بات ملعب 5 جويلية الأولمبي جاهزا لاحتضان المباريات، بعد انتهاء أشغال إعادة التهيئة وتدعيم الهياكل، حيث اكتسى حلة جديدة تجعله يستجيب للمعايير العالمية، وتضعه ضمن أفضل الملاعب إفريقيا وعربيا، بالنظر للتحسينات والترميمات التي خضع لها، إلى جانب عصرنة مرافقه المختلفة، من أجل أمن وسلامة الأنصار وتوفير كل الإمكانيات التي تساعد الأندية والمنتخبات الوطنية على إجراء المباريات في ظروف حسنة.
عاد ملعب 5 جويلية الأولمبي لاحتضان المباريات بعد غلقه منذ 18 نوفمبر 2019، من أجل تنصيب تجهيزات المراقبة والتذاكر الإلكترونية وتغيير أرضيته وغرف تغيير الملابس، حيث كان الاثنين الفارط مسرحا للداربي العاصمي الذي جمع بين شباب بلوزداد ونصر حسين داي، ليكون اليوم على موعد مع احتضان الداربي الكبير بين مولودية الجزائر واتحاد العاصمة.
الملعب الذي تمّ تدشينه في جوان 1972 ويتّسع لـ 70 ألف متفرّج، ليست هذه المرة الأولى التي يُغلق فيها من أجل تهيئته وترميم مرافقه، فقد أغلق في 21 سبتمبر 2013 لمدة سنتين، بعد أن تسبّب انهيار جزئي لأحد المدرجات في وفاة شابين من الأنصار في مقابلة الداربي العاصمي بين مولودية الجزائر واتحاد العاصمة، حيث خضع الملعب مباشرة بعد تلك المأساة إلى مراقبة تقنية قبل انطلاق أشغال الترميم وتدعيم الهياكل، كما تم غلقه لمدة ستة أسابيع، ابتداءً من 25 سبتمبر 2016، لوضع عشب طبيعي جديد، وهذا بعد تنصيب لجنة تحقيق لتحديد المسؤوليات في أسباب تدهور الأرضية، ليتم غلقه في شهر نوفمبر الفارط بعد مباراة الكلاسيكو بين مولودية الجزائر وشبيبة القبائل بسبب تردي ميدانه الذي كان في وضعية يرثى لها معرضا اللاعبين لخطر كبير، إلى جانب التكسير والتخريب الذي مس بعض مدرجاته.
وبمناسبة فتحه وانتهاء أشغال التهيئة التي دامت حوالي ثلاثة أشهر، زارت جريدة «الشعب» ملعب 5 جويلية الأولمبي، حيث لاحظت وجود المنشأة في أفضل أحوالها بعد التحسينات والترميمات التي شهدتها مرافقه، خاصة فيما يتعلق بأرضيته ونفق دخول اللاعبين وكذا غرف تغيير الملابس ووضع معدات حديثة، واعتماد نظام التذاكر الإلكترونية، في خطوة تستهدف تجفيف منابع عنف وشغب الأنصار وتحسين مداخل الملعب، ومراقبة وتأمين دخولهم وخروجهم لهذا المرفق الرياضي العريق، فقد اكتسى الملعب الأولمبي حلة جديدة، حتى يكون في مستوى تطلعات المشجعين والأندية والمنتخبات الوطنية، ويستجيب للقوانين والمعايير الدولية.
تهيئة الملعب الأولمبي تم فيها مراعاة الإجراءات التنظيمية الصارمة، التي اتخذتها الإدارة بغية الحفاظ على المنشأة، وتفادي تكرار الأخطاء السابقة التي كلفت الأرواح والأموال، فقد حرص المشرفون على الأشغال على مسألة أمن الأنصار وتسهيل مهمة ولوجهم للملعب، حيث خضعت بوابات الدخول إلى تغيير قد يسمح بتفادي حدوث المشاكل، إذ تم وضع تجهيزات وبوابات إلكترونية مست أغلب المنافذ، وهو ما يمكن ملاحظته بمجرد الولوج للملعب، فقد تمّ الانتهاء تقريبا من تنصيب تلك الأبواب الإلكترونية الحديثة، على أن يتم الشروع في استعمال التذاكر الإلكترونية بداية شهر مارس المقبل.
تصاميم حديثة وصور تؤرّخ لتتويجات الأندية والمنتخبات الوطنية
ثاني محطة وقفنا عليها كان النفق المؤدي لغرف تغيير الملابس، حيث خضع لترميمات معمّقة وتحسينات كبيرة في واجهته مع وضع أضواء جديدة، وهو الذي لم يشهد تغييرا منذ إنجاز الملعب الأولمبي سنة 1972. وقد اختار المشرفون على الأشغال وضع بساط أخضر بالرواق، وتهيئة السقف وتزيين الحائط بتصاميم مختلفة وصور كبيرة معبّرة تؤرّخ لتألق الأندية والمنتخبات الوطنية والتتويجات التي عرفتها كرة القدم الجزائرية، وتمّ وضع صورة فريق جبهة التحرير الوطني، الذي أسمع دوي الثورة التحريرية في مختلف العواصم العالمية، ويضم لاعبين غادروا أنديتهم في البطولة الفرنسية ليلتحقوا بالفريق دفاعا عن القضية الوطنية والمساهمة في الثورة التحريرية لنيل الاستقلال.
