يعوّل على الاستراتيجية الوطنية للتنمية المستدامة والشاملة المعتمدة في قطاع الصيد البحري، في النهوض بالأخير من جميع النواحي، وتحقيق الهدف الرئيسي الرامي الى تمكين المستهلك الجزائري، من الوصول إلى المنتوج السمكي بالجودة والنوعية، كما يهدف البرنامج الجديد الذي تعمل الوزارة على تحقيقه في آفاق 2024 إلى تكثيف التصدير وتقليص الواردات من الأسماك المجمدة، من خلال برنامج التربية المائية القارية والبحرية، بما فيها المياه العذبة، وغيرها من المساعي الأخرى.»
يشغّل القطاع كسائر دول العالم يد عاملة قوية من مهنيي الصيد التقليدي التابعين للعائلات البسيطة التي تصنّف ضمن «مناطق الظل في الساحل الجزائري»، الذين يشتغلون عادة في شواطئ «الرسو» عن طريق آلات الصيد التقليدية، مثل الصنارة وشبكات الصيد وغيرها من المعدات التقليدية الأقل تكلفة من طرق الصيد الحديثة.
تتسم هذه المنطقة بالغياب شبه التام لمختلف المرافق التي كان بإمكانها السماح باستثمار هذه الثروات المائية في شروط ملائمة، وفي ظل هذه الوضعية، وبمجرد استرجاع القطاع لوزارة الصيد البحري والمنتجات الصيدية، برزت إرادة قوية للرقي بقطاع الصيد الحرفي وجعله محورا استراتيجيا في التنمية الاقتصادية والاجتماعية، ضمن التحدي الذي أطلقته الدولة للتكفّل بالمناطق المهمّشة في الجزائر».
مدير الغرفة الولائية:
الجزائر تستغل 3 ٪ من الثروة
في هذا الصدد، أوضح حمري عبد الباسط، مدير الغرفة الولائية للصيد البحري وتربية المائيات لوهران، أن «قطاع الصيد البحري، يعتبر من أهم رافعات الاقتصاد الوطني، وأبرز محركات التنمية الاجتماعية وتعزيز آفاق النمو المستدام، بالنظر إلى المؤهلات والمميزات العديدة التي يتوفر عليها في شقيه العصري والتقليدي..»
اعتبر أنّ «الشق التقليدي من الصيد، أحد أهم رافعات هذا القطاع، نظرا للدور المحوري الذي يلعبه، خصوصا في مدينة وهران، بسبب فرص الشغل التي يوفرها في مختلف النشاطات المرتبطة به، كما يحافظ على الثروة السمكية، من منطلق أنه صيد انتقائي للأسماك الموجهة للتسويق التجاري عن طريق آلات الصيد التقليدية، مثل الصنارة وشبكات الصيد وغيره من المعدات التقليدية...»
كما أكد المسؤول على أهمية هذا الفضاء المهني في محاربة الهجرة غير الشرعية التي بلغت مؤشراتها الذروة، مرجعا أحد الأسباب الرئيسية لهذه الظاهرة إلى توّسع حظيرة القوارب المجهولة المصدر المشكلة لأسطول الصيد التقليدي، لافتا إلى أن هذه القوارب ومعدات الصيد غير المحصاة حتى الآن، مثلها مثل الثروة السمكية، التي لا تزال تعاني من الصيد العشوائي الذي يؤثر سلبا على الثروة السمكية، لاسيما وأنّها تمارس حتى في مرحلة التكاثر وتشمل الأنواع المهددة بالانقراض.
ونوّه في هذا الصدد إلى المرسوم
التنفيذي الخاص بتنظيم هذا النوع من الصيد، موضحا أنّ المشكل يبقى في النصوص القانونية والتنظيمية التطبيقية التي تهم القطاع، وتنعكس إيجابا على الأداء، خاصة من خلال ضبط عددهم بإحصاءات دقيقة والحفاظ عليهم وتحقيق الاستقرار من خلال تنظيم شواطئ الرسو والتجهيزات ببعض التجمعات البسيطة وخلق فضاء مهني ملائم لممارسة المهنة.
وقال في السياق، «مساعينا واضحة، ونطمح دائما من خلال هذا المرسوم التنفيذي إلى تطوير ملاجئ الصيد البحري وشواطئ الرسو وتطويرها وتهيئتها بمختلف البلديات التابعة للساحل الوهراني، على غرار المرسى وعين الكرمة»، مشيرا في سياق متصل إلى إمكانية اطلاق مشاريع بلدية لأجل تهيئة هذه الشواطئ، والتي لا تكلّف ـ بحسبه دائما ـ خزينة الدولة الكثير.
