أهل مكة أدرى بشعابها

سعيد بن عياد
11 جوان 2013

قطعت الجزائر مسارا معتبرا في تكريس الاستقرار في ظل الدفع بالإصلاحات الشاملة بالتدرج والهدوء، مما ساعد على  جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة وإطلاق بدائل شراكة ذات جدوى بالرغم ما يثار من جدل حول مشاريع معينة.
ويبدو أن ما تنجزه البلاد على مختلف الأصعدة منذ أن أدركت سبيل تجاوز تلك المرحلة المثقلة بتداعيات أزمة متعددة الأوجه، فأمسكت بخيوط بناء جدار السلم والمصالحة، بالموازاة مع تصحيح الصورة لدى المجموعة الدولية وإرساء ديناميكية تنموية من خلال إطلاق مشاريع استثمارية عملاقة، فيه الكثير من الإزعاج لبعض الأوساط الخارجية بالأخص التي لا تترك مناسبة إلا ودخلت على الخط في محاولة يائسة لترويج إشاعات مغرضة والتشويش على المناخ العام.
ولان المشهد العالمي اليوم يتمحور حول المشاريع الاستثمارية، وجلب رؤوس الأموال التي يعاني أصحابها في بلدان تحاصرها الأزمة المالية العالمية، فلا غرابة أن يضاعف من يغتاضهم رؤية الجزائر تتحول إلى قبلة للاستثمار والشراكة الأجنبية، وفي قطاعات صناعية وحساسة ذات أبعاد إنتاجية وتنافسية، من الحملة الدعائية لاستهداف نوايا وثقة الشركاء، الذين يدرك الجادون منهم أن الجزائر فعلا الوجهة الأكثر تنافسية وضمانا، بفضل الفرص المتوفرة والظرف الاقتصادي والمالي المريح ولكن أيضا قوة الاستقرار المؤسساتي  على كافة المستويات.
وبلغ تراجع الأخلاقيات وانحطاط الممارسة لدى بعض الجهات الإعلامية الأجنبية إلى درجة تسويق أخبار لا أساس لها من الصحة، في محاولة مفضوحة لزعزعة الثقة في المجتمع وإلقاء حالة من الغموض، وهو ما استهجنه الشارع الجزائري العارف بأمور بلاده أكثر من غيره، متحملا في صبر انعكاسات تلك المزايدات التي انساقت وراءها أطراف محلية فراح كل يضع تصورات لنفسه والسعي لاخاطة بذلة على المقاس، بينما يتطلب الموقف الالتزام بقواعد العمل لتعزيز أسس الوثبة الوطنية للبلاد، ومن ثمة جعل الشركاء الأجانب يدركون وعلى قناعة أن الجزائر خرجت إلى بر الأمان وعليه لا جدوى من الرهان على حدوث ما حصل في بلدان عربية وغيرها.
وبالطبع لن تنال الإشاعة من مصداقية بلد كالجزائر بشعبها الذي لطالما تحمل الكثير في مراحل سبقت التحول الديمقراطي والبناء المؤسساتي، ولا من ثقة الشركاء الذين وجدوا في بلادنا طوق النجاة وملاذ تحقيق النمو، بل وجدوا بلدا مستقرا بأكثر الضمانات مثلما تبين عند التصدي للاعتداء الإرهابي على مصنع إنتاج الغاز بتيقنتورين، وحينها استفاق العالم مرة أخرى على القوة الحاسمة للجزائر في قطع الشك باليقين وان لا مجال لتجاوز الخط الأحمر.
وبالطبع لن يكون مصير الإشاعة الهدامة مهما كانت محبوكة غير التبخر والسقوط في هاوية النسيان، أمام ظهور الحقيقة بقوتها وثقلها ومصداقيتها، فلا يمكن أن يتعايش الكذب مع الصدق أبدا. ومع ذلك يواصل الشعب الجزائري كل في موقعه وضع حجر البناء والإصلاح لما فيه خير البلاد والعباد، بدءا من مضاعفة الجهد وإتقان الجودة في العمل وعدم استهلاك كل ما ينشر من جهات العالم المختلفة، إلى تفادي الوقوع في شراك الإشاعة التي يبدو أنها تحولت إلى خبز يومي لدى البعض، أليس أهل مكة أدرى بشعابها؟ .

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19630

العدد 19630

السبت 23 نوفمبر 2024
العدد 19629

العدد 19629

الجمعة 22 نوفمبر 2024
العدد 19628

العدد 19628

الأربعاء 20 نوفمبر 2024
العدد 19627

العدد 19627

الثلاثاء 19 نوفمبر 2024