أخرجت البرامج الاستثمارية العمومية التي سطرتها الدولة المؤسسات الصناعية إلى الضوء لتبين استمرار ظاهرة الندرة في بعض الفروع الإنتاجية، والعجز في أخرى،مما استدعى دق ناقوس الخطر واستنفار الهمم لتدارك الموقف في ظل توفر كافة العوامل التي تسمح بتحقيق الأهداف المسطرة ضمن ورقة الطريق للتنمية الشاملة.
وتسلط الأضواء على قطاع صناعة الإسمنت لاعتباره حجر الزاوية في مسار البناء والانجاز، خاصة بعد أن تبين وجود عجز في العرض بالمقارنة مع الحجم الكبير للطلب بفضل قوة البرامج التنموية التي حولت كافة أرجاء البلاد إلى ورشات مفتوحة بطموحات غير مسبوقة يتقدمها قطاعا السكن والمنشآت القاعدية، لتتحول معها مادة الإسمنت إلى مادة ثمينة التهبت أسعارها بشكل يثير الانشغال والقلق لدى المؤسسات، ولكن أيضا عند المكلفين بالبرامج الضخمة.
وبالموازاة، دخل المضاربون على الخط بنهم، مستفيدين من حالة فراغ للرقابة من جهة، وتواطؤ جانب من المقاولين والمؤسسات التي تستفيد من معاملة تفضيلية على مستوى مصانع الإنتاج من خلال نظام الحصص الذي يعول عليه في مواجهة الوضعية القائمة، إلى حين الانتهاء من إجراءات ضبط عملية استيراد كبيرة للإسمنت في شهر جوان القادم من أجل تموين منتظم للسوق ولكن أيضا لكسر شوكة السوق السوداء التي تعد بمثابة شوكة في حلق المنظومة الاقتصادية.
وإذا كان الوضع الراهن لقطاع صناعة الإسمنت يخضع لمعادلة غير متوازنة، قد تكون مبررة بفعل قوة الطموح وقلة الإمكانيات المناسبة، فإن الالتزام بالبرامج الاستثمارية المعلنة من وزير الصناعة لانجاز عدد من المصانع الجديدة وتأهيل أخرى لتعزيز قدراتها الإنتاجية، مسألة لا تقبل الجدل أو التهاون، ومن ثمة فإن متابعة تلك البرامج أمر ضروري لتكون سنة 2017 موعدا لبناء معادلة متوازنة تضمن وضوح الأفق الاستثماري.
والى أن يحين ذلك، لا يمكن ترك الأوضاع في هذا القطاع الحيوي عرضة لممارسات هي خلاصة لفساد اقتصادي وتجاري يجب اجتثاثه بمضاعفة آليات الرقابة على الإنتاج والتوزيع، ذلك أن الإسمنت مادة إستراتيجية ترتبط مباشرة بمسار البناء الوطني الشامل المتعلق بمستقبل أجيال بكاملها، ومن ثمة تصنيف التلاعب بها بالغش أو المضاربة من طرف »تجار الأزمات« من مقاولين، وذوي النفوذ والوساطة على كافة المستويات، عمل يستوجب أن يعاقب عليه، من أجل حماية مصير برامج تجسد آمالا وطموحات مشروعة للمجموعة الوطنية قاطبة.
كلمة العدد
ناقوس الخطر!
سعيد بن عياد
17
ماي
2013
شوهد:807 مرة