أوضح أن قطاع الصيد البحري، لا يقتصر فقط على الإنتاج السمكي، إنما يتعداه إلى أنشطة أخرى متنوعة، فيما تستغلّ الجزائر 3 ٪ فقط مما يمكن أن يقدمه البحر فيما يخص المنتوجات الصيدلانية وشبه الصيدلانية ومنتوجات التجميل والأدوية وبعض المنتوجات الأخرى على غرار العوالق التي تدخل في التعذية الحيوانية والانسانية وعديد من النشاطات التي يمكن من خلالها خلق مؤسسات صغيرة وخلق منتوج ذو نوعية يذهب للتصدير خارج الوطن.
الوصاية تراهن على إستراتيجية جديدة
تطرق محدثنا من جانب آخر إلى البرنامج الجديد الذي تم المصادقة عليه على مستوى مجلس الحكومة الجديد، موضحا أنه يهدف إلى تحقيق جملة من الأهداف الأساسية بكفاءة وفعالية، على أساس السعي لتنمية تربية المائيات البحرية والقارية، باعتبارها مكمّل لقطاع الصيد البحري، نظرا لتراجع الثروة السمكية في العالم، مقابل الارتفاع العالمي لاستهلاك هذا المنتوج القيم.
ثمنّ محدثنا عاليا المحاولات الرامية للتطوير والاستغلال الراشد للموارد السمكية، من خلال تعزيز الصيد في أعالي البحار، وقد أصدرت الجزائر مرسوما يحدد المنطقة الاقتصادية الخامسة التي تحدد 200 ميل، وهو ما يعطي الحق للجزائر في الاستغلال الاقتصادي لهذه المنطقة، وتعزيز الأنشطة المتصلة بها، وفق نفس المصدر.
أكّد أنّهم في «انتظار استكمال إجراءات المصادقة على المرسوم التنفيذي من طرف الجهات المركزية على المستوى الأعلى للانطلاق مباشرة في تجسيد هذا المشروع، والذي يعد نشاط جديد بالنسبة لقطاع الصيد البحري، ويتطلب إمكانيات بشرية ومادية معتبرة، ومنها سفن وعتاد مهم، كما يستوجب تكوين عالي لطاقم السفينة.»
كما تضمن الأهداف والغاياتﺎﺕ التي اتفقت عليها رؤية في منتهى الطموح، بناء وصيانة أسطول الصيد البحري وتجهيزه عن طريق القدرات الوطنية، وفق نفس المصدر، الذي أفاد بأنّ نحو 50 ٪ من الأسطول يحتاج لإعادة صيانة ورسكلة، بالإضافة إلى دعم الصيد في أعالي البحار بسفن كبيرة الحجم بمقاس 35 مترا فما فوق من أجل القيام بهذا النشاط.
وكشف حمري «عن مشروع هام للوزارة الوصية في هذا الجانب على آفاق تشجيع الاستثمار في هذه الصناعة وتكثيف نسيج المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، مع الاعتماد على المؤسسات المحلية، على غرار مؤسسة بناء وإصلاح السفن التابعة لوزارة الدفاع الوطني ومؤسسة تصليح السفن على مستوى ولاية وهران، باعتبارهما من القدرات الوطنية الهامة التي تم التفاوض معها من أجل الانطلاق في تحقيق هذا المسعى، كما قال.
أكّد محدثنا أن قطاع الصيد البحري وتربية المائيات بالجزائر، يتوفر على قدرات هامة ومستويات عالية من الكفاءات الشابة المتخرجة من مختلف المؤسسات التابعة للتعليم العالي والمعاهد الخاصة والمستعدة للمساهمة الجادة في تعزيز نسيج المؤسسات الصغيرة والمتوسطة وتطوير المؤسسات الناشئة في المجال الذي يحتاج –بحسبه- إلى حاضنات الأعمال لضمان بقاء ودعم ارتقاء ﻟﻀﻤﺎﻥالمؤسسات ﺕ والتي تدخل في سياسة الترقية والتطوير التي تهدف إلى تعزيز تنافسية الاقتصاد.
