الحراك الشعبي والاضرابات ساهما في التوتر وسباق نحو الاستدراك
مع اقتراب فترة امتحانات نهاية السنة الدراسية، خاصة البكالوريا، التعليم المتوسط، والتعليم الابتدائي، تشهد وتيرة مراجعة الدروس تسارعا وتزايدَا بشكل ملفت للانتباه، حيث يلجأ التلاميذ إلى الدروس الخصوصية بشكل كبير لتدارك ما فات، وهي الظاهرة التي انتشرت بشكل خيالي لدرجة أن أصبح على الأولياء القيام بتضحيات مادية كبيرة، نظرا إلى الأسعار الباهـظة التي يطالِب بها بعض الأساتذة.
«الشعب» اقتربت من بعض الأولياء، الذين أكدوا، ليس علينا سوى ملاحظة العدد الكبير من المراهقين، الذين يخرجون من بيوتهم كل عطلة أسبوع ومحافظهم على ظهورهم، كي ندرك أنهم ضمن لائحة «زبائن» الدروس الخصوصية، حيث تخصَّصُ أيام الراحة والأوقات ما بعد الظهيرة، وحتى السهرات في بعض الأحيان للدروس التدعيمية نتيجة الإضرابات التي شهدها قطاع التربية، خلال الفصل الثاني من السنة الدراسية الحالية والأسبوع الأول من الفصل الثالث، خاصة مع اقتراب الامتحانات المصيرية لنهاية السنة الدراسية.
السيدة جميلة، تقول في الموضوع،’ لقد انتشرت الدروس الخصوصية المدفوعة الأجر، لدرجة أن أصبح يعنى بها حتى التلاميذ المتمدرسين في الطور الابتدائي، وهذا بالرغم من التعليمة الوزارية التي تمنع هذه الممارسات، حيث يقبل التلاميذ من مختلف الأطوار على هذه الدروس في هذه المرحلة الحاسمة، ولهم الخيار بين الدروس الخصوصية في المنزل أو الحلقات الدراسية المكثفة، فهما طريقتان متكاملتان تسمحان للتلاميذ بتعميق معارفهم، وتحسين مستواهم في المواد التي يجدون فيها صعوبات، وليس لهؤلاء الأولياء خيار سوى مسايرة وتيرة هذه السوق المربحة’.
ومن جهته يقول عماري، ‘كثيرون هم التلاميذ الذين يلجؤون إلى هذه الدروس، ولكن ماذا عن فعاليتها؟ أمام أسعار هذه الدروس التي عرفت ارتفاعا معتبرا، إذ تتراوح حاليا بين 3000 إلى 5000 دينار جزائري شهريا للمادة الواحدة، إنّه لمشروع مربح حقيقي، إذا ما علمنا أن بعض التلاميذ يدفعون هذه المبالغ مقابل دروس تدعيمية يقدّهما لهم نفس الأساتذة الذين يعلمونهم في المدارس’.
مبالغ مالية متفاوتة ونفس الأساتذة يسوقون الدروس
في هذا السياق، صرّحت أستاذة، ‘أنفي بشكل قطعي كافة الادّعاءات والمزاعم التي تجعل مني انتهازية، ولا يهمّها سوى جمع المال، حيث ليس من السّهل توفير متابعة فردية كاملة لكافة التلاميذ، إذا ما علمنا أن عدد تلاميذ بعض الأقسام يفوق 40 تلميذا في بعض الأقسام، وعليه فأنا أفضّل مساعدة بعض التلاميذ عن طريق العمل في جوّ أكثر هدوءا، يكون مواتيا للتعلم والفهم وآخذ هذه الدروس التدعيمية على محمل الجدّ بدرجة كبيرة، ما يفسّر كون معظم التلاميذ المستفيدين منها يحصلون على نتائج جيدة’.
إبعاد الأبناء عن التسكّع في الشوارع الملاذ الوحيد
من جهة أخرى، اعترف بعض الأولياء ومن بينهم السيدة خديجة، ‘إن تسجيل التلاميذ لإتباع دروس خصوصية يخضع لاعتبارات أخرى، تتمثّل في كونهم يسعون وراء إبعاد أولادهم قدر المستطاع، عن التسكّع في الشوارع وجعلهم يقضون أقلّ وقت ممكن فيها، في حين أن أولياء آخرين اعترفوا بكونهم لا يثقون في النظام التربوي، خاصة بسبب الإضرابات المتكررة، حيث أعربوا عن تخوّفهم من رؤية أبنائهم يرسبون في امتحانات العبور إلى المستوى الأعلى، وعلى سبيل المثال، شهد الفصل الثالث من السنة الدراسية توقفا بسبب الإضرابات، وهو ما يجعل الكثيرين يخافون على مستقبل أبنائهم، وعليه يحتّم عليهم تسجيلهم لمتابعة دروس تدعيمية، في حين يرى البعض أن اللجوء إلى الدروس الخصوصية، يتم لتعويض الصعوبات التعليمية التي يواجهها التلاميذ في المدرسة، وإعداد الامتحانات لتحسين مردودهم الدراسي، معتبرين ذلك الملاذ الوحيد لضمان طرق ناجحة من خلال دروس الدعم المقدمة خارج المدارس.