في الأول من مارس من كل عام، تحتفل الحماية المدنية الجزائرية بيومها العالمي، على غرار باقي أعضاء المنظمة الدولية للحماية المدنية، وذلك تكريما وتقديرا للدور التنموي الكبير الذي يضطلع به الجهاز في الحفاظ على الأرواح والممتلكات وحماية الموارد والإنجازات الوطنية.
لقد أحرزت الجزائر تقدّما كبيرا من خلال الجهود
الحثيثة التي تبذلها لتطوير وعصرنة الحماية المدنية، مصممة على تحقيق الريادة العالمية في مجال الوقاية وإدارة الأزمات والكوارث الطبيعية والبشرية والتقليل من آثارها، لاسيما مع تزايد قلق المجتمعات، إزاء تعاظم المخاطر التي تهدد حياة الإنسان والكائنات الحية الأخرى.
جاء اختيار الشعار الجديد «مسعف لكل بيت»، للاحتفال باليوم العالمي للحماية المدنية، المصادق عليه من طرف المجلس التنفيذي للمنظمة الدولية للحماية المدنية، في إطار حرص المجتمع الدولي على إشراك المواطن في سياسة الإسعافات الأولية ومجابهة الحوادث والكوارث كافة، بحسب ما أكده المكلف بالإعلام لدى المديرية الولائية للحماية المدنية بوهران، النقيب «عبد القادر بلالة».
تكوين 4441 مسعف لكل عائلة
في هذا الإطار، أوضح «بلالة»، أنّ «الحماية المدنية الجزائرية، كانت سباقة في تبنّي هذا الشعار في إطار الحملة الوطنية للتكوين في الإسعاف الجماهيري، وذلك منذ نهاية سنة 2009، تاريخ إطلاق المديرية العامة لمبادرة «مسعف ﻟﻜﻞ عائلة»، نظرا لإدراكها الكبير لأهمية ودور المواطن، كحلقة أساسية في مختلف أوجه وأبعاد الحياة، وما تحمل من متغيرات وتحديات، وذلك قبل أن تعتمد المنظمة الدولية للحماية المدنية، التي يرأس أمانتها العامة الجزائري «بقاسم الكتروسي»، هذا المسعى شعارا عالميا ورمزا من رموزها».
وتجسيدا لذلك، تمكّن الجهاز بعاصمة الغرب الجزائري، وهران، كعيّنة، من تكوين 4441 مسعف، من بينهم 441 فتاة، استفادوا من دورات تكوينية، دامت 21 يوما، تم خلالها تقديم دروس نظرية وتطبيقية من قبل ضباط وأطباء مصالح الحماية المدنية حول تقنيات الإسعافات الأولية الواجب تقديمها لأشخاص في حالة خطر بالبيت وخارجه، وفق ما أشير إليه.
واستنادا إلى نفس المصدر، فقد عرف هذا البرنامج منذ انطلاقته قبل 10 سنوات، تزايدا في عدد المستفيدين من مختلف شرائح المجتمع، فيما تظل الأبواب مفتوحة عبر مختلف الوحدات التابعة للحماية المدنية لتلقي تكوينات في مهارات الإسعافات الأولية في حالات الإغماء والكسور والاختناقات والغرق وغيرها من الحالات الطارئة للحوادث المهددة للحياة.
كما أشاد محدّثنا بأهمية المبادرة التي تبنتها أيضا المديرية العامة للحماية المدنية للانفتاح على عالم الطفولة، من خلال تكوينهم في مختلف اختصاصات الحماية المدنية، من إنقاذ وإسعاف وإجلاء، وكذا إشراكهم في مختلف حملات التوعية والأيام التحسيسية والأعياد الوطنية بزي الحماية المدنية، بهدف إنشاء جيل مشبع بروح التضامن والتطوع والشعور بالمسؤولية تجاه الآخرين.