تحقيق الاستقرار ومحاربة التسرّب
وما زاد من تفاؤل محدثنا، المراهنة على أهمية الاستقرار الاجتماعي للمهنيين، من خلال إعادة النظر في الجانب الاجتماعي، ولاسيما الضمان الاجتماعي، بما فيه طب العمل وتأمين التقاعد ومختلف الشروط الكفيلة بتحقيق الاستقرار ومحاربة التسرب الذي يشهده القطاع، سبب المشاكل التي يواجهها الصيادون عامة، ولاسيما خلال فترات الراحة البيولوجية وغيرها من الظواهر الأخرى، ومنها الحجر الصحي .
وقال إن «التفكير متواصل على مستوى الوزارة من أجل التكفل بهذا الجانب، ولاسيما النشاطات التي تحقق الاستقرار الاجتماعي المهني من خلال الصندوق الوطني لدعم نشاطات الصيد البحري وتربية المائيات الذي عاد من خلال قانون المالية التكميلي لسنة 2020 «، كما أشار إلى مساع الدولة لرفع الإنتاج من المنتوج البحري من 100 ألف طن حاليا إلى 166 ألف طن، و50 ألف طن من تربية المائيات و16 ألف طن من منتجات نشاط أعالي البحار، ناهيك عن تدعيم القطاع بـ 30 ألف منصب جديد في آفاق 2024، يضاف إلى زهاء 120 ألف منصب شغل مباشر وغير مباشر حاليا.
مدير المعهد التكنولوجي للصيد البحري وتربية المائيات:
تنظيم جديد لاعتماد مكتسبات الخبرة المهنية
كما يؤكد البرنامج الجديد على محور التكوين، بما يعزز الوضع الاجتماعي والمهني لحرفيي القطاع، يضيف مدير الغرفة الفلاحية لولاية وهران، منوّها في هذا الصدد إلى «الاتفاقية» التي أبرمتها مؤخرا الوزارة الوصية من أجل الاستفادة وتثمين مؤسسات التكوين في قطاع التكوين المهني لفائدة الشباب الراغب في الالتحاق بالمجال بالولايات التي لا تتوفر على مؤسسات متخصّصة في الصيد البحري وتربية المائيات.
بدوره، أوضح قويسم الهواري، مدير المعهد التكنولوجي للصيد البحري وتربية المائيات، أنّ «كل أهداف الوزارة المسطرة، تتماشى مع التكوين»، مؤكدا في الوقت نفسه جاهزية المعهد لتكوين مختصين أكفاء في مختلف التخصصات تربية المائيات أو الصيد في أعالي البحار، وذلك في إطار جملة التوصيات الصادرة عن جهاز التكوين على مستوى وزارة الصيد البحري والمنتوجات الصيدية.
أشار في هذا الصدد إلى تنفيذ عدّة حملات تحسيسية على مستوى موانئ وهران وأرزيو وكريشتل ، وكذا ولاية مستغانم للتعريف بالإستراتيجية الجديدة والاختصاصات المبرمجة بالمعهد، مبينا أنّ المهام الرئيسية للمعهد، بحسب القانون الأساسي، تكمن أساسا في تكوين ضباط في الصيد البحري.
كشف المسؤول عن تبني المعهد لتخصصات جديدة في جميع المستويات بفضل البرامج والاتفاقيات التي ساهمت بقوّة في تكوين أطر متخصصة في ميادين الصيد البحري والميادين المرتبطة بها عن طريق البحث العلمي والتقني وتدريبات في التكوين التطبيقي، لاسيما وأنّ المؤسسة تتوفر على إمكانيات هامة، بما فيها المقلدات المختلفة الخاصة بالملاحة، وغيرها من القدرات التي تدخل في إطار التنظيم الجديد لاعتماد مكتسبات الخبرة المهنية وفتح تخصصات لفائدة الفئة بدون المستوى.
يتيح المعهد التكنولوجي للصيد البحري وتربية المائيات حاليا الاختصاصات التالية من أجل التخرج في ثلاث سنين أو سنتين ونصف ملازم أول في الصيد البحري، ويتطلب بكالوريا تقني أو علمي، وكذا ضابط ثاني في الميكانيك ويشترط أيضا بكالوريا تقني أو علمي، فيما يوفّر شهادة تقني سامي في التربية المائية، وكذا رئيس سفينة الصيد على السواحل، لفائدة مستويات الثالثة ثانوي «شعبة علمي وتقني»، وتتواصل التسجيلات عبر الإيمايل والهاتف، فيما ستفتح هذه المؤسسة أبوابها في شهر سبتمبر للتسجيلات المباشرة احتراما لإجراءات الحجر الصحي، وذلك قبل اجتياز مسابقة الدخول في شهر أكتوبر المقبل.