تتوفر الجزائر على كفاءات مشهود لها في قطاع حماية البيئة ـ من خبراء لهم سمعة عالمية، ومنهندسين وتقنيين ـ كل هذه الموارد البشرية مؤطرة ومعززة بترسانة من النصوص القانونية التي تسيّر هذا الملف وفق مقاربة حذرة، تعتمد على التحسيس والحوار والتواصل مع الآخر.
هذه “الثقافة” المبنية على التوعية حلت محل الردع والزجر، تتبع حاليا من قبل كل الجهات المعنية بشأن البيئة، حتى يتم التحكم في تسيير كل ما يلوّث المحيط، ليس تلك النفايات أو المفرغات التي تودع هنا وهناك في زوايا الأحياء، لكن القطاعات الصناعية التي تنبعث منها سوائل خطيرة على البشر والشجر، أدت إلى إحداث آثار لن تنمحي بين عشية وضحاها، بل لها تداعيات على المياه والهواء.
هذه المعاينة موجودة في الميدان، وكل التقارير المدوّنة في هذا الشأن تشخص الوضع بما فيه وبما يحمله من حالات تضر بالبيئة إلى أقصى درجة مثل الزيوت التي تستعمل لأغراض معينة منها “الأسكاريل” وغيرها من المواد التي تلفظ سواء في الجو أو في الأرض، لكنها ما تزال سارية المفعول ولم تتلف نهائيا. ويتسائل الكثير من المتتبعين عن الأسباب الكامنة وراء هذا العزوف في القضاء على مثل هذه “السموم”؟ وهل هناك غياب للوسائل الخاصة لمثل هذه الأعمال؟.
كل تلك الموارد البشرية المتوفرة في قطاع البيئة بالجزائر قادرة على إحداث الفارق في مثل هذه الحالات الصعبة من تسيير قطاع البيئة، وهذا بفضل الخبرة التي تحوز عليها. وكذلك رغبتها العميقة في تقديم إضافة ملموسة، لترقية كل نشاطات هذا الاختصاص الحسّاس، والذي يتطلت الكثير من الإتصال سواء عن طريق الجهات المسؤولة أو الجمعيات وغيرها من الآليات الأخرى.
كما ولابد من الإشارة إلى أن الإطار القانوني المتكفل بالبيئة جدير بالتنويه، كونه جاء متكيفا مع كل الوقائع والأحداث التي قد تنجم من حين لآخر، بحكم التواجد الكبير للمؤسسات الإقتصادية في الجزائر وتعاملها مع مواد تعد حقا مساسا بالمحيط، سواء أنها تذهب مباشرة إلى البحر أو الأودية أو حتى السدود، لذلك لا نستغرب من ظهور البعض من الأمراض من حين لآخر، هذا بسبب إنعدام النظافة والوقاية.
وإعتماد مبدأ التحسيس ، لا يعني بأن يترك الحابل على الغارب، بل أن العديد من الشركات التي لا تحترم المقاييس المنصوص عليها في احترام البيئة أحيلت ملفاتها على العدالة، إلا أن إجراءات البث في الأحكام ماتزال بعيدة نظرا لعدة اعتبارات تخص قطاعات جديدة على القضاء.
بين التحسيس.. والردع
جمال أوكيلي
09
جوان
2013
شوهد:774 مرة