كما تمّ وضع صورة لنادي مولودية الجزائر المتوّج بكأس إفريقيا للأندية البطلة سنة 1976، وصورة لنادي فريق شبيبة القبائل المتوج بالألقاب الإفريقية أعوام 1981،1990، 1995، 2000، 2001 و2002، وصورة نادي وفاق سطيف المتوّج بلقبين إفريقيين سنتي 1988 و2014، وصورة للمنتخب الوطني الأولمبي المتوّج بذهبية الألعاب الإفريقية الثالثة سنة 1978، والمنتخب الأولمبي المتوج بالميدالية الذهبية في ألعاب البحر الأبيض المتوسط عام 1975، وصورة للمنتخب الوطني المتوّج بكأس أمم إفريقيا سنتي 1990 ـ 2019، إلى جانب صورة للمنتخب الوطني المشارك في كأس العالم 1982 بإسبانيا، والمنتخب الوطني المشارك في مونديال 1986 بالمكسيك، والمنتخب الوطني المشارك في كأسي العالم 2010 و2014.
غرف تغيير الملابس بالألوان الوطنية وشعار مولودية الجزائر
ولأنّ راحة اللاعبين لا تكتمل إلا بوجود غرف تغيير ملابس لائقة، خضعت هذه الأخيرة إلى عملية ترميم معمّقة وتهيئة واجهتها بشكل عصري، فقد أصبحت في حالة تليق بملعب أولمبي يحتضن المباريات الدولية، تستجيب لتطلعات اللاعبين والمدربين على حد سواء من حيث الشكل والإمكانيات المتوفرة، سواء فيما يتعلق بأماكن وضع الألبسة أو بالنسبة للمراحيض والحمام، كما تمّ وضع تصاميم عصرية اختلفت من غرف تغيير ملابس لأخرى، إذ صممت غرف تغيير الملابس المخصصة للزوار بالألوان الوطنية بها شعار المركب الأولمبي، فيما زيّنت غرف تغيير ملابس مولودية الجزائر بألوان النادي وشعاره، وكذا العلم الوطني الذي يزين سقف المكان، كما سيتم الانتهاء قريبا من تهيئة غرف أخرى لتغيير الملابس ستكون بزخرفة وتصاميم مختلفة عن الغرفتين الأخريتين.
أرضية حديثة أشرف عليها خبراء جزائريّون
من جهتها، خضعت أرضية ملعب 5 جويلية الأولمبي إلى صيانة وإعادة التهيئة، وهي التي كانت في أسوء حالاتها مع بداية الموسم، حيث عانى اللاعبون كثيرا، وكانت عقبة كبيرة في تطبيق نهجهم التكتيكي. ولأجل تغييرها تمّ الاستنجاد بالخبير الجزائري عمار بوكعبوب وآخر أجنبي يدعى ماريان بيقو من مؤسسة «ناتورال قراس أفريكا» لنزع العشب، إذ تمت في المرحلة الأولى تغطية أرضية الميدان للحفاظ على البذور ضد الحرارة المنخفضة وتمكينها من النمو كما ينبغي، ثم استكملت بوضع بساط طبيعي جديد أشرف عليها خبراء جزائريون على رأسهم سمير عمامرة، وهي الآن في حالة جيدة لممارسة كرة قدم حديثة لا تختلف عن أرضيات الملاعب الأوروبية.
بالإضافة إلى تلك الأشغال تمّ وضع كراسي جديدة في المدرجات التي تعرضت للتخريب والتكسير مع بداية الموسم الحالي، كما تشهد الملاعب المعشوشبة اصطناعيا المجاورة للملعب الرئيسي أشغال تهيئة من أجل وضع عشب اصطناعي جديد مخصصة للتدريبات.
مدير الملعب:
استعمال التّذاكر الإلكترونية بداية مارس
أكّد محمد الحاج علي، مدير ملعب 5 جويلية لـ «الشعب»، أنّ غلق الملعب تقرّر بالاتفاق مع الاتحادية الجزائرية لكرة القدم من أجل ترميمه وتهيئته، معتبرا هذا القرار أمرا عاديا يحدث في جميع الدول، والذي يدخل في إطار التحسين الدائم للمنشأة الرياضية الأكبر في الجزائر، تحتضن أهم التظاهرات الكروية المحلية والدولية، مشيرا أن الملعب احتضن عدد مكثف من المباريات بداية الموسم الكروي ما جعل الأرضية عرضة للكثير من المشاكل، لذلك قرار غلق الملعب أمر طبيعي جدا حتى يتم وضع أرضية جديدة وحديثة، موضحا أن تهيئة الأرضية تقام دوريا قبل بداية كل موسم كروي، لكن هذه السنة تأخّرت التهيئة إلى نوفمبر الفارط وهذا بعد إجراء مقابلات دولية عديدة تدخل في إطار المنافسات الإفريقية والعربية والمحلية، مضيفا أن الميدان ساءت حالته أكثر بعد مباراة الكلاسيكو بين شبيبة القبائل ومولودية الجزائر.