أحدث تقنيات البحث والإنقاذ
في سياق متصل، تطرق «بلالة» إلى التطورات المتلاحقة التي عرفها قطاع الحماية المدنية الجزائرية في عملياته الرئيسية وخدماته الفرعية المقدمة لمختلف فئات المجتمع، بفضل جهود العاملين وتضحيات الرجال الأفذاذ المخلصين، وذلك بناءً على توجيهات القيادة الرشيدة الصارمة واﺳتراتيجيات ﻣﻀﺒﻮﻃﺔ ودﻗﻴﻘﺔ، تستهدف تطوير الإمكانات والقدرات البشرية وكذا التجهيزات الآلية وﺍﻟﺘﻘﻨﻴﺎﺕ ﺍﻟﻨﺎﺷﺌﺔ في ﺗﻜﻨﻮﻟﻮﺟﻴﺎت الوقاية والمواجهة والإدارة الناجعة للكوارث والمخاطر، حفظا للأمن الوطني وسلامة الأشخاص والممتلكات، كما قال.
وأبرز المكلف بالإعلام، أن «جميع وحدات التدخل في الحوادث مجهزة بأحدث تقنيات البحث والإنقاذ من الكاميرات الحرارية وأجهزة الاستشعار، لمباشرة كافة أعمال الإنقاذ في حوادث انهيار المباني والإنقاذ في المباني العالية والأنفاق وغيرها»، منوها في الوقت نفسه إلى فرق الدراجات النارية للتعامل السريع مع الحوادث وأعمال الإنقاذ التي تتطلب تدخلات استعجالية قبل وصول إمدادات النجدة، خاصة عبر الطرق والمحاور والمناطق التي تشهد اكتظاظا، على غرار الطنف الوهراني.
كما كشف أنّ «الدراجات النارية التي اقتنتها المديرية العامة ودعّمت بها مختلف المديريات عبر كامل التراب الوطني، معززة بأجهزة متطورة، ومنها مطفأة وعلبة خاصة بمختلف الإسعافات الأولية، كما يقودها سائق محترف ومتخصص في تقديم الإسعافات الأولية وإطفاء الحرائق، لاسيما وأنّ حادث المرور يكون أحيانا مرفوقا بحريق على مستوى المحرك».
تنديد بظاهرة عدم احترام قواعد إعطاء الأولوية
على ضوء ذلك، ندّد محدّثنا بظاهرة عدم احترام قواعد إعطاء الأولوية، وعدم التزام الكثير بإفساح الطريق لسيارات الإسعاف أو المطافئ، وكذا المركبات التابعة لمصالح الأمن «الشرطة والدرك والجمارك»، معتبرا أنّ ذلك يتسبب في تعطيل المهمات المستعجلة وفي خسائر بشرية ومادية، وكذا تعطيل حركة السير والتورط في حوادث مرور مميتة، وذلك إشارة إلى أولئك الذين يعتقدون أنّ استعمال صفارة الإنذار من قبل المركبات ذات الأولوية وسيلة لتفادي المناطق ذات الكثافة المرورية العالية.
أنشطة وفعاليات متنوعة
وبمناسبة الاحتفال باليوم العالمي للحماية المدنية، الذي يصادف 1 مارس من كل سنة، أعلن نفس المسؤول عن إعداد برنامج ثري، سطرته مديرية وهران لتعزيز مشاركتها في هذا اليوم، من خلال تنظيم عدد من الفعاليات المتنوعة في مجالات التحسيس والتوعية بالإجراءات الوقائية من الأخطار المتزايدة، ناهيك عن تثقيف وتشجيع أفراد المجتمع على المشاركة بفعالية في أعمال الإسعافات الأولية،
وذلك عن طريق إقامة معارض، تنشيط محاضرات وأنشطة ثقافية ورياضية، إلى جانب تنظيم زيارات ميدانية ومناورات واستعراضات تطبيقية كبرى تقوم بها مختلف فرق التدخل للحماية المدنية في جميع التخصصات لإبراز الطاقات وشد انتباه الرأي العام باتجاه الأهمية الكبيرة التي يكتسيها قطاع الحماية المدنية والخدمات التي يقدمها، خاصة في شقه الوقائي، التحسيسي وكذا الحماية الذاتية.
