يمر الزمن سريعا على قصبة دلس العتيقة التي تستغيث لإنقاذ معالمها التاريخية من الاندثار لكن يبدو أن نداءها يبقى كصوت يصدح في غور بلا مجيب رغم اعتراف الجميع من مواطنين، فعاليات مجتمع مدني ومهتمين بالتراث بالمخاطر المحدقة بها جراء التأخر في التدخل الفعلي إلا مجرد أعمال ترميم بسيطة واستعجالية خضع لها المعلم مباشرة بعد زلزال 2003 الذي أتى على جزء كبير منها..
تعتبر قصبة دلس من أقدم المعالم التاريخية بالجزائر، حيث يرجع بعض المؤرخين بداية تاريخ إنشائها إلى سنة 1068 ميلادي من طرف معز الدولة بن صمادح الذي انتقل من الأندلس إلى بجاية ثم قام بأمر من أميرها باختيار هذه المنطقة الهادئة لبداية إنشاء النواة الأولى للمدينة ثمّ توسعت في العهد العثماني بالشكل المعروف حاليا، مع دخول المستعمر إلى المنطقة قام بتقسيم المعلم إلى جزئيني قصبة سفلى وعليا لشق الطريق الرئيسي المعروف حاليا.
يحتوي المعلم الحضاري على عدة معالم أبرزها المدرسة القرآنية سيدي عمار التي تمّ ترميمها مباشرة بعد الزلزال إلى جانب ضريح سيدي الحرفي والمسجد العتيق المعروف باسم الإصلاح التي خضعت لنفس الأشغال أيضا لإنقاذها من الاندثار، في حين تبقى بيوت الحي بهندستها المعمارية التي شكلت مزيجا من الطابع الأندلسي، العثماني والمحلي المقدرة بأزيد من 150 بيتا عرضة للإهمال بسبب تعقد وضعها القانوني وتوزعها بين الورثة، مما صعب من مباشرة على إعادة الترميم واستعادة الحي لاستغلالها كمقصد سياحي ومورد اقتصادي للبلدية التي تفتقد لمصادر الدخل.
يذكر أن قصبة دلس المصنفة كمعلم تاريخي وطني قد استفادت من عدة محاولات ترميم من قبل وزارة الثقافة وهذا بعد المصادقة على المخطط الدائم لحفظ واستصلاح القطاع المحفوظ بقرار وزاري مشترك صادر شهر أفريل سنة 2016، في الجريدة الرسمية وتكليف الوكالة الوطنية للقطاعات المحفوظة بمتابعة الملف مع تنصيب ملحقة محلية تقوم حاليا بأعمال متابعة ميدانية وإحصاء عدد الملاك وحجم الأضرار واطلاعهم على مستجدات المرحلة الثالثة من المشروع الصعب وكيفية تكوين ملف الترميم وطلب الإعانة من الصندوق الوطني للتراث الثقافي، خاصة وأن الدولة عن طريق الهيئات المختصة وضعت بين أيديهم مخطط ترميم جاهز يحتوي على كل التفاصيل التقنية المطلوبة، لكن في الواقع تبقى عملية تجسيد المشروع تجري بطريقة بطيئة وتتطلب إرادة قوية من جميع الهيئات المختصة والعائلات المعنية بعملية الترميم.