فنان ولكن..

سميرة لخذاري
06 جوان 2013

يعيش الفنان اليوم مع عيده المتزامن والثامن جوان من كل عام، مناسبة ينتظرها كل مرة بفارغ الصبر علها تأتيه بغلتها الوافرة الحاملة لقانون أساسي يحميه ويضمن حقوقه، غلة إحدى بذورها بطاقة مهنية تعترف بفنه وإبداعه، لتكون بمثابة الباب المفتوح الكاسر للحاجز الذي يقف أمام الإبداع والقفزة النوعية له.
تذمر ودفع الى الوراء يعبر عنه عديد الفنانين الجزائريين، حيث يعيش عديدهم التهميش، ويمرض بعضهم ليموت في صمت، أو بصدقات المحسنين أو الأصدقاء إن وجدوا، خاصة وأن الفن الجزائري يعيش في صراع داخل أسرته وخارجها.
غيرة وإحباط معنوي ممارس داخل الساحة الفنية، خلقت شبه قطيعة بين جيل الأمس وجيل اليوم، وبالتالي رسم طريق وعرة لجيل الغد، عصر أصبحت المادة والوصول الى الربح السريع هو الهدف، ولو كان على حساب فننا الذي يعبر على هويتنا، لتكون في الأول والأخير الثقافة الجزائرية هي الضحية، حيث يصبح عالم الأغنية، المسرح، السينما، و.. مرتع ومشرب الرداءة والسقوط الحر، ثقافة يحسدنا الكل عليها لغناها وتنوعها، وجذورها الضاربة في عمق الحضارات التي مرّت بهذا البلد الذي يزخر بكل مكونات التراث والموروث الفعلي، فالفنان يعتقد أنه ملك نفسه، في حين أنه ملك ثقافته وفن بلاده.
ما نزال نعيش زمن التهرب من المسؤولية، ليلصق كل طرف الذنب والخطأ في الطرف الآخر، دون البحث عن سبل الرقي بالتراث والفن والثقافة الوطنية وتمثيلها أحسن تمثيل، إضافة الى المبادرات البناءة والمشاريع والاستثمارات في عالم الثقافة، والتي يمكن القول أنها غائبة، حيث أصبح الدعم هو أكبر عائق في نظرهم، يضعونه وإبداعهم في كفة واحدة.
أما الصراع الذي يشوب الساحة الفنية من الخارج، فهو غياب المأوى الحقيقي لهذه الفئة، حتى يكون بمثابة التحفيز والتشجيع الذي يضمن الرقي والحفاظ على مكنوناتنا الثقافية والتراثية الضخمة والوافرة، وحتى لا نحمّل الفنان وحده مسؤولية الرداءة والهبوط الذي تعرفه ثقافتنا بمختلف أجناسها، فالفنان الجزائري منذ أن وجد يكبر في خفاء ويموت في صمت لتبقى أعماله شاهدة عليه، حيث راح عديد فنانينا ضحية الفقر والحرمان وأبسط الشروط التي لا بد منها في حياته، على غرار التأمين الاجتماعي.
لم يخرج فنانونا بعد من الصراعات والعراقيل التي تجاوزها الزمن والدول الرائدة في عالم الفن، لتبقى الثقافة الجزائرية لعبة تنتظر اللاعبين المحترفين الذين ينظرون إليها كهوية وليست سبيلا للغنى أو ميدان لاعتلاء المناصب وتحقيق المصالح الشخصية.

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19521

العدد 19521

الخميس 18 جويلية 2024
العدد 19520

العدد 19520

الأربعاء 17 جويلية 2024
العدد 19519

العدد 19519

الثلاثاء 16 جويلية 2024
العدد 19518

العدد 19518

الإثنين 15 جويلية 2024