وأشار إلى مواصلة تنظيم مناورات وتمارين الإنقاذ والإسعاف تخص مختلف الأخطار (حوادث الطرق، الحوادث المنزلية، إخماد الحرائق وجميع تقنيات الإنقاذ والإسعاف)، وذلك بالتنسيق مع مختلف الشركاء، منها مناورة أجرتها الوحدة الثانوية لعين الترك تحت عنوان «نشوب حريق على مستوى الطابق الأول لمؤسسة فندقية» من خلال تقديم مبادئ في كيفية إخماد الحرائق وإجلاء ضحية تعاني من اختناق وضيق في التنفس وتقديم الإسعافات الأولية لها، على أن تكون عصارة هذه الاحتفالات يوم 1 مارس 2020 من خلال تنظيم مناورة كبرى على مستوى الوحدة الرئيسية للحماية المدنية بمشاركة مختلف فرق التدخل الخاصة بالحماية المدنية، وذلك على الساعة التاسعة صباحا، بحضور الأسرة الثورية والإعلامية والسلطات المحلية المدنية والعسكرية ومختلف الفاعلين في المجال.
كما تتواصل الخرجات الميدانية والجولات التوعوية والتحسيسية لغرس الثقافة الوقائية من مختلف المخاطر وعلى رأسها حوادث المرور، وكذا تنظيم معرض للصور ومختلف الأنشطة ووسائل التدخل الخاصة بالجهاز، وذلك عبر مختلف المؤسسات التربوية ودور الشباب ومراكز التكوين المهني وحتى المساجد، على غرار جامعة وهران-1، ومركز التكوين المهني بوادي تليلات، ناهيك عن تنظيم أبواب مفتوحة على مستوى الوحدات العملية المنتشرة عبر كامل تراب الولاية حول الوقاية من مختلف الأخطار وغرس ثقافة الإسعافات الأولية والوقاية.
كما سيتخلل الحفل محطات تكريم لبعض الرياضيين والمتقاعدين وشهداء الواجب المهني، وكذا توزيع حصص للفائزين برحلات عمرة مدفوعة التكاليف والتي سبق وأجرتها المديرية الولائية للحماية المدنية لفائدة أبناء القطاع، بغية تكريمهم وتشجيعهم باسم الدولة، وفق ما أشير إليه، وكل ذلك يصب في مصلحة الشعب الجزائري في ظل تعاظم البيئة المحفوفة بالمخاطر، وفق نفس المصدر.
مرجع لنقل وتبادل الخبرات والمعرفة المهنية
في شأن متصل، اعتبر النقيب عبد القادر بلالة، أنّ «الحماية المدنية الجزائرية، مصدر لتصدير الخبرات والمعرفة المهنية في ميادين الإدارة الفعالة لعمليات المكافحة وحماية الأرواح والممتلكات، بما يواكب استراتيجية الدولة في قطاع الأمن والسلامة»، مستدلا على ذلك بعدة أمثلة، منها عملية الإنقاذ البطولية التي قام بها «سحنون عبد القادر» وترقى على إثرها إلى رتبة عريف، بعد إنقاذه لسيدتين من موت محقق، جراء حريق مهول شب بأحد المطاعم الشعبية بحي المدينة الجديدة في جوان 2019، تسبّب في احتراق البناية المتواجدة أعلى المحل التجاري، وذلك بالرغم من أنه كان في إجازة مرضية، جرّاء إصابة مترتبة عن حادث عمل، ليتم تقليده بمختلف التكريمات، وعصارتها وسام الشجاعة من قبل المنظمة الدولية للحماية المدنية وتهاطل الطلبات عليه للمشاركة في عديد الملتقيات الدولية، ومنها ملتقى دولي بتونس، «بذلك يصبح هؤلاء الأفراد نماذج يقتدى بها»، يختم محدثنا.