائي الذي نعيشه في ظل جائحة كورونا وينظر لحالنا الإجتماعي ويعذرنا إزاء عملنا هذا المرتبط بفصل الصيف فقط».
تركنا رياض يكمل عمله ممتنعا عن الإجابة عن سؤالنا، والذي مفاده من المسؤول عن تسعيرة الكراسي والطاولات والشمسيات، في حين لم يتجاوب معنا أغلب القائمين على الحجز والكراء.
في سياق آخر سألنا أحد الباعة المتواجدين عن شروط السلامة بعد تسجيلنا بعين المكان تساهلا لافتا للأنظار من جانب أغلبهم عن سبب عدم إرتدائه الكمامة وهو وسط المصطافين، فكان رده «اليوم فقط لم أرتد الكمامة وسأقتني واحدة بعد ما أبيع بعض الشيئ مما لدي من مرطبات، ولذا أحاول أن أتجنب الإقتراب من الزبون قدر الإمكان أثناء البيع، وفي بعض الأحيان أترك له طلبه على الطاولة التي يجلس فيها، وعند مغادرته الشاطئ أتوجه إليه لدفع الحساب وغالبا ما يكون الزبون مرتديا الكمامة».

تصرفات غير مسؤولة...
 لدى نقلنا لبعض التصرفات غير المسؤولة لبعض المصطافين، التي من شأنها أن تؤدي إلى هلاكهم، لأفراد الحماية المدنية المتواجدين على مستوى الشاطئ، أشار م.س أحد رجال الحماية المدنية بشاطئ «الرميلة» الى تسجيل العديد من التدخلات في هذا الإطار، مؤكدا التصرفات غير المسؤولة لبعض المصطافين من فئة الشباب، خاصة الذين يدفعهم حماسهم إلى التهور، وعدم الالتزام بالمناطق الممنوعة من السباحة.
 ففي بعض المرات نجد أنفسنا، يقول عون الحماية «في مواجهات معهم»، ونذكر «المصطافين الجالسين على الطاولات بوضع الكمامة»، لاسيما وأن الشواطئ مكتظة هذه الأيام بأعداد كبيرة من الوافدين»، ونضع نصب أعيننا مضاعفة جهودنا في استتباب مواطن السلامة والوقاية والحماية».
وفي بعض الأحيان «نكون واسطة بين القائمين على كراء مستلزمات البحر وبين الزبون، فغالبا ما ينتج عن تدخلنا دفع تسعيرة على الأقل ترضي الطرفين، ولو أن ذلك ليس من صلاحياتنا لكن من باب الإنسانية يكون تدخلنا وديا».

قوارب للإيجار
ولعل ما لفت انتباهنا في جولتنا الاستطلاعية التي قادتنا إلى أهم شاطئ بالعاصمة، مجموعة من الشباب يأخذون بقواربهم الخاصة بعض المواطنين في جولات قصيرة، والتي تستغرق 15 دقيقة تقريبا، يصل فيها عدد إلى 8 أشخاص إضافة، وبالرغم من أنها رحلات بحرية قصيرة المدى، إلا أن التوافد عليها لافت للأنظار، ولدى تساؤلنا عن تسعيرة الفرد الواحد كانت الإجابة بـ100 دج.
رأينا 05 قوراب تقوم برحلات ذهابا وإيابا منذ الساعة التاسعة صباحا إلى غاية مغادرتنا الشاطئ في حدود الرابعة والنصف مساء يصل إلى خمسة، وفي ذات الصدد يشترط أصحاب القوارب على الأطفال اصطحاب أوليائهم، إذا كانوا يرغبون في نزهة بحرية سريعة قصيرة ممتعة.

شاطئ بجزءين
ويبدو شاطئ «الرميلة» العائلي في أول وهلة، وكأنه مقسم إلى جزءين شبه دائريين، يستقطب كل جزء عددا لا بأس به من الأشخاص يتمركزون على طول حافة بداية البحر، ويقابل كلا الجزءين أحجار صخرية إصطناعية على شكل حواجز وهي المكان المفضل لأغلب الشباب العاشق لمغامرات السباحة الاستعراضية، التي تبقى دائما تحت أعين رجال الحماية المدنية تحسبا لأي طارئ، قد يحدث من هواة تصدر أدوار البطولة في القفز والغطس واستعراضات العوم الخارقة.
 ويبقى شاطئ «الرميلة» الذي يبعث الراحة والطمأنينة في نفوس كل قاصديه، بالنظر الى موقعه الهام وسط قلب عاصمة البلاد، ونظافة محيطه ويسهر عليه أعوان مسخرون من قبل البلدية، دون أن ننسى الحديث عن عامل الأمن والحماية الذي شكل أهم عنصر في التوافد الكبير عليه، بحاجة ماسة الى إلتفاتة جدية من قبل السلطات المحلية من أجل إعادة الاعتبار له، وتنظيم مختلف النشاطات التجارية الممارسة على مستواه مع تقنين الأسعار حتى تكون في متناول الجميع، خاصة وان المواطنين ممن كان لهم حديث مع «الشعب» ابدوا تذمرا من الإجراءات التي يفرضها بعض الشباب وكأن الشاطئ ملك لهم.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19628

العدد 19628

الأربعاء 20 نوفمبر 2024
العدد 19627

العدد 19627

الثلاثاء 19 نوفمبر 2024
العدد 19626

العدد 19626

الثلاثاء 19 نوفمبر 2024
العدد 19625

العدد 19625

الإثنين 18 نوفمبر 2024