لعل التفوّق الشبابي الجزائري الملفت في المسابقات والبرامج العربية والعالمية لاكتشاف المواهب، هو إشارة واضحة بأن الجزائر تتوفر على خزان بشري متميز، وثروة شبانية لها من الإمكانيات ما يجعلها تظهر على خارطة الإبداع الوطني والدولي، وتساهم في خدمة البلد وتطويره في جميع المجالات.
هذا البروز الملحوظ جعل الأشقاء والأصدقاء ينبهرون بهذا العطاء العلمي والفكري والمعرفي الشبابي الجزائري، واعترفوا بقيمة وكفاءة أبناء البلد، وثمنوا ملكة الإبداع وطاقة الاختراع عندهم، وبحثهم وجهدهم الدائم من أجل التميّز وخدمة الإنسان وتشريف الراية الوطنية.
التفوّق هذه المرة لم يكن كرويا أو غنائيا كما تعودنا عليه مؤخرا، بل كان علميا ومعرفيا وتربويا جاء في شهر الثوار نوفمبر، صنعه كل من المخترع عبد الرحيم بورويس، الفائز بالجائزة الثانية في برنامج «نجوم العلوم»، نظير اختراعه قميص ذكي للمصابين بالتوّحد، وكذا فوز عشرة طلبة من معهد الهندسة الكهربائية والإلكترونيك بإحدى جوائز «إنجاز العرب» للمشاريع الشبانية، والنابغة الطفل محمد عبد الله فرح الذي حصل على المركز الأول في المنافسة العربية «تحدي القراءة»، والزهراء هني المتوجة بالمرتبة الأولى في مسابقة دبي الدولية للقرآن الكريم...
هذه التتويجات وغيرها بقدر ما جعلتنا نفتخر ونعتز بها كجزائريين، بقدر ما فتحت أكثر من علامات الاستفهام حول مدى الرعاية التي يجدها أمثال هؤلاء المبدعين في وطنهم حاضرا ومستقبلا، وكيف يمكن الاستثمار في قدراتهم، وهم الذين تتلمذوا بمدارس ومعاهد وجامعات الوطن. فهؤلاء «النوابغ» قد تظفر بهم دول أجنبية، أو قد تنطفئ شعلتهم ويخفى بريقهم وتتعطل طاقاتهم إن لم يحظوا بالدعم والاهتمام.
كما يطرح هذا التفوّق تساؤلات عدة عن سبب غياب مسابقات وبرامج اكتشاف المواهب بالقنوات التلفزيونية الوطنية العامة والخاصة، على شاكلة ما هو موجود في كثير من الدول، التي من شأنها المساهمة في خلق التنافس الشريف بين الشباب، وإبراز وإظهار «خزائنهم» المعرفية والعلمية، تبعث فيهم روح الإصرار والإبداع، وتعطيهم الأمل في تحقيق طموحاتهم وأحلامهم، تنسينا نوعا ما في تنافس «الجلد المنفوخ» الذي جلب المهازل والمآسي والعنف، وتبعدنا عن تنافس الغناء الهابط الذي يصم الآذان ويسمم العقول كل موسم.
مواهب شابة
محمد مغلاوي
05
ديسمبر
2016
شوهد:379 مرة