شكّل منتدى الاستثمار والأعمال الإفريقي بالجزائر تحوّلا نوعيا في بناء جسور التبادل مع أسواق القارة السّمراء، التي تحوّلت خاصة خلال العشرية الأخيرة إلى وجهة تتنافس عليها الشركات القوية في أمريكا والصين وأوربا بالنظر لجاذبيتها وتحسن القدرة الشرائية خاصة في جنوب إفريقيا وبلدان غرب إفريقيا من جانب ووفرة المواد الأولية بأسعار تنافسية من جانب آخر.
وينتظر أن تظهر أولى النتائج في المدى القريب والمتوسط من خلال عدد من الصفقات والمشاريع التي تحقّقت، وبروتوكولات اتفاق يجب أن يحرص أصحابها على تجسيدها ضمن الأهداف الوطنية الكبرى التي تم تسطيرها على مستوى بناء قدرات جزائرية للتصدير نحو مختلف الوجهات من القارة الإفريقية.
وراهنت الجزائر منذ سنوات على السوق الإفريقية، فجنّدت لذلك الإمكانيات وحشدت الطّاقات لتأسيس التحول برؤية إستراتيجية رسمها الرئيس بوتفليقة لتكون جسرا يقود إلى أفق واسع تكون فيه للمؤسسة الجزائرية مكانة جديرة تتطلب الرفع من الإنتاج والتحسين المستمر للجودة والتحكم في تركيبة الأسعار وفقا لمعيار التنافسية.
وكانت للدبلوماسية الاقتصادية الجزائرية بصمتها في هذا الموعد، الذي يتطلب في المستقبل تاطيرا تنظيميا أكثر دقة وتحكما متينا في أشغاله تصنف فيها المصلحة الوطنية لاقتصاد الجزائري والمؤسسات المحلية الحلقة الجوهرية.
ولرفع تحدي المرحلة الجديدة لإقامة اقتصاد إنتاجي ومتنوع يعبر إلى العالمية من البوابة الإفريقية تركزت الجهود التي سخرتها الدولة حول الرقي بمركز المتعاملين الجزائريين ومؤسساتهم ليكونوا في صميم الموعد كطرف فاعل في السوق، خاصة وأن كافة شروط الانطلاقة متوفرة بما في ذلك المرافقة الدبلوماسية.
ويرتقب أن تمر هذه الأخيرة في المدى القريب إلى سرعة أكثر نجاعة للدفع بالإنتاج الجزائري إلى مراكز متقدمة في أسواق القارة السمراء، شريطة أن تكون المؤسسة الإنتاجية والمتعامل الاقتصادي على درجة كبيرة من الاحترافية في الأداء على صعيد الدورة الإنتاجية من جهة وعلى صعيد التسويق الخارجي من جهة أخرى.
ولا ينبغي الاعتقاد أن التسويق إلى الخارج مسألة بسيطة أو في المتناول، بل هي عملية تتطلب الجدية والمبادرة الخلاقة ضمن إطار الاقتصاد الوطني ممّا يتطلب التزام قواعد انضباطية في تحديد الوجهة وامتلاك القدرة التفاوضية من خلال التحكم في المعطيات وقوة تحليلها مع رؤية استشرافية لا مجال فيها لأي ارتجال أو حرق للمراحل.
إنّ وراء أي نشاط اقتصادي بهذا الحجم والطّموح قرار سياسي يؤسّس له الأرضية ويعطيه المصداقية والحماية، وليس بالأمر الجديد ما تتمتّع به مثلا الشركات القوية في العالم المستفيدة من دعم دولها لكن الملتزمة أيضا بالمساهمة في تحقيق الأهداف الإستراتيجية المحددة، ويتحقق في تلك الحالة المثل القائل «كل طرف يقوم بما على عاتقه» ليتحقق الهدف الأكبر.
سعيد ــ ب