ألفنا في السنوات الأخيرة سماع الأحاديث والتعليقات عن جيل اليوم، وتذهب بعضها إلى اعتبار شباب اليوم فاشلا، وغير قادر على القيام بدوره الايجابي في المجتمع.. وأنه أصبح مصدرا لسلوكات غريبة، وتصرفات مرفوضة لا صلة لها بالقيم والأخلاق.
وكغيري من الشباب، سمعت مثل هذه التعليقات في كثير من المرات، أغلبها من أشخاص يتجاوزون العقد الرابع من العمر، آخرها من عجوز تتجاوز الستينات بمعرض الجزائر الدولي للكتاب، عندما راحت تنتقد شباب اليوم وتقارنه بما فعله السابقون، معتبرة أن هذا الجيل فاشلا وغير مستعد للقيام بدوره كما يجب في خدمة البلاد مثل ما قام به جيلها. ولم أتردد بعدما انتهت من كلامها اللاذع باختصار ردي عليها في سؤال واحد: إن كان ما تقولينه صحيحا من المسؤول عن ذلك؟، فتَردَدَت في الرد، عندها سألتها مرة ثانية، أليس الأولياء هم المسؤولون عن تربية هذا الجيل؟، وكان جوابها بكلمة نعم، ثم انصرفت دون أن تسمع رأيي في الموضوع.
ورأيي بكل بساطة، أن شباب اليوم ما هو إلا الجني الطيب أو السيئ الذي غرسته أيدي الأولياء، فإذا كانوا يعيبون على جيل اليوم خموله وتصرفاته الخارجة عن المعقول التي تضرهم وتضر مستقبلهم، عليهم أولا أن ينتقدوا انفسهم، لأنهم هم الذين يوجهون أبناءهم ويلقنونهم مناهج الحياة، كما أن الأولياء هم الأمثال العليا للأبناء إذ بأفكارهم وآرائهم يتأثرون.
قد يقول قائل أن المسؤولية مشتركة وتتحملها الكثير من الأطراف، بحكم التحولات التي يعرفها مجتمعنا، لكن المسؤولية الكبرى يتحملها الأولياء الأقرب لأبنائهم، والذين يملكون وسائل التوجيه والإلزام.
كما لا يجب أن نسوّد الأمور ونحكم على جيل اليوم بالفاشل أو ننعته بأوصاف لا يتقبلها العقل، لأن من يعاشر الشباب يجد الكثير منهم لايزال على جانب كبير من الأصالة والتعقل، وقادر على صنع المعجزات وخدمة البلاد والعباد، عدا فئة قليلة قابلة للتقويم والإصلاح.
وهنا لابد أن أذكر كلام شاب صادفته بعد وقت قصير من حديثي مع تلك العجوز بمعرض الجزائر الدولي للكتاب، حين أخبرني أنه يزور المعرض لأول مرة، بفضل الأم التي ألحت عليه ونصحته بزيارة المعرض وشراء الكتب والتعوّد على المطالعة، واحتراما لها زار المعرض وعاهدها على القيام بما نصحته به. فبمثل هذه التوجيهات من الأولياء يمكن أن نخلق جيلا متعلما صالحا غير مفسد .
مسؤولية الأولياء
محمد مغلاوي
30
سبتمبر
2012
شوهد:1492 مرة