وذكر الحاج علي، أنّه كان من المفترض إعادة فتح الملعب مع بداية شهر مارس القادم، لكن تمّ تقديم ذلك ليوم 17 فيفري الجاري بمناسبة الداربي العاصمي الذي جمع شباب بلوزداد ونصر حسين داي، ما جعل المشرفين على الأشغال يسابقون الزمن من أجل تهيئته قبل ذلك التاريخ، وهو ما تحقق عشية المباراة بفضل تجند العمال الذين قاموا ـ حسبه ـ بعمل كبير، مؤكدا أن الأشغال انتهت تقريبا، وبقيت بعض الروتوشات الصغيرة، على أن تنتهي الأشغال كلية مع بداية شهر مارس القادم، خاصة فيما يتعلق بتجهيزات التذاكر الإلكترونية التي تم تنصيبها في أغلب البوابات، كاشفا أن دخول الأنصار حاليا سيكون بالتذاكر العادية، على أن يتم الانطلاق في استعمال التذاكر الإلكترونية بداية شهر مارس المقبل.
وأشار الحاج علي، أنّ باقي المرافق التي خضعت للتهيئة والترميم جاهزة تماما، والأمر يتعلق هنا بالنفق الذي لبس حلة جديدة، إلى جانب غرف تغيير الملابس والأرضية، مؤكدا أنه تم تخصيص غرف تغيير الملابس لفريق مولودية الجزائر بحكم الاتفاق الموجود بين إدارتي النادي العاصمي والملعب منذ مدة، على أن تخصّص باقي الغرف للأندية والفرق الزائرة وكذا المنتخبات الوطنية، معتبرا أن الملعب مفتوح لهذه الأخيرة ولجميع الأندية العاصمية التي ترغب اللعب فيه، قائلا: «الأولوية لمولودية الجزائر بحكم الاتفاقية الموقعة بين النادي وإدارة الملعب، لكن الأبواب مفتوحة للمنتخبات الوطنية ولكل الأندية التي ترغب في استغلال المنشأة».
وكشف الحاج علي، أن الملعب في حلّته الجديدة يستجيب للمقاييس العالمية من جانب الأمن والإجراءات التنظيمية، ويمكنه احتضان أكبر المباريات الدولية، خاصة بعد تنصيب كاميرات مراقبة جديدة وبوابات إلكترونية، مضيفا أن الأنصار سيجدون كل وسائل الراحة والأمن وهم مدعوون إلى الحفاظ عليه، وكل من يلجأ للتخريب أو التكسير سينال عقابه وسيعوض كل الخسائر التي كان سببا فيها.
وفيما يخص المنطقة المختلطة بالنسبة للصحفيين، أكد الحاج علي أنه ومن أجل تنظيم إجراء التصريحات ولقاء الإعلاميين باللاعبين في أفضل الظروف، تقرر تخصيص مكان بالنفق مثلما كان سابقا، لكن هذه المرة بعيدا عن غرف تغيير الملابس، استجابة لقوانين «الفيفا» الجديدة التي تمنع إجراء التصريحات الصحفية بجانب غرف تغيير الملابس.
الكراسي بالمدرّجات السّفلى عقب نهاية الموسم
أما فيما يتعلق بوضع الكراسي في المدرجات السفلى، ذكر مدير ملعب 5 جويلية الأولمبي أنه من المقرر أن يتم ذلك مع نهاية الموسم الحالي، وستصاحبها أشغال تهيئة أخرى تمس بعض المرافق والهياكل، مشيرا إلى أن الملعب بحكم الأقدمية في حاجة إلى ترميمات دورية للحفاظ عليه.
واستغل الحاج علي الفرصة لتوجيه الشكر لكل العمال الذين قاموا ـ حسبه ـ بمجهودات كبيرة ومضاعفة من أجل تجهيزه في الآجال المحددة، داعيا إلى المحافظة على المنشأة، قائلا: «ملعب 5 جويلية الأولمبي هو ملكنا جميعا، علينا المحافظة عليه سواء من طرف العمال أو المسؤولين، اللاعبين، الأنصار والصحفيين، فالمسؤولون سيرحلون لكن الملعب سيبقى، لهذا المحافظة على مرافقه ضرورة ملحة وهي مسؤولية الجميع، وكل تكسير أو تخريب يعتبر خسارة للأنصار واللاعبين وكرة القدم الجزائرية، فالتحلي بالسلوك المتحضّر داخل الملعب سيُبقي الملعب في أحسن حلّة وصورة».