دوامة الأمن في الساحل

حمزة محصول
27 ماي 2013

عاد نشاط الجماعات الإرهابية في الساحل الإفريقي إلى الواجهة، بعد التفجيرين الانتحاريين في شمال النيجر، واللذان أثبتا بما لا يدع مجالا الشك أن سرطان الإرهاب قد استقر في المنطقة برؤوس وفروع متعددة، لن يكون استئصالها بالأمر الهين، في ظل تشابك النوايا والمصالح.
كانت تحذيرات خبراء الشأن الأمني، من تدخل عسكري فرنسي في مالي، تصب مجملها في تفادي إعطاء المجموعات الإرهابية مبررات تكثيف نشاطها والتأثير على عقول شباب وتجنيدهم في صفوفها لمحاربة الغاصب المحتل، بينما رأت السلطات المركزية في مالي أن  خوض حرب شاملة يقودها الجيش الفرنسي مدعوما بقوات إفريقية، حلا وحيدا للقضاء على الإرهاب واسترجاع كامل سيادتها.
صحيح أن استخدام القوة العسكرية في مدن الشمال، مكّن من طرد الإرهاب وأعاد علم الجمهورية المالية إلى مختلف المؤسسات المدنية ماعدا مدينة كيدال، لكنه لم يقضي على تواجده في الساحل الإفريقي الذي يمتد إلى دول الجوار ويهدد أمنها القومي بهجمات متفرقة وعشوائية، تبحث عن الهالة الإعلامية وتحاول إعادة الأمن إلى نقطة الصفر، بعد تصريحات الرسميين الفرنسيين والماليين التي أفادت أن الوضع مستقر ومتحكم فيه، ولم يبق سوى إجراء انتخابات رئاسية تنهي المرحلة الانتقالية وتنصّب نظاما شرعيا.
وإذا كانت السلطات الانتقالية لباماكو لا يهمها إلا إعادة بسط الأمن فوق كافة قطرها الوطني، بسلاح وجنود فرنسيين مقابل أولوية استغلال الموارد الأولية، فإن فرنسا مهتمة بالأمن ومحاربة الإرهاب في كامل منطقة الساحل، وقال الرئيس فرنسوا هولاند في ندوته الصحفية الأخيرة “انسحابنا من مالي لا يعني انسحابنا من الساحل” وبرّر الاستمرار بالتواجد في المنطقة بمراقبة الأخطار ودعم وتكوين الجيوش الإفريقية، وهو كلام لا يختلف عما قاله قبل التدخل المباشر يوم 11 جانفي الماضي.
فارتفاع الخطر الإرهابي وضعف الجيوش الإفريقية، يمثلان الذريعة الأنسب للتدخل في المنطقة من أجل حماية المصالح الحيوية التي تتمثل في اليورانيوم والبترول والغاز،  سواء الجاري استغلالها أو الاحتياطات الهائلة الموجودة تحت الأرض، ومعروف أن تعطل منشآت شركة أريفا بالنيجر بسبب أي هجوم إرهابي سيقطع الكهرباء عن 75 بالمائة من البيوت الفرنسية.
لذلك سارت باريس على خطى واشنطن، وتعمل على تأمين مصالحها بواسطة جيوشها بدل جيش الدول الأخرى المعنية، التي تدفع ضريبة الاعتداءات الإرهابية.
وتفيد التجارب أن أي هجوم إرهابي يرتبط ببروز مصالح ونوايا تحركها الدول الغربية، فمنذ أن جهرت أمريكا بنيتها في إنشاء قاعدة أفريكوم ارتفع خطر الجماعات الإرهابية إلى أضعاف. وتزامن ذلك مع بروز حاجة فرنسا إلى موارد جديدة لتحريك اقتصادها الذي تنخره أزمة خانقة ومن مصلحتها اليوم وقوع تفجيرات واعتداءات انتحارية في المنطقة لترسيخ وتثبيت تواجدها على مدى سنوات طويلة.

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19630

العدد 19630

السبت 23 نوفمبر 2024
العدد 19629

العدد 19629

الجمعة 22 نوفمبر 2024
العدد 19628

العدد 19628

الأربعاء 20 نوفمبر 2024
العدد 19627

العدد 19627

الثلاثاء 19 نوفمبر 2024