تطهير المستشفيات خطوة أولى لابد منه لحصر الوباء
تواصل جريدة «الشعب»، تسليط الضوء على مبادرات تطوعية لأفراد ومؤسسات تصبّ في إطار دعم الجهود الوطنية لمكافحة فيروس كورونا المستجد والوقاية منه، وتقف في هذا العدد عند مبادرة الجمعية الجزائرية للبياطرة الخواص، الرامية إلى تطهير وتعقيم المستشفيات والعيادات الطبية بولايتي الجزائر العاصمة والبليدة المتضررتين من الوباء، في مسعى دعمته مصالح الحماية المدنية وجمعية المساعدين الطبيين، لتكثيف الجهود، ورفع درجات التدخل، لتطويق الفيروس ومنع تفشيه، سيما في الأوساط التي يتم فيها علاج المصابين به.
تقول رئيسة جمعية البياطرة الخواص الدكتورة آسيا بوكفة لـ «الشعب»، إن المبادرة انطلقت منذ أكثر من أسبوعين، بإعلان مستعجل وجهته شخصيا لجميع الأطباء البياطرة، الفلاحين، المربين، بائعي الأدوية بالجملة والشركات المعتمدة لبيع الأدوية المطهرة، للانضمام إلى مبادرة تعقيم المستشفيات، بالتبرع بمواد التطهير المضادة للفيروسات، وتسخير عتاد من مضخات رش، وجرارات، لتسهيل المهمة على مستوى الولايات والبلديات المعنية بانتشار الفيروس القاتل.
دعم من الحماية المدنية وشبه الطبيين
في البداية فضلت الجمعية أن تعطي المثل للآخرين، باقتناء مواد تطهير وتعقيم بأموالها الخاصة، لتفتح الباب لمساعدات محسنين ومتطوعين لم يتأخروا في تلبية ندائها، بحسب الدكتورة بوكفة، لأن الأمر يتعلق بحماية الوطن، فبدأت في جمع الاحتياجات وقد لمست تجاوبا من شركات بيع الأدوية المطهرة، التي لم تتردد في تعليق عمليات البيع لتوفيرها كل ما يلزم.
وبناء على تلك المساعدات، انطلقت في العمل الميداني، بعد أن حددت المستشفيات المستهدفة على مستوى الجزائر العاصمة، غير أنه لأسباب تنظيمية تأخرت العملية، لتغير الاتجاه إلى ولاية البليدة أكثر الولايات تضررا من الجائحة. وبفضل دعم السلطات المحلية، خاصة مديرة البيئة بالولاية، ومصالح الحماية المدنية، وجمعية المساعدين الطبيين، تمكنت من الشروع في تجسيد مبادرتها بتطهير، في بداية الأمر، مستشفيي فرانز فانون وبوفاريك، وبعض العيادات الطبية ومقرات الأمن الوطني.
الجميل في هذه المبادرة والذي يبعث عن التفاؤل - تضيف الدكتورة بوكفة - الدعم اللامحدود الذي تلقته الجمعية من طرف أعوان الحماية المدنية، وشبه الطبيين، وحتى الجمعيات الشبانية التي قاسمتها تفاصيل عمليات تعقيم المستشفيات، رغم حساسيتها وصعوبتها، حيث لم تبخل عليهم بالنصائح في كيفية التعامل مع المواد المطهرة، وطرق استعمالها بشكل آمن، في حين فتحت لها قيادة الحماية المدنية مقراتها لإعداد المحلول المطهر وتخزينه، وسخرت شاحناتها لتسريع عمليات التطهير، بعد أن أظهرت التجربة ثقل مضخات الرش المستعملة من قبل الفلاحين.
ولم يتوقف دعم مصالح الحماية المدنية عند هذا الحد، بل امتد ليشمل تسهيل المهمة على مستوى الجزائر العاصمة، بعد أن عطلت الإجراءات الإدارية ذلك، وتمكنت الجمعية عقب هذا التدخل من تطهير مستشفيات مصطفى باشا، مايو، القبة وزميرلي بالحراش، وكذا سيارات الإسعاف وبعض العيادات الطبية، ومصحات الولادة، ومقرات مصالح الدرك والأمن الوطني بالإضافة إلى توزيع مستلزمات الحماية من كمامات، وهلام مطهر لليدين.
مطهرات آمنة وغير سامة
وحتى تكون عمليات تعقيم المؤسسات الاستشفائية آمنة، على اعتبار أنها أماكن حساسة وتؤوي مرضى بحاجة لمحيط صحي نظيف، تولت الدكتورة بوكفة بنفسها عملية إعداد خلطات المطهرات، بأخذ بعين الاعتبار نصائح الشركات المعتمدة في بيع الأدوية المطهرة، حيث عقدت جلسة عمل مع مسؤوليها، لتحديد تركيبة كل دواء ودرجة تركيزه والمقادير الواجب استعمالها من كل مادة حتى تعطي النتيجة الفعالة، ولا تتحول إلى مركب سام، كما تقيدت بما هو مدون في البطاقات التقنية لكل دواء، حتى لا يسبب أثارا عكسية.
وتحرص الدكتورة بوكفة في كل عملية تعقيم على إعداد بنفسها المطهرات ضد الفيروسات، وتوزيعها على الفرق المتطوعة لاستعمالها بشكل آمن في مختلف المصالح الاستشفائية والعيادات، والمقرات الأمنية.
كما تسهر، عند الانتهاء من كل عملية تعقيم، على وضع حمامات غطس للأرجل باستعمال أوانٍ بلاستيكية -تبرع بها محسنون- عند مدخل كل مصلحة، على اعتبار أن فيروس كورونا يسقط على الأرض ويمكن أن ينتقل عن طريق رفعه بالأحذية، على أن تقوم بتجديد المواد المطهرة داخلها كل 48 ساعة أو ثلاثة أيام تاريخ نهاية فعاليتها.
وتأمل جمعية البياطرة الخواص في انحسار الفيروس والقضاء على الوباء العالمي، حتى لا تتعقد الأمور أكثر ونفقد المزيد من الضحايا، وتؤكد أنها تبقى مجندة لتكثيف عمليات التعقيم وتطبيقها من جديد إذا اقتضى الأمر حتى ينتهي الوباء كليا، وتستعيد الجزائر عافيتها.