لبنان...أخيرا تنتصر المصلحة الوطنية على أجندات الخارج

أمين بلعمري
25 أكتوير 2016

إنّ الانفراج السياسي في لبنان بات في حكم المؤكّد بعد ظهور توافق بين الفاعلين في المشهد السياسي اللبناني على شخصية أصبحت محل إجماع لتوليها منصب رئاسة الجمهورية اللبنانية، ويتعلّق الأمر بالعماد ميشال عون الذي لم يعترض على ترشيحه هذه المرة تيار المستقبل بقيادة سعد الحريري، كما لم يبد حزب الله اللبناني بالمقابل اعتراضه على تولي الحريري لمنصب رئاسة الحكومة.
إنّ الشّلل الكلي الذي خيّم على الحياة السياسية في لبنان بسبب شغور منصب الرئيس سيتلاشى تدريجيا كما يبدو بمجرد انتخاب البرلمان للرئيس الجديد، فالجمود الذي عمّر طويلا بسبب فشل البرلمان اللبناني خلال 45 جلسة في انتخاب رئيس جديد - لعدم اكتمال النصاب القانونية - بسبب غياب ممثلي الكتل، وإن كان يوحي بعمق الخلافات السياسية فإنّ التوافق الأخير يوحي بأنّ هذا الوضع لم يعد يخدم أحدا، فاللّبنانيون أدركوا أن التوافقات الغائبة بين مختلف الفاعلين في المشهد اللبناني ما هي إلا انعكاس لتنافس قوى خارجية.
إنّ الوضع السياسي لم يعد يحتمل المزيد من الجمود، فالشّعب اللبناني لم يعد اليوم يهمّه سياسات المحاصصة الطّائفية والتّسويات السياسية بقدر انشغاله بالأوضاع التي آلت إليها البلاد بسبب أزمة الرئاسة اللبنانية، وفشل الحكومة في تسيير الاحتياجات اليومية للمواطن اللبناني، خاصة وأن أقل الحاجيات وأكثرها ضرورة لم تعد في المتناول، فمن منّا لا يتذكّر أزمة القمامة التي تكدّست في شوارع وزقاق بيروت؟ التي طفح بسببها الكيل وأخرجت اللبنانيين إلى الشارع وسرعت ظهور الحركة الشبابية «طلعت ريحتكم» في اتهام مباشر للطبقة السياسية اللبنانية بالفشل، وعدم القدرة على الاستجابة إلى تطلعات الشعب اللبناني، سيما في ظل ظرف إقليمي صعب ومعقّد بسبب الأزمة السورية التي ألقت بظلالها على المشهد اللبناني عبر سلسلة التفجيرات والاشتباكات المسلّحة التي شهدتها مختلف مناطق البلاد.
في الأخير إنه من الإنصاف القول إنّ الأزمة الرّئاسية اللبنانية وما ترتّب عنها من انسداد سياسي على مدار حوالي ثلاث سنوات، فإن هناك نقطة تحسب للبنانيين الذين استطاعوا اجتياز هذه المرحلة العصيبة دون العودة إلى المواجهة والاقتتال من جديد، خاصة وأنّ الكثير راهن على هذا السيناريو الكارثي كما راهن آخرون على تحوّل لبنان إلى ساحة مواجهة ملحقة بالحرب الدائرة في سوريا ولكن ذلك لم يحدث كذلك، وهذا ما يوحي بالنّضج السياسي الذي أصبح لدى اللبنانيين رسّخته 15 سنة من حرب أهلية طاحنة مازالت مظاهرها بادية للعيان إلى اليوم، وما الأزمة الأخيرة التي عرفها لبنان إلا اختبارا حقيقيا لمستوى التعايش، كما أنّ التوافق الذي حصل على اسم رئيس الدولة اللبنانية إلاّ تأكيد على أنّ المواجهة لم تعد الخيار المفضّل لدى اللبنانيين، وهذا مهما كانت الاختلافات عميقة ومتشعّبة.

 

 

 

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19630

العدد 19630

السبت 23 نوفمبر 2024
العدد 19629

العدد 19629

الجمعة 22 نوفمبر 2024
العدد 19628

العدد 19628

الأربعاء 20 نوفمبر 2024
العدد 19627

العدد 19627

الثلاثاء 19 نوفمبر 2024