اهتزت أركان العرش الملكي بالمغرب وأطلقت صفارات الإنذار في كل الاتجاهات، واستنفرت السلطات بمختلف مستوياتها.. وانتهى الموضوع باجتماع طارئ عقده كبار مستشاري الملك محمد السادس جمعوا فيه رئيس الحكومة وكافة زعماء ورؤساء الأحزاب السياسية الموالية وحتى ما يسمى بالمعارضة.
الاجتماع دُعِيَ إليه عِلْية القوم وفتحت له أبواب الديوان الملكي الذهبية للنظر في خبر جهينة الذي يؤكد أن واشنطن تقدمت رسميا إلى أعضاء مجلس الأمن الدولي ومجموعة ''أصدقاء الصحراء الغربية'' بمسودة قرار يتضمن تكليف قوات المينورسو بمراقبة وضعية حقوق الإنسان في الصحراء الغربية.. المسودة ستعرض للنقاش الإثنين المقبل على أن يتم التصويت عليها في نهاية الأسبوع المقبل.
إن توسيع صلاحيات المينورسو وتمكينها من مراقبة حقوق الإنسان في الصحراء الغربية والتقرير عنها لمجلس الأمن يعني بشكل واضح سلطة أخرى غير سلطة المملكة المغربية، ويعني أيضا فتح باب المنطقة على مصراعيه أمام زيارات المنظمات الحقوقية والإنسانية، فهذه الخطوة تتجاوز كونها مجرد آلية أممية عادية، وقد تلقي بظلالها على مستقبل النزاع وآفاق التسوية، وتفرض نفسها كمحدد أساسي لطبيعة الحل في الصحراء الغربية.
موقف واشنطن هذا يحمل تطورا بارزا بالنظر للعلاقات الأمريكية المغربية المتينة، وهو يأتي في أعقاب تقرير الأمين العام الأممي بان كيمون يوم ٨ أفريل الجاري، حيث طالب في الفقرة الـ١١٦ منه بضرورة مراقبة وضعية حقوق الإنسان.
غير أن العارفين بخلفيات وخبايا النزاع الصحراوي يدركون أن ذهاب وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون جعل المغرب يفقد حليفا قويا داخل الإدارة الأمريكية، وفي المقابل يشكل مجيء كيري ضربة قاصمة لموقف الرباط، فهو الذي وقع سنة ٢٠٠١ رفقة مجموعة من أعضاء الكونغرس رسالة إلى الرئيس بوش ووزير خارجيته كولن باول تطالب الإدارة الأمريكية بضرورة تأييد مبدأ تقرير المصير في الصحراء.
كما أنهم واعون أكثر من غيرهم بأن مجرد تفكير واشنطن في دعم مطلب البوليزاريو يشكل نكسة للموقف المغربي، ويبقى تخوف المملكة الأكبر يكمن في إمكانية أن يتطور الموقف ليشمل تغيرا فارقا من مسألة الوضع النهائي للصحراء الغربية المحتلة.
ورغم أن الموقف يخص واشنطن ويتعلق بالقضية الصحراوية ومآل الفصل فيه هو المنظمة الأممية إلا أن مصطفى الخلفي وزير الاتصال الناطق الرسمي باسم الحكومة المغربية، وفي محاولة لتحويل الأنظار كعهد الرباط دائما، تهجم على من أسماهم بـ ''الخصوم'' ويقصد بهم الجارة طبعا، وحمّلها مسؤولية قرار اتخذته أقوى دولة في العالم.
لذلك علينا دائما الدفاع عن الحقيقة..
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.