تفاجأنا في نهاية مارس الماضي عندما أعلن الصومال الشقيق، هذا البلد الفقير الواقع في أقصى القرن الإفريقي، والذي يئن تحت وطأة المجاعة والإرهاب، اعتماده تقنية الجيل الثالث ''G3'' في مجال الهاتف النقال، فيما لا تزال الجزائر تؤجل ذلك منذ سنوات.
آخر موعد قدمه الوزير المكلف بالقطاع منذ أيام هو نهاية الشهر الجاري.. وقد تجرعنا ذلك على مضض بالنظر لإمكانيات البلاد المادية والبشرية التي تسمح لها باستعمال هذا النظام منذ سنوات، غير أن ما حزّ في نفوسنا وجعلنا نشعر بالإهانة فعلا هو الكشف عن حلول الجزائر في المرتبة الـ١٣١ عالميا في مجال استعمال تكنولوجيات الإعلام والاتصال!.
التقديرات الحالية تشير إلى أن الجزائر تخسر، جراء تأخرها في استعمال هذه التقنية، حوالي ٠٢ مليار دولار سنويا! الرقم ضخم حقيقة لكنه يبدو غير بعيد عن الحقيقة، فهذه التقنية أضحت تشكل محركا هاما للنمو الاقتصادي حيث توفر للمواطن الاستفادة من مختلف الخدمات وهو في بيته، وتُمَكِّن بالتالي من اقتصاد الوقت والتحفيف من أزمة النقل، وتقليص استعمال الطاقة، وحلحلة معضلة البيروقراطية الإدارية.. وحتى تفادي الانعكاسات السلبية لهذه الصعوبات على الصحة العمومية وسلامة البيئة.
الانتقال إلى استعمال تقنية الجيل الثالث لا يتطلب إقامة تجهيزات تقنية خاصة فهو يتم بمجرد اتخاذ القرار والضغط على زر في التجهيزات الحالية، ورغم أننا نعلم ونعي أن لهذا التأخر مبررات موضوعية تستدعيها ضرورة توفير حماية للمتعامل التاريخي من أجل المحافظة على مناصب الشغل وأسباب أخرى تدخل في نطاق المصلحة العليا للوطن، غير أن كل ذلك يفرض على الحكومة الوفاء به دون تعطيل مسيرة النمو الوطنية، وفي الوقت نفسه ضمان مراقبة وتنظيم السوق الوطنية بفعالية.
الابتكارات الحديثة المتسارعة التي يشهدها باستمرار قطاع تكنولوجيات الإعلام والاتصال تجعل الخبراء ينصحون بالانتقال مباشرة إلى تقنية الجيل الرابع ''G4'' من أجل تدارك التأخر وربح الوقت، بما أن المرور على الجيل الثالث ليس شرطا من الناحية التقنية، زيادة على أنه لا يوجد فرق في سرعة التدفق بين النظامين.
ويبقى من المبكي المضحك أننا وفي خضم إثارة هذا النقاش الحساس الذي يتزامن مع تطور هائل يشهده الاقتصاد الإلكتروني عبر العالم، وعشية الانتقال إلى استخدام نظام الجيل الثالث في بلادنا، لا نزال نعتمد نصوصا تنظيمية بالية، حيث أن القانون المنظم لقطاع تكنولوجيات الإعلام والاتصال لا يتضمن أدنى إشارة إلى كلمة ''إنترنت''، ويواصل تنظيم استعمال ''التيليغراف'' و''التليكس'' و''الفاكس''!..
لذلك علينا دائما الدفاع عن الحقيقة..
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.