نشرت السلطات الفرنسية في ٢٩ أفريل المنصرم، الكتاب الأبيض للدفاع والأمن، المحدّد للتوجهات الكبرى للسياسة الدفاعية والاستراتيجية العسكرية المستقبلية لفرنسا. وركّز المنشور الذي يصدر للمرة الرابعة منذ ١٩٧٢، على خفض الميزانية الحربية وتأمين مناطق النفوذ .
ويختلف كتاب هذه السنة عن سابقه الصادر سنة ٢٠٠٨، في تخصيصه حيّزا هاما من صفحاته الـ ١٦٠، لسبل حماية المصالح الفرنسية في القارة الافريقية من التهديدات الأمنية المتصاعدة، ورأى واضعوه تعزيز القواعد العسكرية الموجودة حاليا في ٨ بلدان هي: الكاميرون، السنغال، جزر القمر، جيبوتي، طوغو، إفريقيا الوسطى، كوت ديفوار، الغابون، ضمن ما تسمّيه باتفاقيات التعاون والشراكة الأمنية، من أجل القيام برد فعل استباقي حين تقتضي الضرورة، وأعطوا المثال بالتدخل العسكري الأخير، مالي الذي جاء في التوقيت المناسب بفضل الطائرات الحربية المتواجدة في قاعدة ايبروفي بالتشاد.
ووضع القرن الافريقي الساحل الصحراوي وغرب إفريقيا كمناطق نفوذ أولية، تفرض عليها التعامل بحذر شديد مع المخاطر الأمنية بالتنسيق مع الدول المعنية. وستعرف استراتيجيتها الأمنية القادمة تغيرا يستدعي الانتقال من التدخلات المباشرة، إلى وضع قوات إفريقية في المقدمة من أجل خفض ميزانيتها.
لقد حسمت فرنسا إذن أمرها في إبقاء قواعدها العسكرية لمراقبة إفريقيا بعد الأخبار التي تردّدت في السنتين الماضيتين عن احتمال إغلاق بعضها وخفض عدد القوات، لكنها استدركت الموقف وعاد إصرارها على الظفر بالسبق والأولوية في استغلال الموارد، وقطع الطريق أمام منافسيها سواء من البلدان الغربية أو الآسياوية التي ترى في القارة السمراء مستقبلا لتطوير نهضتها الاقتصادية. لكن السلطات الفرنسية عوّدت الأفارقة دائما على لعب الأدوار المشبوهة، بالتدخل في الشؤون الداخلية وإعداد الملفات السرية عن أنظمة الحكم ومعارضيها، والتخلي المفاجئ عن حلفائها من رجال السياسة بما تراه مناسبا لمصالحها، ولا تأبه أبدا بمعاناة الآخرين.
الكتاب الأبيض
حمزة محصول
05
ماي
2013
شوهد:1034 مرة