تبقى الكلمة المعبّرة والكتابة التي تلج قلوب وأذهان القرّاء هي الفاصل بين شخص وآخر بغض النظر عن الشريحة العمرية التي ينتمي إليها، حيث أنّ المتذوّق لعالم القافية، أظن أنّه لا يولي أهمية للاسم الذي نظّم القصيدة، بل يبحر في الكلمات والتعابير التي تحملها.
تسميات عديدة اقتحمت جميع الميادين، بما فيها الساحة الثقافية بكل أجناسها والتي تراوحت بين الكتابة النسوية، الرجالية، الشبابية وغيرها، تسميات لا أساس لها من الصحة والوجود، كما يراها عديد المثقّفين الغيورين على الثقافة كعالم إبداع وهوية، وليس حبّا في أسماء بدَعمها وصنع الدعاية لها حتى تصل إلى الشهرة ولو على حساب مستوى الكتابات وإلحاق الضرر بالثقافة، التي تبقى، من المفترض، بعيدة وأسمى من الربح السريع والنفوذ..
إذا أخذنا بعين الاعتبار التصنيف الموسوم بـ “شعر الشباب”، فلا يختلف اثنان في غنى الجزائر بمواهب شابة، منها من فتحت أمامها الأبواب وطرقت باب النجومية واستطاعت تمثيل بلدها أحسن تمثيل في المحافل الدولية، وأخرى في انتظار الضوء الأخضر الذي يشجّعها ويعطيها حقها في حجز مكان لها بين الكبار.
أسماء عديدة هي كلاسيكيات الشعر والأدب الجزائري، وتتابعت وراءها الأجيال التي تركت أسماءها من ذهب في سجل الثقافة الجزائرية، ليأتي الدور اليوم على الجيل الشاب ليحمل المشعل ويبذل ما في وسعه لإعادة الشعر الجزائري إلى الواجهة بعد ضياع عاشه في سنوات ماضية.
ولا ننسى العصر الذي نعيشه، عصر من الصعب أن يبقى فيه الشعر حيا في ظل العولمة الجارفة لخصوصيات ومميزات العالم العربي، عصر يميّزه صراع بين جيل قديم وجيل جديد، عصر أصبحت المادة والجاه والربح السريع أكبر همّ فيه، عصر أصبح يستوجب فيه توليد أعمال جادة تتربّع على كل أنواع الجماليات والإبداع الذي من شأنه إعادة الجمهور إلى عالم القافية والكلمة المعبّرة، وهنا علينا إدراك وجوب الابتعاد عن إعادة نسخ أعمال كبار الشعراء، وهذا ليس تقليلا من شأنهم أو انتاجاتهم، فعلى العكس فالفضل كله لهم في التعريف بثقافتهم، لكن على الشعراء الشباب إعطاء بصمة خاصة لكتابات هذا العصر بما يتماشى معه، هذا الشيء الذي يكون بالاهتمام بهم دون قطيعة مع الماضي، هذا الشباب الذي وجد التكنولوجيا الحديثة أكبر مشجّع له، وربما هذا الشيء فرض عليه الحصار من طرف الجيل القديم، لتبقى في الأخير الكلمة المعبّرة والكتابة الراقية الجادة والحامية لهويّتها وثقافتها هي الفاصل بين الأسماء.
القصيدة الراقية هي الفاصل..
سميرة لخذاري
01
جوان
2013
شوهد:806 مرة